الأربعاء 2018/10/03

آخر تحديث: 18:05 (بيروت)

اسرائيل وصواريخ "حزب الله".. ساعة الصفر بدأت قبل أشهر

الأربعاء 2018/10/03
اسرائيل وصواريخ "حزب الله".. ساعة الصفر بدأت قبل أشهر
في الاعلام الاسرائيلي.. تشكيك في أصل الرواية
increase حجم الخط decrease
كما هو متوقع، لم تلجم الجولة التي نظمها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لسفراء اجانب قرب مطار بيروت الدولي، الدعاية الإسرائيلية التي اطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش الجمعية العمومية في نيويورك، الخميس الماضي، والتي زعم فيها وجود موقع لإنتاج صواريخ بالغة الدقة لصالح حزب الله وآخر لتخزينها، قبل أن تنتشر خرائط الجيش الإسرائيلي الداعمة لتصريحات نتنياهو في الإعلام كالنار في الهشيم.

والواقع، أنه من خلال تتبع "المدن" لأرشيف ما صدر في الصحافة الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية، يتضح أن ساعة الصفر لتصاريح تل ابيب حول مصانع صواريخ حزب الله لم تبدأ في خطاب نتيناهو بالأمم المتحدة، كما يعتقد كثر. فقد أشار إلى الموضوع، المحلل العسكري لصحيفة "معاريف" اليكس فيشمان، في مقال تحليلي له نهاية يناير/كانون الثاني، إذ قال إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعرف منذ وقت طويل مخططات إيران ونواياها المتمثلة ببناء مصانع للصواريخ الدقيقة من أجل حزب الله. ويضيف: "لهذا تسارعت هذه النوايا بصورة خاصة في اعقاب التطورات السورية".

وتحدثت وسائل إعلامية إسرائيلية أخرى قبل أشهر، عن محاولات حزب الله لإنشاء مصنع لإنتاج صواريخ دقيقة برؤوس متفجرة، وذلك في ظل المصاعب اللوجستية في وصول هذه الصواريخ من ايران مروراً بسوريا فلبنان، جراء استهداف اسرائيل المكثف لأي شحنات أسلحة وهي في طريقها براً إلى الدولة اللبنانية، أكثر من مرة، خلال السنوات الأخيرة، وفقاً للتصاريح الرسمية الإسرائيلية.

ولهذا، فقد بدت ذاكرة الإعلام المحلي وكذلك الدولي قصيرة، عندما تعاملت مع خطاب نتنياهو بشأن صواريخ حزب الله، على أساس أنه جديد، فيما المفارقة الفعلية أن نتنياهو قرر أن تكون "الحفلة الإعلامية" عبر منصة الأمم المتحدة وفي توقيت ظرفي يتزامن مع أزمة روسية-إسرائيلية، اثر اسقاط الطائرة الروسية قبالة الشواطئ السورية، ليحاول أن يقول "كل ما نقوم به فقط من أجل أمننا".

بيدَ أن الادعاء الإسرائيلي يشوبه الكثير من علامات الإستفهام من الناحية العسكرية وكذلك الإعلامية، بحسب ما ورد في مداولات واسئلة تلت النقاش حول اسلحة حزب الله. لماذا تسارع تل أبيب للتباهي بامتلاكها المعلومات "المهمة" عن مصانع ومخازن حزب الله للصواريخ، وتكشفها، في حين أن ذلك سيدفع الحزب إلى تغيير مكانها، فتخسر تل أبيب حلقة التتبع الإستخباراتي لما يجري على هذا الصعيد!.. ثم ما دامت تل ابيب تعرف مسبقاً بأن الحزب سيغير مكانها في غضون ثلاثة أيام- كما تدعي- لماذا لم تحافظ على سريتها لتكون ضمن "بنك الأهداف" في أي مواجهة مقبلة؟!

عند طرح أسئلة من هذا القبيل، يتضح أن ما نشرته إسرائيل حول حزب الله- بغض النظر عن مدى صحته ودقته- يبين أن الهدف هو إثارة ضجة إعلامية كبيرة لتحقيق هدف سياسي مزدوج أكثر من تحقيق غاية أمنية أو عسكرية.

ويتمثل الهدف السياسي المزدوج ببلورة مزيد من الإجراءات التي تفرض حصاراً اقليمياً ودولياً مُطبقاً على حزب الله وعزله من ناحية، ولشرعنة التحركات العسكرية التي تنفذها إسرائيل عبر طائراتها التي تخترق بشكل مستمر سماء لبنان وسوريا، من باب أن "حماية الأمن الإسرائيلي يتطلب التحرك الدائم".

ويبدو أن إسرائيل تُقر ضمناً بأن الأسئلة هذه تنخر في جدية وصدقية الدعاية الإسرائيلية، إذ صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرومان، في حديث إذاعي صباح الثلاثاء، بأن "جيشه يمتلك معلومات أخرى عن مصانع الصواريخ الإيرانية في لبنان، وأنه سيتم الكشف عنها لاحقاً".

ولعل مضمون تصريح ليبرمان يكشف خطة إسرائيل التي تستهدف الكشف المستمر للمعلومات عن انشطة حزب الله، سواء في لبنان او سوريا، أو اي من الساحات الخارجية. وهذا يشكل دليلاً آخر على أن إسرائيل ليست في وارد شن حرب قريبة على لبنان، على الأقل في هذه المرحلة.

وذكرت صحيفة "هآرتس" قبل أيام، أن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت، أوعز بإقامة لجنة خاصة للتحقق من مدى جهوزية الجيش لخوض حرب مقبلة، على أن تُقدم تقريرها الأولي في هذا الشأن إلى آيزنكوت في غضون 45 يوماً. وخطوة أيزنكوت تلك، جاءت في إثر الانتقادات الصادرة عن مفوض شكاوى الجنود، اللواء احتياط يتسحاق بريك، والذي انتقد بشدة قبل أسابيع نشاط سلاح البرّ في الجيش الإسرائيلي، وهاجم سياسة الجيش الخاصة بقوات هذا السلاح.

غير أنّ اللغة الإعلامية لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي كان فيها شيء من المُكابرة، حينما قال إنه "مطمئن إلى أن جهوزية الجيش لخوض أي حرب وتحقيق النصر فيها ما زالت عالية، لكنه يرى أنه من الأهمية بمكان درس انتقادات تُوجّه في هذا الخصوص بشكل مهني وبوسائل الرقابة العميقة المتوفرة لدى الجيش".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها