الثلاثاء 2024/03/19

آخر تحديث: 17:02 (بيروت)

مضاعفة الحد الأدنى للأجور: أرباب العمل يُمعنون بإفقار العمال

الثلاثاء 2024/03/19
مضاعفة الحد الأدنى للأجور: أرباب العمل يُمعنون بإفقار العمال
الزيادة لا تتجاوز نسبة 50 في المئة مما كانت عليه الأجور قبل الأزمة عام 2019 (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
لا تشكّل أي زيادات على الرواتب والأجور خطوة باتجاه تصحيح أوضاع العمال والأجراء، ما لم تُحدث الزيادة فارقاً في مستوى معيشة العامل، فما بالك إن كانت الأجور مع الزيادات بمجملها لا تتجاوز نسبة 50 في المئة مما كانت عليه الأجور قبل الأزمة عام 2019.
أسابيع من المفاوضات بين العمال وأرباب العمل، وبينهما وزير العمل، أسفرت عن اتفاق مُحبط للعمال لم يعكس التفاؤل الذي ترجمه وزير العمل بقوله إن زيادة الأجور ستكون "وازنة"، لكنه انعكس إيجاباً على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. فالزيادة التي أقرت اليوم في اجتماع لجنة المؤشر والتي نتجت عن تجاذبات مع أرباب العمل، لم تتجاوز 9 ملايين ليرة، أي قرابة 100 دولار، ليصبح بذلك الحد الأدنى للأجور 18 مليون ليرة، أو ما لا يزيد عن 200 دولار فقط يُضاف إليها بدلات النقل.

الزيادات على الأجور
مع ارتفاع غلاء المعيشة وتضخم الأسعار، وبعد تعديل رواتب العاملين بالقطاع العام، وإن بشكل متواضع، بادر أطراف العمل للبحث في زيادة الحد الأدنى للأجور، بهدف تأمين الحد الأدنى من القدرة المعيشية للعامل في القطاع الخاص، الذي لا يزال حتى اليوم يتقاضى الحد الأدنى البالغ 9 ملايين ليرة شهرياً.
المساعي التي قادها الاتحاد العمالي العام ممثلاً العمال، وإلى جانبه وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، جُبهت بمعارضة شرسة من قبل الهيئات الاقتصادية ممثلة أرباب العمل، وانتهت كما جرت العادة على مدار عشرات السنين، بما يتناسب والحدود المرسومة من قبل أرباب العمل.
فالهيئات الاقتصادية تمسّكت منذ بداية المفاوضات بزيادة الحد الأدنى للأجور من 9 ملايين ليرة إلى 15 مليون ليرة فقط. وهي سياسة لطالما انتهجتها، وتقوم على طرح رقم مخفّض جداً ًبالمقارنة مع مطالب العمال بهدف التوصل إلى رقم وسطي يتناسب ونواياها.
فالرقم الوسطي الذي تم التوصل إليه للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، هو 18 مليون ليرة، مرتفعاً من 9 ملايين ليرة. علماً أن مطالب العمال المرفوعة من قبل الاتحاد العمالي العام حدّدت 50 مليون ليرة للحد الأدنى للأجور، وهو ما رفضه أرباب العمل بشكل مطلق.

المنح المدرسية والنقل
الاتفاق الذي جرى اليوم في لجنة المؤشر، وتمثّل بزيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص من 9 ملايين ليرة الى 18 مليون ليرة، شمل أيضاً رفع قيمة المنح المدرسية من 6 ملايين ليرة إلى 12 مليون ليرة في المدارس الخاصة، ومن 3 ملايين إلى 4 ملايين في المدارس الرسمية، لغاية 3 أولاد، بالإضافة إلى إقرار قيمة بدل النقل عند 450 ألف ليرة يومياً.
وعلى الرغم من تلك التعديلات، لم يصل مستوى الرواتب إلى ما كان عليه في العام 2019، لا بل يشكّل نحو 50 في المئة فقط مما كان عليه الحد الأدنى للأجور سابقاً. أما إذا ما قارنا المتغيّرات المتعلّقة بنسب التضخم والغلاء الحاصل اليوم فيصبح الحديث عن 18 مليون ليرة أمراً مُخجلاً ومُحبطاً للعمال.
وهنا يشدد رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث لـ"المدن" على إجراء مراجعة للحد الأدنى للأجور، ما إن يستتب الوضع الأمني. ويلفت الأسمر إلى أن هذا الحد الأدنى للأجر هزيل جداً وليس محقاً على الإطلاق. لكن التصريح بالحد الأدنى الجديد من شأنه رفد الضمان الاجتماعي بأموال إضافية قد تحسّن تقديماته الصحية والاستشفائية.
على خط آخر، ارتفع الحد الأقصى للكسب الخاضع لاشتراكات الضمان إلى 90 مليون ليرة. وحسب الأسمر، هذا المكسب الأساسي من التعديلات الحاصلة اليوم "فهذا الامر سيرفد الضمان بالأموال". ويضع الأسمر تعديل الحد الأدنى اليوم في خانة رفد الضمان وليس رفع الأجور.

غلاء المعيشة في لبنان
بناء على أرقام التضخم وتكلفة المعيشة في لبنان، يشكّل الحد الأدنى للأجور الجديد، أي الـ18 مليون ليرة، أقل من 30 في المئة من قيمة الحد الأدنى اللازم لسد حاجات أسرة مؤلفة من 4 أفراد. وحسب الدولية للمعلومات، فإن كلفة معيشة الأسرة اللبنانية المؤلّفة من أربعة أفراد بناء على الحدّ الأدنى والضروري واللازم، وصلت إلى 52 مليون ليرة شهريًا (اي نحو 582 دولاراً) في القرى، وإلى 71 مليون ليرة (أي نحو 794 دولاراً) في المدن، موزعة على تكلفة السكن والتعليم والكهرباء والمياه وضريبة البلدية والاتصالات والسلة الغذائية والملبس والمواصلات والتدفئة، لكن من دون احتساب الكلفة الصحية، وهي كلفة باهظة جداً ومدولرة.

رفضت الهيئات الاقتصادية بشكل قاطع الحديث عن زيادة الحد الأدنى إلى 50 مليون ليرة، وذلك تحت ذريعة تراجع الحركة السياحية والتجارية وتدهور النمو الاقتصادي نتيجة الحرب في غزة وجنوب لبنان، علماً أن القطاع التجاري ورغم الأحداث الأمنية والحرب، حقّق أرقاماً مقبولة من الأعمال والأرباح.
مع زيادة الحد الأدنى للأجور، لا تزال رواتب شريحة واسعة من العاملين في القطاع الخاص تقل عن نسبة 30 في المئة مما كانت عليه قبل الأزمة، في مقابل استمرار بعض المؤسسات بصرف رواتب العاملين لديها بالدولار الفريش، لاسيما المؤسسات التابعة لإدارات خارج البلد أو تلك الممولة من دول أخرى، بالإضافة إلى مؤسسات محلية تصرف جزءاً من الرواتب بالدولار الفريش وجزءاً آخر بالليرة اللبنانية، مع عدم بلوغ مجمل الرواتب ما كانت عليه في السنوات السابقة للأزمة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها