بنك لبنان والخليج تراجع أمس عن قراره بخفض سقوف السحب، حسب ما تؤكد المصادر، غير أن أثره لن يزول سريعاً. فالمصرف اتخذ قراره بخفض السقوف، وإن كان قد تراجع عن القرار الأخير لوقاحة أرقامه، غير أنه لا شك يدرس حالياً خفض السقوف من جديد، لكن إلى مستويات مختلفة، تجنّبه حملات الرفض والتحريض. علماً أن من حق كل مودع وموظف أن يرفض أي سقوف لسحب أمواله التي هي حق مقدس له، يكفله الدستور والقوانين المرعية. ولا يستبعد المصدر أن تصل سقوف السحب في المصارف إلى تلك التي مرّرها بنك لبنان والخليج، لكن بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة.
سقوف متدنية
وإذا كان بنك لبنان والخليج أقدم ثم تراجع عن خفض سقوف السحب بشكل هائل، فإن باقي المصارف ليست بأقل وقاحة منه، فسقوف السحوبات الحالية متدنية جداً، ومن غير المستبعد أن تتدنى أكثر فأكثر. وهنا لا نتحدث فقط عن أصحاب الودائع بل عن الموظفين أيضاً الذين يعجزون في كثير من الحالات عن سحب مداخيلهم ورواتبهم.
ويبلغ سقف السحب لدى فرنسبنك 3 مليون ليرة، وفي بنك بيبلوس 5 مليون ومثله بنك سوسيتيه جنرال. أما لدى بنك عودة فيبلغ سقف السحوبات النقدية 6 مليون ليرة، والبنك اللبناني الفرنسي يبدأ من 3 مليون، وتتراوح سقوف باقي المصارف عموماً بين 3 مليون و6 مليون كل بحسب قدرته والسيولة النقدية التي يملكها، وحسب عامل آخر يرتبط بـ"مدى مشاركة المصرف بعمليات الإتجار بالشيكات والنقدي في السوق السوداء". وهذا العامل ليس تكهناً. فثمة مصارف أو فروع مصرفية تقوم معظم عملياتها على الإتجار بالسوق السوداء.
وإليكم إحدى الحالات مثالاً على ما يحصل في العديد من المصارف.
موظفون ومصرفيون "تجار" شنطة
يقوم موظفون بأحد فروع بنك IBL يومياً عند فتح أبواب البنك بسحب السيولة النقدية بالليرة اللبنانية لشراء الدولارات من الفرع المصرفي عينه، بأسماء وفواتير وهمية، وأحياناً بأسماء حقيقية، وفق سعر صرف منصة صيرفة تماشياً مع التعميم 161. ويقومون تالياً ببيع الدولارات مباشرة لدى صراف في الشارع نفسه، فيعيدون الأموال النقدية بالليرة التي سحبوها من البنك في غضون ساعة أو ساعتين من الوقت، ويحققون بذلك ملايين الليرات يومياً.
هذه حالة حقيقية تحصل في أحد فروع المصرف المذكور، وعليكم أن تتخيلوا كم تخفي عشرات المصارف بمئات الفروع من تلك الحالات.
عمليات بيع الدولارات من قبل المصارف تطبيقاً للتعميم 161 بشكل استنسابي، وغياب الرقابة عليها بشكل تام، وتسليمها زمام الأمور وتطبيق التعميم أو عدم تطبيقه وكيفية تطبيقه من جهة، وفتح مجال الإتجار من دون ضوابط بين منصة صيرفة والسوق السوداء والمصارف من جهة أخرى، مع ما يعزز عمليات الإتجار من فارق بأسعار صرف الدولار بين منصة صيرفة والسوق السوداء، كل ذلك ولّد سوقاً رديفة للسوق السوداء تقوم على بعض موظفي المصارف ومدراء الفروع وشركائهم من الصرافين، وحوّلهم جميعاً إلى تجار عملات لا يختلفون بشيء عن تجار الشنطة، الذين سبق للدولة أن استنفرت أجهزتها الأمنية في بداية الأزمة المالية لملاحقاتهم وزجهم في السجون.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها