الجمعة 2015/12/25

آخر تحديث: 14:46 (بيروت)

2015: أديل ليست مايكل جاكسون الجديد

الجمعة 2015/12/25
2015: أديل ليست مايكل جاكسون الجديد
اديل تلعب على المساحة الآمنة فقط ولهذا تحقق كل هذه الأرقام الآنية
increase حجم الخط decrease

طوال العام 2015، كانت المقارنة في عالم الموسيقى العالمية لا تتوقف بين أديل وتايلور سويفت من جهة، وبين مجموعة من المشاهير الأموات الذين تصدروا لوائح الأفضل عبر التاريخ لعقود، مثل مايكل جاكسون وجون لينون وإلفيس بريسلي. وبلغ هذا الجدل ذروته عندما وضعت مجلة "بيلبورد" الشهيرة ألبوم أديل "21" على رأس قائمتها لأفضل 200 ألبوم عبر التاريخ.

القرار الذي اتخذته المجلة له أسبابه بعد النجاح العالمي الهائل لألبوم أديل "21" في عامي 2011 و2012 بفضل 78 أسبوعاً متتالياً في صدارة المبيعات العالمية منذ طرحه، و245 أسبوعاً ضمن لائحة أفضل عشرة البومات حول العالم وهو رقم قياسي، مما يجعل التساؤل حول مكانة أديل في تاريخ الموسيقى العالمية مشروعاً نظراً للأسماء الكبيرة التي تنافسها.

أديل، وإن تفوقت على ألبوم "ثريلر" الأيقوني لمايكل جاكسون، بمبيعات عامي 2011 و2012، إلا أنها لم تتفوق عليه من ناحية المبيعات الإجمالية، حيث تم تكريم "ثريلر" كالألبوم الوحيد عبر التاريخ الذي يتخطى حاجز مبيعات 30 مليون نسخة في الولايات المتحدة وهو الرقم الذي باعه ألبوم أديل حول العالم أكثر بثلاث مرات من الألبوم المنافس الثاني حالياً (1989 لتايلور سويفت)، فيما بلغت مبيعات "ثيريلر" العالمية أكثر من 100 مليون نسخة، دون الحديث عن البث الرقمي أو الأرقام القياسية الجانبية التي يحملها.

ما يجب ملاحظته هنا، هو التكنولوجيا الحديثة التي تمكن الفنانين المعاصرين من الوصول إلى عدد أكبر من الجمهور في مختلف أنحاء العالم، بعكس فناني ما قبل الإنترنت الذين كانت ألبوماتهم تباع بشكل فيزيائي عبر أسطوانات وأشرطة الكاسيت، فيما تتوفر معظم أغاني الحقبة القديمة عبر خدمات البث المباشر وحتى التحميل المجاني، ما يبعدهم عن تحقيق أرقام إضافية حالياً.

نظرة متعمقة على بقية لوائح "بيلبورد" تدفع "أديل" إلى الخلف مراتب كثيرة، إذ تأتي في المرتبة 36 لأفضل المغنين عبر التاريخ، وهي اللائحة التي تتصدرها فرقتا "البيتلز" و"رولنغ ستون" الشهيرتان، وتضم في أول عشرة أسماء مغنين كبار من أمثال ماريا كيري وإيلتون جون ومايكل جاكسون.

الجديد في القائمة هذا العام هو تقدم مغنية الكانتري بوب الأميركية تايلور سويفت إلى المرتبة الثامنة متفوقة على مايكل جاكسون (10) وعلى فرقة الروك "ليد زيبلان". التصنيف يعتمد هنا على حسابات مختلفة تبعاً للفترة الزمنية التي نشط فيها الفنان ونقاط ألبوماته وأغانيه المنفردة من القوائم الأخرى، علماً أن قوائم "بيلبورد" بدأت منذ العام 1963 فقط ولا تغطي الفترة السابقة لذلك بما فيها من أسماء أسطورية مثل فرانك سيناترا.

في قائمة أفضل الأغاني عبر التاريخ نجد أغنية أديل Rolling in the deep فقط في المرتبة 32، ولا تتواجد أغنيتها الحالية Hello، مقابل أغنيتين لجاكسون والذي يحمل الرقم القياسي بـ7 أغاني من ألبوم واحد "ثريلر" ضمن القائمة نفسها في الفترة بين 1982 و 1984 وهو ما لم يستطع ألبوم أديل أن يحققه بعد!.

على صعيد الإرث الموسيقي والتأثير، فلا شك أن أديل لها مكانتها كأبرز فنانات الحقبة الحالية، لكن وضعها في الميزان مع الأسماء الأيقونية في تاريخ الموسيقى بداية بمايكل جاكسون ومادونا وانتهاء بفرق الروك يجعل منها مجرد مغنية ناجحة فقط، لم تقدم بعد جديداً من ناحية التغيير الموسيقي الشامل أو طرح أنماط موسيقية جديدة ولا حتى على مستوى الحفاظ على النجاحات طوال عقود، وهو ما يمكن الحكم عليه بعد سنوات من الآن.

مايكل جاكسون غير وجه الموسيقى بالكامل، ليس بنوعية موسيقى البوب التي أخرجها من الشوارع الأميركية الخلفية نحو نور الإعلام والمسارح، بل بكونه بداية حقبة كاملة للملتيميديا، حيث دمج الرقص والغناء والتأليف والموسيقى والتمثيل في شخصية واحدة على المسرح، وهو ما يدفع بجاكسون ليكون أبرز موسيقي في القرن العشرين ككل، وهو ما تحاول تايلور سويفت اليوم القيام به ضمن موسيقى الكاونتري التي تدفع بها نحو التجديد، وقد بات معروفاً بـ country to pop music، حتى أن المغنية الشابة أحدثت تغييراً شاملاً في شكلها وأغانيها المصورة واتجاهها لمزيد من الحركة والرقص.

أديل على النقيض من ذلك هي الوجه الآخر لموسيقى البوب، رغم أنها تصنف ضمن الفئة نفسها مع مزيج من موسيقى الـ soul، أي أنها نوع محتشم ضمن الـ pop نفسه. هي لا ترقص ولا تؤدي بل تقف وتغني فقط، وتبتعد عن الفضائح والقصص الشخصية عبر المجلات، وتقدم كل تلك "الفضائحية" عبر قصها جاهزة للعالم أجمع عبر أغانيها التي تكتب كلماتها بنفسها، فهي من تجليات الألفية الجديدة التي بدأت ببرامج المواهب التي أعلت من قيمة الفردية ضمن إنتاجات الموسيقى العالمية، ولهذا باتت أديل رمزاً لهذه النوعية متوفقة على عدد كبير من المغنين الحاليين.

تقول أديل عن نفسها "بتواضع" أنها لم تبلغ بعد نجاحات نجمة البوب بريتني سبيرز، وهذا صحيح، إلا أن نوعية نجاحات أديل مختلفة تماماً كونها لا تأتي من صوتها وفنها فقط، بل تنبع أساسأً من صورتها التي ترسمها عبر الإعلام. فهي الضحية التي تغني عن الحزن الشخصي بناء على أحداث حياتها فقط، وهي مطربة "الأنا" التي يستطيع أي فرد التجاوب معها وعكسها على حالته الخاصة، ويزداد ذلك مع كم الميلودراما التي تطبع فنها ككل، وهي الفتاة الممتلئة التي ترفض أن تكون نجمة "بوب" كغيرها، كما أن احتشامها وتقديمها لأغانٍ تعاكس الحالة العامة المليئة بالإثارة تجعلها تبرز أكثر من غيرها.

أسرار نجاح أديل تتلخص بسهولة، فهي تلعب دور الضحية المعذبة باستمرار والكل يتعاطف معها بتجسيدها عمداً حالة أشبه بالماضي الجميل، هي امرأة لا تريد تغيير نفسها ومن هنا تأتي أصالتها. هي "بريدجت جونز" في عالم الغناء وصوتها العريض وتوزيعات أغانيها تجعل منها المفضلة هذه الأيام، كما أنها مملة وكئيبة واعترافها بذلك يجعل منها مثيرة للاهتمام عند العامة، وكل الموسيقى التي تقدمها كلاسيكية لتناسب ذوق الغالبية العظمى من الناس، إذ تلعب على المساحة الآمنة فقط ولهذا تحقق كل هذه الأرقام الآنية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها