الثلاثاء 2023/04/18

آخر تحديث: 19:49 (بيروت)

تظاهرات موظفي ومتقاعدي القطاع العام: زيادة الرواتب لا ترضينا

الثلاثاء 2023/04/18
increase حجم الخط decrease

بين نهاية آذار الفائت ومطلع نيسان الجاري، بدا واضحًا انقلاب سلسلة التظاهرات المطلبيّة الدوريّة لموظفي ومتقاعدي القطاع العام، من تظاهرات سلّمية شبه كرنفالية لتصعيدٍ صداميّ مع السّلطة، التّي تعامت طيلة الفترة الماضيّة عن النظر في مطالبهم. فالتظاهرات الشّاجبة والحاشدة التّي احتلت محيط السرايّ الحكوميّ والبرلمان على حدٍّ سواء، ظهيرة اليوم الثلاثاء الواقع في 18 نيسان الجاري، اتخذت طابعًا عنيفًا من جهة الاحتجاج والخطاب. هذا العنف الذي سرعان ما تصدت له العناصر الأمنيّة والعسكرية التّي كانت على أتمّ الجهوزيّة من جهة التعزيزات اللوجستية، واستقدام المزيد من العناصر المجهزّة بالسّلاح وخراطيم المياه، على خلاف الاحتجاجات السّابقة.

ولعلّه من المبالغة القول بأن هذه التظاهرة هي إيذان لانطلاقة حراك نقابيّ عنيف. فبالرغم من كون هذه التظاهرة المركزيّة التّي دعت إليها الروابط والجمعيات العموميّة والتجمعات النقابية فضلاً عن قطاع التعليم في الحزب الشيوعيّ طيلة الأسبوع الفائت، قد تمكنت فعليًا من حشد آلاف الموظفين والمتقاعدين من الأسلاك العسكرية والأساتذة الجامعيين ومعلمي القطاع الرسميّ فضلاً عن إدارييّ القطاع العام، إلا أنها فشلّت مجدّدًا في توحيد صفوفهم، فالانقسام المعتاد بدا واضحًا والخلاف طاف على سطح الخطابات المطلبية.

اقتحام السرايّ
منذ بواكير الصباح، توزعت العناصر الأمنيّة وعناصر مكافحة الشغب على مختلف مداخل ومخارج البرلمان والسرايّ الحكوميّ، استعدادًا لوصول المتظاهرين الذين بدأوا بالتجمهر حوالى السّاعة الواحدة ظهرًا، بالتوازي مع انعقاد جلستيّ مجلس النواب والحكومة التّي طرحت في جدول أعمال جلستها، بند زيادة أجور القطاع العام بغية فضّ الإضراب والشلل المؤسساتي المستمر منذ حوالى السّنة ونصف السنة.

قرابة الثانية، وصلت آليات النقل العام التّي حملت مئات المتظاهرين من شتّى المناطق اللّبنانيّة ومن مختلف المواقع الوظيفيّة، وتفرعت المجموعات، بمواكب ضخمة، باتجاه الشارع الخارجي لمجلس النواب، والتي انطلق بها متقاعدو الجيش، فيما انطلقت جموع متقاعدي القوى الأمنيّة ورهط من الأساتذة باتجاه ساحة رياض الصلح وبقيّ العشرات متجمهرين أمام جامع الأمين في ساحة الشهداء. وبعد توزع الفرق، همّ بعض المتقاعدين لاجتياز الحاجز الأمني المشتمل على العناصر والأسلاك الشّائكة التّي طوقت مداخل السرايّ الحكومي، كما المرّة السّابقة، فباغتتهم العناصر الأمنيّة بالصدّ تارةً، وبالتفاوض تارةً أخرى وبالقوّة أيضاً.

وبعد دقائق تمكّن بعض المحتجين من فضّ حاجز الأسلاك الشّائكة، واجتياز أمتار قليلة من المدخل، فيما وقف سائر المتظاهرين في وسط السّاحة، مرددين الأهازيج والخطابات على وقع الأناشيد. وسرعان ما قام عناصر مكافحة الشغب برميّ وابل من القنابل المسيلّة للدموع، لتفرقة المتظاهرين، الذين بدورهم اعتمدوا التصعيد في اقتحامهم. مستقدمين المزيد من الدعم على مدخل السرايّ، عبر مناشدة المجموعات النقابية الأخرى للانضمام إليهم. وفي كل مرة، كان المتظاهرون يبتعدون لالتقاط أنفاسهم ثم يعاودون التوجه نحو السرايا، في محاولة لعبور السياج والأسلاك الشائكة، وكلما أعادوا المحاولة كانت ترمى عليهم القنابل المسيلة للدموع.. إلا أن تمكنت القوى الأمنيّة أخيرًا، من إلزامهم بالتراجع.

والملفت، أن بعض الحاضرين عَمدوا إلى تجميع بقايا القنابل المسيلة للدموع لبيعها في سوق الخردة…

تظاهرة مركزية
وبينما كان بعض المحتجين يحاولون اقتحام مدخل السرايّ، وقفت روابط التعليم الرسميّ والجامعيّ والتجمعات النقابية الأخرى، تتلو خطاباتها التّي تركزت على المطالبة بوقف السّياسات الترقيعية التّي تنتهجها السّلطة اللّبنانيّة ممثلةً بحكومة نجيب ميقاتي، في ملف القطاع العام، والمرتبطة أساسًا بأزمة تراجع القدرة الشرائية للرواتب، التّي وبالرغم من الزيادات فيها، لا تزال مرتهنة للتضخم المهول. مشيرين لكونهم في صدّد التصعيد الكليّ والعنيف إن لم تلتزم السّلطة بوضع خطة طريق واضحة وجديّة لأزمتهم.. معترضين على الزيادات (أبرزها مقترح وزارة المالية الذي يقوم على زيادة 3 و4 رواتب للموظفين في الخدمة الفعلية، وراتبين أو 3 رواتب للمتقاعدين، على ألا تفوق الزيادات على رواتب الموظفين في الخدمة الفعلية عن 200 دولار) من دون الأخذ بالاعتبار منهجًا جديًّا للتعامل مع الأزمة، معتبرين أنها جرعات تخديرية لا تغنيهم عن حلول فعلية ولا تسمن أسرهم المفقرة. فيما راجت المقاربات النمطيّة، مفادها أن اللاجئين يعتاشون على المساعدات بالدولار الفريش، بينما أصبح موظفو الدولة تحت خط الفقر متعدد الأبعاد، محرومين من بديهيات الحقوق والخدمات كالمياه، والكهرباء، وسائر جوانب الحماية الاجتماعية. ومن جملة المطالب المرفوعة كان تحرير ودائع المودعين والحصول بكرامة على جنى أعمارهم.

أما مجموعات وروابط التعليم الرسميّ فهددت الحكومة ووزير التربيّة بالإضراب عن الامتحانات الرسميّة إن لم يتمّ طرح أي حلول لوضعهم المأزوم مشيرين بالقول "إن كانت الامتحانات الرسميّة خطّ، فحقوقنا هي خطّ أحمر أيضًا". كما ونددت تجمعات أساتذة الجامعة اللبنانية بتغاضي الدولة عن الانهيار التاريخيّ في الجامعة، مطالبين بحقوقهم وتغذية صندوق التعاضد وتحسين الأجور. وقد رفع الاتحاد الوطني لنقابات العمل والمستخدمين في لبنان شعار إعادة القوة الشرائية للأجور. وذلك من خلال السلم المتحرك للأجور وحماية التقديمات الاجتماعية والحفاظ على المكاسب الاقتصادية والاجتماعية. بينما طُرح مطلب "الحكم العسكريّ برئاسة جوزيف عون" من قبل بعض المتظاهرين.

قمع وعنف
واستمرت التظاهرة لحوالى السّاعة الخامسة والنصف عصرًا، نظرًا لأن بعض المتظاهرين صائمين، وكانوا على اعتقاد بأن القوى الأمنيّة لن تطلق عليهم قنابل مسيلة للدموع، رحمة بهم. وهو الاعتقاد الذي ذوى تباعًا بعدما أطلقت العناصر المدججة سيلاً من القنابل واعتمدت عنفًا تمثل بضرب عدد من المتظاهرين بعصيها والاشتباك الجسديّ. وبالرغم من كل محاولات بعض المتظاهرين لتصعيد هذه الاشتباكات لعلّها تجعل السّلطة تُذعن لضغط الشارع، إلا أن غالبية الحاضرين فضلوا السّلمية خشية التورط بتبعات التصعيد. وقد دعت التجمعات إلى المواظبة على التجمهر والاحتشاد بصورة دوريّة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها