السبت 2023/12/23

آخر تحديث: 14:59 (بيروت)

الحرب تدمر مصدر رزق المزارعين: إسرائيل تقتل النحل أيضاً

السبت 2023/12/23
الحرب تدمر مصدر رزق المزارعين: إسرائيل تقتل النحل أيضاً
فقد الكثير من النحالين القدرة على الاعتناء بإنتاجهم (Getty)
increase حجم الخط decrease

لم تقتصر الأعمال العسكرية بين الجانب الإسرائيلي وعناصر حزب الله في جنوب لبنان، على تخريب المنشأت المدنية، أو ترويع الناس وتهجيرهم، بل طالت في جوانب عديدة، قطاعات اقتصادية مختلفة، في مقدمتها القطاع الزراعي، صيد الأسماك، بالإضافة إلى تربية النحل. وعلى الرغم من أن جل التقارير تتناول الخسائر المادية لهذه القطاعات بسبب الحرائق، واستهداف المناطق الزراعية، إلا أن جانباً آخر، بدأ ينعكس سلباً على المزارعين وأصحاب الحرف البسيطة، نتيجة التلوث البيئي الناتج عن هذه الأعمال العسكرية. وهو ما يتسبب في حدوث خسائر مادية كبيرة.

خسائر عديدة
على الرغم من غياب أي أرقام دقيقة حول الخسائر التي طالت قطاعات عديدة في جنوب لبنان جراء الأعمال العسكرية، لكنها بالتأكيد تزيد من معاناة هذه الفئة التي لا تملك أي مصدر أخر للرزق.

يقول محمد هاشم من بلدة شبعا، ويملك أكثر من 120 رأساً من الأغنام، وعدداً من قفران النحل، لـ"المدن": "تسببت الأعمال العسكرية في نفوق ما لا يقل عن 20 رأساً، كما أثرت على رعي الأغنام". لم تقف الخسائر عند هذا الحد، بل ووفق كلامه، فقد تأثرت أيضاً قفران النحل التي يملكها، إذ يمتلك نحو 40 قفيراً للنحل، تساعده في إنتاج العسل وبيعه.

يعيش الآلاف من سكان المناطق الحدودية على القطاع الزراعي، وتربية الماشية، وتربية النحل وإنتاج العسل، وقد تأثر عدد كبير منهم بما يجري. يقول أسعد دلة من منطقة شبعا لـ"المدن": "الخسائر كبيرة، وفي الكثير من القطاعات، إلا أن القذائف الفسفورية، واستهداف إسرائيل للمناطق الزراعية، أدى إلى حدوث تلوث بيئي". فقد دلة ما يقارب من 50 قفيراً. يقول لـ"المدن": "لا يتعلق الأمر بالخسائر المباشرة، أو بموت النحل، بل الأمر يتخطى ذلك". وفق دلة، في نهاية فصل الصيف، يبدأ النحال باستخراج العسل، وبيعه، وبالتالي، فإن الخسائر قد تخطت 8000 دولار، وهو رقم كبير بالنسبة له، إذ يساعده على تأمين معيشته لعام تقريباً.

معاناة مربي النحل
لا يوجد أي إحصاء دقيق للأضرار التي خلّفها القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، غير أن التقارير عن استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة محرّمة دولياً، لا سيّما القذائف الفسفورية الحارقة، بدأت تظهر تأثيراتها. يقول داني العبيد، أستاذ جامعي وأحد خبراء البيئة المتخصصين بتربية النحل من جمعية مربي النحل لـ"المدن": "صحيح لا يوجد أي أرقام واضحة تظهر قيمة الخسائر، لكن جميع القطاعات المرتبطة بالزراعة، تأثرت، إما بسبب القصف المباشر، حيث قضى على المئات من قفران النحل، أو عبر التداعيات غير المباشرة للعمليات العسكرية".

أضف إلى ذلك، ووفق عبيد، فقد الكثير من النحالين القدرة على الاعتناء بإنتاجهم ومحصولهم السنوي، فعادة يكون الوقت بين شهري تشرين الأول والثاني، أساسياً لتجدد خلايا النحل. ويضيف، "لم يفلح النحالون أيضاً في تأمين الغذاء واحتياجات النحل". كما لم يخف عبيد أيضاً أن يكون هناك خسائر لهذا القطاع في مناطق بعيدة نسبياً عن مناطق الاشتبكات، بسبب انتشار الحرائق والمواد الملوثة والغبار الناتج عن الدمار.

كانت جمعية مزارعي ونحالي لبنان قد رفعت صوتها إزاء الأوضاع البيئية والأمنية الحاصلة، إذ لفتت إلى احتراق العديد من قفران النحل، وهجران أعداد أخرى نتيجة القصف، وعدم قدرة النحال على الاهتمام. أضف إلى ذلك، ووفق النقابة، فقد أدت الأزمة البيئية الناتجة أيضاً عن رش المبيدات بدءاً من الناقورة مروراً بصيدا، والضواحي، إلى التسبب بأضرار عديدة بحق قطاع النحل.

وفق بيانات وزارة الزراعة، فقد تم القضاء على أكثر من 250 قفيراً من النحل. وبحسبة بسيطة، يكلف القفير الواحد ما بين 150 و300 دولار حسب ما يشير إليه دلة، ما يعني أن الخسائر قد تخطت 75 ألف دولار.

ماذا عن القطاع الزراعي؟
نشرت وزارة الزراعة اللبنانية بيانات تحصي فيها حجم الاستهداف الإسرائيلي. ووفق الوزراة، فإن 60 في المئة من الاستهدافات طالت مناطق حرجية تحتوي على أشجار مهمة، مثل السنديان والملول والغار، فيما يقدر نحو 30 في المئة من الأراضي مزروعة بالحمضيات والأشجار المثمرة قد تم استهدافها، فيما يقارب من  10 في المئة من الأراضي المغطاة بالأعشاب كانت تحت مرمى القصف والغارات.

كما أدى القصف الذي استهدف 53 بلدة جنوبي لبنان، إلى تضرر 60 خيمة زراعية، إضافة إلى نفوق 200 ألف طير دجاج، و700 رأس ماشية، ودُمّر بشكل كلي مستودع للأعلاف مساحته 600 متر مربع، إضافة إلى تضرر ما لا يقل عن 250 قفيراً للنحل.

يشير رئيس تجمع المزارعين والفلاحين إبراهيم ترشيشي، إلى أن المشكلة لا تتعلق فقط بمنطقة جنوب لبنان، إذ أن مناطق أخرى في البقاع، وفي كل لبنان. تخشى أيضا ًمن انعكاس الوضع الأمني، ومن الاعتداءات الاسرائيلية على الموسم الزراعي ككل. يقول لـ"المدن": "تأثر قطاع زراعة الزيتون أولاً، ثم الحمضيات، وغيرها من القطاعات التي لها علاقة بالزراعة، مثل تربية الماشية، تربية النحل، وزادت المخاوف لدى جميع المزارعين".

مثال على هذه الحال، احترق جزء من بستان للحمضيات بالقرب من منطقة النبطية جنوبي العاصمة، بسبب القنابل التي ألقتها القوات الإسرائيلية. يحصى أديب غملوش، عسكري متقاعد، الخسائر جراء القصف. يقول لـ"المدن": "احترق ما يقارب من 40 شجرة مثمرة، وتسببت الحرائق، بتسمم التربة، ولم يعد من الممكن زراعة هذه المساحة المحترقة".

معاناة المزارعين وأصحاب المهن التقليدية في المناطق الجنوبية لا تعد ولا تحصى، ويخشى العديد من منهم من استمرار العمليات العسكرية أو توسع نطاقها، ما قد يهدد مصدر عيشهم لسنوات طويلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها