الإثنين 2018/10/15

آخر تحديث: 19:52 (بيروت)

"لا لقانون الضمان الاجتماعي":فلسطينيون يحتجون والسلطة تخوّنهم!

الإثنين 2018/10/15
increase حجم الخط decrease
بعد أيام على انفجار قضية تسريب وبيع عقار في القدس العتيقة لصالح المستوطنين، واستحواذها على المزاج العام لمنشورات الفلسطينيين في مواقع التواصل الإجتماعي، جاء الجدل والنقاش المجتمعي حيال قانون "الضمان الاجتماعي" الفلسطيني المثير للجدل ليتصدر "فايسبوك" بلا منازع، منذ مطلع اكتوبر/تشرين الأول الجاري، كما هو حال وسائل الإعلام الأخرى في الضفة الغربية.

لكن الحكاية لم تتوقف عند الجدل والنقاش الحاصلين ضد القانون في مواقع التواصل، وهو ما لم يرُق للحكومة إطلاقاً، فكان ما بعدها المضحك المُبكي، حينما دخلت وزارة الإعلام الفلسطينية على الخط وأصدرت تعميماً قبل أيام وصل المحطات الإذاعية في الضفة لمطالبتها بالوقوف في صف القيادة "التي تتعرض لمؤامرة وضغوط دولية" عندما تتناول قضية "التضامن". 

هي صيغةٌ حاولت السلطة من خلالها أن تضع المعارضين للقانون في مصاف "المتؤامرين" و"أصحاب الأجندات"، بل والواقفين إلى جانب الإحتلال.

لكن الإعلامية نجوى الحمدان ردت على هذه الإتهامات بمنشور في صفحتها الفايسبوكية، قائلة: "على فكرة: الدفاع عن حقوق المواطن المشروعة اليوم وفي المستقبل لا تقل اهمية عن مقارعة المحتل والدفاع عن الوطن".

والواقع، أن محاولة السلطة بمختلف الطرق سواء بعمل حلقات تلفزيونية لتجميل القانون بصفته أفضل صيغة تم الوصول إليها بعد خضوعه للعديد من التعديلات منذ العام 2016، بالتوازي مع استدعات أجهزة الأمن لصحافيين وناشطين مثل ايهاب الجريري وفادي العاروري، لم تلجم الحراك المتنامي ضد قانون الضمان بصيغته الإجبارية والحالية، بوصفه ظالماً لحقوق العاملين. فلقيت صفحة "ضد قانون الضمان بصيغته الإجبارية" تفاعلاً من العديد من الناشطين وتولت قيادة التحشيد ضد القانون.

وجاء يوم الإثنين، ليثبت عدم جدوى كافة الوسائل التي اتبعتها السلطة للحيلولة دون خروج الآلاف من الموظفين والعاملين من مختلف محافظات الضفة للمشاركة في اعتصام وُصف بالكبير على دوار المنارة وسط رام الله. فغزت "فايسبوك" و"تويتر" صور وفيديوهات لهذا الاعتصام وما تخلله من هتافات من قبيل "لا للضمان".. "يابتعدلوه أو بتبدلونا".. و"ارحل يا مأمون"، في إشارة إلى وزير العمل مأمون ابو شهلا الذي يتصدر قائمة المدافعين عن القانون.

في المقابل، لوحظ تغير في خطاب وزارة العمل الفلسطينية في أعقاب اعتصام رام الله، حيث حاولت امتصاص الحراك، وقد عبر عن ذلك وكيل الوزارة سامر سلامة، عندما قال لـ"المدن": "الحراك مهم... لكن الحوار أهم. نحن عبرنا منذ اليوم الأول اننا لسنا ضد الحراك وهو مهم يعبر عن ديناميكية الشعب والتفاعل الايجابي مع ما يحدث من تطورات في البلد"، مُعرباً عن انفتاح الوزارة على الحراك وجاهزيتها للحوار مع كل الاطراف ذات العلاقة لتطوير منظومة "الضمان" في فلسطين.

وتابع سلامة "لا نعمل وفق منطق "عنزة ولو طارت"، مُبيناً أنه إذا أجمع المتحاورون على تأجيل تطبيق القانون لحين تعديله، فسيكون ذلك.  

وأياً كانت المواقف، فإن اعتصام رام الله شكل استفتاءً لأعداد الرافضين المتزايدة لتطبيق قانون "الضمان الإجتماعي" بصيغته الحالية الاجبارية، بدءاً من الشهر المقبل.

وقد سبقت الإعتصام في آخر ساعة، محاولات من قبل القائمين على قانون "الضمان الإجتماعي" لثني النشطاء والموظفين في القطاع الخاص عن النزول إلى الشارع عبر تقديم تطمينات بإمكانية التعديل. لكن موقعة اعتصام رام الله شكلت دفعة للرافضين للقانون، وهو الأمر الذي خشيت منه السلطة كونه سيجعل المحتجين يحتلون أعلى الشجرة. 

ورصدت "المدن" منشورات في "فايسبوك" تُثني على الإعتصام، من قبيل "العاملون في القطاع الخاص (هم اصحاب الشأن) قالوا كلمتهم".. ومنشور آخر اتسم بالثورية من صاحبه، عندما كتب: " المجد لمن قال لا... المجد لمن تمرد في وجه الظلم والظلام الدامس.. لا لما يسمى قانون الضمان الاجتماعي".
وبالرغم من أن الموضوع الذي خرج من أجله الفلسطينيون يعتبر اجتماعياً بامتياز، إلا أن السلطة الفلسطينية تخشى أي حراك احتجاجي كبير في قضايا نقابية ومجتمعية، من شأنها أن تفتح الباب امام علو الضغط الجماهيري ولمطالب ترتقى لمستويات سياسية لا تُحمد عُقباها.
ولهذا، يبدو أن الجهات الرسمية غير مرتاحة كثيراً لحالة الحراك هذا، فقد وصلت "المدن" أنباء عن محاولات جهات نقابية محسوبة على السلطة وحركة "فتح" لإخراج أعداد كبيرة من الداعمين لتطبيق قانون "الضمان الإجتماعي" خلال الأسبوع المقبل، رداً على الحراكيين المحتجين في رام الله. 

ولعل هذا الأسلوب استُخدم قبل نحو عامين لتفكيك إضراب المعلمين، واستخدمت السلطة- حينها- طرقاً ووسائل مختلفة بغية الإلتفاف على الإضراب ومطالبه، بالترافق مع حملات اعلامية اتهمت القائمين عليه "بأصحاب الأجندات الخارجية".



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها