وتقول مصادر في الملاحة البحرية، في حديث لـ"المدن"، أن الشحنات تأتي عبر طريقتين، الأولى، أن "يرسل المُصَدِّر سفينة لحسابه الخاص، يحدد هو وجهتها ويبيع شحنتها فيما لا تزال في البحر، وفي هذه الحالة تبقى العلاقة محصورة بين المُصدِّر والتاجر طالب الشحنة، وبإمكان أي طرف الاتفاق على إجراء التعديلات أو تغيير قرار الشراء، مع الحفاظ على ما يقتضيه الأمر من متوجبات مالية يتفق عليها. وفي هذا الاحتمال، يمكن لاسم التاجر أن يبقى مجهولاً. أما الطريقة الثانية، يكون فيها التاجر معروفاً منذ البداية، ويتقدّم لشراء الشحنة وفق أوراق واضحة وموجودة بين يديّ وكيل بحري، يعمل على تخليص البضائع فور وصولها إلى المرفأ، ويبلغ الوكيل السلطات الإدارية والعسكرية، ويتم تحديد موعد وصول السفينة وحجم حمولتها ونوعها واسم الجهة المستفيدة منها في لبنان، وما إذا كان على متنها بضائع ستتابع طريقها ترانزيت... وما إلى ذلك من معلومات". وتضيف المصادر، أنه في الحالة الأولى "قد يكون هناك أكثر من تاجر وفي أكثر من بلد، ويمكن تغيير حركة السفينة أكثر من مرة، بحسب التجار الذين يشترون الشحنات".
من لبنان إلى سوريا
تُحيِّد المصادر مسؤولية الدولة اللبنانية رسمياً عن حركة السفن وما إذا كانت مرتبطة بأي أمر غير قانوني "فالمجتمع الدولي يعلم بأن قانون البحار يجيز تحرك السفن وفق تلك الاحتمالات". ومع ذلك، لا تنفي المصادر "وجود أسماء وهمية تستغل امكانية حجز الشحنات وإلغائها أو تحويلها من بلد لآخر أثناء الرحلة". وفي هذه الحالة أيضاً "لا يحمل لبنان مسؤولية رسمية". وأبعد من ذلك، "قد يتم التلاعب بالأوراق التي تدل على حمولة السفينة، كأن يُسَجَّل أنها تحمل ذرة، وهي بالفعل تحمل قمحاً. فالتزوير محتمل. لكن مع وجود الأقمار الاصطناعية والمعدات التي ترصد حركة السفن، أصبح التزوير أصعب".
ورغم عدم تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية مباشرة، إلاّ أن لبنان قد يُستَعمَل كوجهة خادعة، عبر حجز شحنات بأسماء تجار لبنانيين "ثم يتم التراجع عن الشراء وتحويل الشحنات إلى تاجر آخر في بلد آخر". وفي حالة السفينتين لاودسيا ورازوني، فإن الوجهة النهائية هي سوريا. وهذا ما يعزّز احتمال الالتفاف على قانون قيصر، واستعمال لبنان كوجهة محتملة، ثم تغيير المسار، مع عدم تعريضه للمساءلة، بما أن السفينة تغادر نحو المياه الاقليمية. أما لماذا لا تذهب السفن مباشرة نحو سوريا "فذلك للتقليل من احتمال ملاحقتها من المصدر. وهناك احتمال آخر، وهو أن يتم الإعلان عن وجهتها اللبنانية لأن لبنان لا عقوبات عليه، وبالتالي يسهل التعمية عن هوية التجار الآخرين، ومن ضمنهم السوريون. واحتمال ثالث هو أن يكون هناك علاقة ضمنية بين تجار لبنانيين وسوريين، يحجز الطرف الأول شحنة وقبيل وصولها إلى لبنان، يلغي الحجز، ويعلن الطرف الثاني رغبته في شرائها. وبما أن السفينة على مقربة من سوريا، تزداد احتمالات بيعها لتجار سوريين. كما يمكن لتاجر لبناني أن يشتري الشحنة ويحوِّلها إلى سوريا".
الاحتمالات المفتوحة بموجب القانون البحري أو بموجب التلاعب، تضع لبنان بمصاف الوجهة المخادعة لهذا النوع من السفن. وتتوقّع المصادر أن لا تكون التجربتان الأخيرتان هما التجربتين الوحيدتين. فتعدّد التجّار للشحنة الواحدة، والأسماء الوهمية المحتملة، فضلاً عن التجار الحقيقيين، يجعل الحُكم على حركة السفينة أكثر تعقيداً.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها