الخميس 2017/10/05

آخر تحديث: 18:01 (بيروت)

السويد: إدانة جندي سوري ارتكب جرائم حرب بمساعدة "فايسبوك"

الخميس 2017/10/05
السويد: إدانة جندي سوري ارتكب جرائم حرب بمساعدة "فايسبوك"
جندي في الحرس الجمهوري السوري يعذب أحد المدنيين (فايسبوك)
increase حجم الخط decrease
لعبت السوشيال ميديا دور البطولة في إدانة أحد أعضاء جيش النظام السوري بارتكاب جريمة حرب، من قبل محكمة سويدية، إثر حصوله على حق اللجوء في الدولة الاسكندنافية قبل عدة أعوام، لكن ذلك لم يكن شافعاً له للهروب من جريمته، ونال حكماً بالسجن لمثانية أشهر إثر اتهامه بانتهاك الكرامة البشرية عبر التمثيل بجثة، علماً أنه مجرد جندي برتبة منخفضة.


وتشكل الحادثة سبقاً ليس فقط في تاريخ الحرب السورية الوحشية، بل أيضاً في استعمال السوشيال ميديا كدليل قابل للاستخدام في المحاكم الدولية من أجل ملاحقة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في البلاد من كافة الأطراف، وتحديداً من ناحية النظام السوري.

ورغم أن الحرب الأهلية في سوريا بدأت أصلاً قبل ست سنوات باتهامات للاستخبارات السورية وأجهزة الأمن السرية بارتكاب عمليات تعذيب ضد أطفال ومراهقين، وتصاعدت لاحقاً لتبلغ مستوى اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، عطفاً على عمليات القتل الجماعي المروعة التي قام بها النظام السوري ضد المدنيين، إلا أن نظام القانون الدولي فشل في محاكمة أي مسؤول سوري عن ذلك.

وبقدر ما تبدو الحقيقة السابقة محبطة بالنسبة لأولئك الذين يريدون محاكمة الرئيس السوري بشار الأسد، وكبار المسؤولين الآخرين في النظام بشأن جرائم أشد خطورة مثل استخدام الأسلحة الكيميائية، وقصف المستشفيات، واحتجاز وتعذيب عشرات الآلاف من الناس، إلا أن محاكمة الجندي السوري في السويد تعطي قليلاً من الأمل بهذا الصدد، حيث يراه خبراء خبراء قانونيون ومدافعون عن حقوق الإنسان بأنه أول إدانة في أي محكمة لشخصية ضمن النظام السوري لارتاكبه عدداً من الجرائم والانتهاكات في في الحرب متعددة الحروب، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

ويوفر الحكم اختباراً للكيفية التي يمكن بها استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق انتهاكات جرائم الحرب في سوريا، حيث وصل الجندي محمد عبد الله (32 عاماً) قبل ثلاث سنوات إلى السويد حيث رصده لاجئون سوريون آخرون من خلال مشاركاته في "فايسبوك" وربطوه بصورة قديمة كان قد نشرها في وقت سابق، والتي تظهره واقفاً على كومة من الجثث الملطخة بالدماءوهو يبتسم، واضعاً حذاءه فوق جثة واحدة.

ومع تلاشي الآمال في حدوث عملية انتقال سياسي يمكن أن تحقق محاسبة كاملة داخل البلاد، يقدم القرار بصيصاً من الأمل بأن المحاكم خارج سوريا يمكن أن تحتجز على الأقل بعض مجرمي الحرب المسؤولين عن مقتل حوالي نصف مليون شخص، في وقت بات فيه الأسد ضامناً لبقائه في السلطة، ما يعني أن هناك حاجة ملحة جديدة للبحث عن سبل أخرى لتوثيق جرائم الحرب والمعاقبة بشأنها، مع عدم قدرة المفتشين الدوليين والحقوقيين من دخول البلاد، حسبما يقول محامون سوريون ودوليون.

وشارك رامي حميدو، وهو محامي سوري لاجئ في السويد، المدعين المحليين في بناء القضية ضد الجندي، علماً أن المدعي العام السويدي هنريك أتوربس اتهم الجندي في البداية بقتل الأشخاص الظاهرين في الصورة، لكن المحكمة قضت بأن الصورة لم تثبت أن عبد الله كان القاتل فعلاً. لذلك قدم السيد أتوربس قضية ثانية، متهماً عبد الله بانتهاك كرامة الرجل الميت. وقال أتوربس في مقابلة هاتفية مع "نيويورك تايمز": "هناك واجب دولي للعمل على هذه الجرائم. يجب ألا تكون السويد ملاذاً آمناً لمجرمي الحرب".

وجاء هذا القرار بعد شهور من انتكاسة جهود ادعاء مماثلة في إسبانيا. ففي تموز/يوليو الماضي، رفضت محكمة هناك قضية اتهمت كبار المسؤولين السوريين بارتكاب جرائم حرب في وفاة رجل رصدت شقيقته جثته بين صور ضحايا التعذيب المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن قام أحد المنشقين عن النظام بتهريب الصور من سجون الحكومة السورية.

وكانت محكمة إسبانية قد رافعت في القضية لان شقيقة الرجل كانت مواطنة اسبانية، إلا أن لجنة قضائية عليا رفضت هذه الحجة. علماً أن المدعين العامين في السويد وألمانيا حققوا مزيداً من التقدم باستخدام نفس المبدأ القانوني، الذي يسمى الولاية القضائية العالمية. وبموجبه تمتلك المحاكم الوطنية ولاية قضائية على جرائم حرب معينة تحدث خارج أراضيها.

ويتابع المحققون السويديون قضايا ضد 13 شخصاً آخرين يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب في سوريا، استناداً إلى منشورات عبر السوشيال ميديا، كما تحقق السلطات الألمانية في 17 شخصاً يشتبه في ارتكابهم جرائم في سوريا والعراق، وفقا لتقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء الماضي. وفي حين تركز السويد على الحالات التي لها صلة سويدية، مثل وجود مشتبه به أو ضحية أو شاهد في السويد، تسمح ألمانيا بحالات تستند إلى ولاية قضائية عالمية خالصة، من دون وجود صلة وطنية مطلوبة.

وتجب الإشارة إلى البلدين أدانا في وقت سابق مقاتلين من تنظيم "داعش" والجماعات الثورية المعارضة، ما يعتبره المحامون خطوة نحو مساءلة أكبر، لأن البلدين لم يبذلوا في السابق جهوداً لمقاضاة مسؤولي النظام السوري، خصوصاً أن الإحجام عن ذلك يعطي انطباعاً بأن السلطات الأوروبية لا تهتم إلا بملاحقة من يشتبه بأنهم من تنظيم "داعش" ويشكلون تهديداً إرهابياً محتملاً.

وتشير هذه الخطوات الصغيرة إلى صعوبة الملاحقة القضائية العالمية، حيث استخدمت روسيا، أقوى الدول الداعمة للحكومة السورية، حق النقض "فيتو" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل منع محاولات الولايات المتحدة وحلفائها لإحالة المشتبه فيهم من جرائم الحرب السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها