الثلاثاء 2022/05/10

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

دعم الخبز رهن البرلمان الجديد: أشهر بلا "أمن غذائي"

الثلاثاء 2022/05/10
دعم الخبز رهن البرلمان الجديد: أشهر بلا "أمن غذائي"
مخزون القمح في لبنان غير كافٍ ولا يغطي استهلاك أكثر من 15 يوماً (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
أعلنت وزارة الاقتصاد تسلّمها موافقة مجلس إدارة البنك الدولي الرسمية على منح لبنان قرضاً طارئاً لدعم استيراد القمح. الموافقة المبدئية صدرت، أما صرف القرض فعلياً فلا يمكن أن يتم قبل الموافقة عليه وإقراره من قبل مجلس النواب المقبل. وفي حال جرت الأمور بشكل سلس من دون أي تعقيدات أو عقبات، وهو أمر مستبعد، فإنه من الممكن الحصول على أموال القرض بعد شهرين تقريباً، أما في حال المماطلة من قبل مجلس النواب الجديد، فإن قرض البنك الدولي المخصّص لدعم الخبز لن يصل، وبالتالي سيصبح رغيف الخبز مهدداً إن لجهة توفره أو ارتفاع سعره.

150 مليون دولار فقط
لا تتجاوز قيمة القرض الموعود من البنك الدولي 150 مليون دولار، منها 15 مليون دولار كقرض ميسّر، أي بفوائد ضئيلة. وهو مخصّص لدعم القمح في سبيل تأمين استقرار نسبي لسلعة الخبز لناحية تأمينها وسعرها. وقد زفّ وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام خبر الاستحصال على موافقة مبدئية من البنك الدولي في مؤتمر صحافي، عرض فيه "أخباراً إيجابية" على حد تعبيره، في موضوع الأمن الغذائي، بعد شهر من العمل على موضوع القرض المدعوم، مصوّراً الأمر وكأنه حاصل قطعاً، في حين أن القرض غير مضمون حتى اللحظة من جهة، والقمح قد ينفد من السوق ريثما يرى القرض النور. بمعنى آخر، لا خطة لتغذية السوق بالقمح المدعوم، خلال الفترة الزمنية اللازمة لإتمام اتفاقية قرض البنك الدولي، وتأمين الأموال اللازمة لدعم القمح المستورد.

الموافقة المبدئية لقرض البنك الدولي صدرت، غير أن ذلك لا ينفي وجود شح بالقمح، كما لا يمنع وقوع أزمة خبز، فالأموال المرتقب الحصول عليها من البنك الدولي، تستلزم مساراً طويلاً من الإجراءات والمعاملات، أولها إرسال نسخة مترجمة من الموافقة المبدئية إلى هيئة التشريع والإستشارات، ثم عرض الأمر على مجلس الوزراء الذي لم يتبق لولايته الفعليه سوى أيام. ثم صوغ الاتفاق في اقتراح قانون، وإحالته إلى مجلس النواب لإقراره. وهنا نعني مجلس النواب المقبل. وفي حال سرت الأمور بشكل بالغ السلاسة فإن الاتفاقية تحتاج لأشهر. وإلى ذلك الحين، من أين ستتغذى السوق بالقمح؟

أمام كل ذلك يبدو تباهي وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام بما أسماه إنجازاً، نوعاً من المبالغة. وأكثر من ذلك، أليس معيباً على الحكومة أن تختتم إنجازاتها بالاقتراض من البنك الدولي لتأمين القمح والخبز، وهي أبسط الاحتياجات الأولية؟

وهم الأمن الغذائي
أوحى الوزير سلام بأن الأمن الغذائي ممسوك في لبنان، متفاخراً بسرعة استجابة البنك الدولي لإقراض لبنان لشراء القمح، وقال أن "البنك الدولي عمل استثنائياً معنا بشكل سريع جداً حتى نحصل على قرض طارئ مدعوم بشكل مميز جداً للبنان. وقد أبلغني رئيس مجلس إدارة البنك الدولي أن لبنان هو أول بلد يحصل على موافقة بقرض طارئ من أجل الأمن الغذائي"، رد البنك الدولي إن دل على شيء، فإنه يدل على بؤس واقع البلد وتردي معيشة مواطنيه، وليس على نباهة وزير الاقتصاد ونجاحه في الاستحصال على موافقة مبدئية على قرض بقيمة 150 مليون دولار لا تكفي لأكثر من عدة أشهر.

أما عن طمأنة الوزير سلام الناس بشأن توفر كميات من الطحين المدعوم، واستمرار مصرف لبنان في دعمها، ووجود دفعات جديدة من القمح المستورد سيتم تمريرها، ريثما تتم موافقة الجانب اللبناني على موضوع الاتفاق مع البنك الدولي، وتشديده على عدم وجود أي خلل في تغذية السوق بالقمح، فكل ذلك تنسفه مديرية الحبوب والشمندر السكري التابعة لوزارة الاقتصاد، التي يؤكد مصدر رفيع فيها في حديث لـ"المدن"، بأن مخزون القمح في لبنان غير كافٍ ولا يغطي استهلاك أكثر من 15 يوماً فقط. والسبب، مماطلة وإهمال المسؤولين لملف القمح لجهة عدم صدور قرارات حتى اللحظة بالإفراج عن القمح المحتجز، بسبب قضية المستورد بول منصور، على الرغم من الإفراج عن منصور بعد توقيفه مؤخراً. بالنتيجة آلاف الأطنان من القمح غير متاح لها الدخول إلى السوق، وغير مسموح أخذ عينات منها للكشف المخبري. ويؤكد المصدر أيضاً وجود آلاف الأطنان الحاصلة على أذون مسبقة من دون أن يتم فتح اعتمادات لها، وهو ما يعرقل دخولها إلى السوق. ويستغرب المصدر تأكيدات الوزير سلام لجهة توفر القمح على مدى أشهر فيقول "الواقع مختلف عما يُعرض على الكاميرات".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها