الإثنين 2021/09/20

آخر تحديث: 15:06 (بيروت)

معمل دير عمار وتأهيله لاستجرار الغاز المصري: ربع الكهرباء

الإثنين 2021/09/20
معمل دير عمار وتأهيله لاستجرار الغاز المصري: ربع الكهرباء
حكومة نجيب ميقاتي، أضمرت غموضًا يثير الشكوك حول نية السلطة إحياء مشاريع البواخر (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

يعيش اللبنانيون سباقًا مع الوقت، مع تعدد آليات تأمين مصادر الطاقة، من دون أن يدخل معظمها حيز التنفيذ. وبعد أن تحول توفير الوقود، بشتى أصنافه، حلم شعب يغرق بأسوأ أزمات شهدها العالم، تتجه الأنظار إلى معمل دير عمار شمالي لبنان، إثر وصول الفيول العراقي إليه، مقابل ترقب كيفية تطبيق اتفاقية استجرار الغاز المصري إلى المعمل، عبر "الخط العربي" الذي يعبر من مصر والأردن وسوريا وصولًا إلى لبنان. 
فكيف يستعد معمل دير عمار لإنجاح هذا المشروع؟  

الكلفة الباهظة
زمنيًا، ختم معمل دير عمار حقبة تشييد المعامل في القرن الماضي، وهو آخر معمل بدأ انتاج الكهرباء منذ العام 1998 من بين 7 معامل حرارية شيدت تباعًا منذ السبعينات، وتتشارك جميعها بتقادمها وانتاج الطاقة بكلفة باهظة تتجاوز 3 أضعاف الكلفة الطبيعية، نظرًا لاعتمادها على المشتقات النفطية الثقيلة بدل الغاز الطبيعي.  

وهنا، يوضح رئيس معمل دير عمار، طوني يعقوب، أن وصول النفط العراقي إلى المعمل، يضمن الاستمرارية لفترة محدودة، لأن "دير عمار، ما زال ينتج أقل من نصف قدرته البالغة 450 ميغاواط". وبالتالي، فإن الفيول العراقي سيستخدم لإنتاج أقل من نصف الكمية عينها، وليس لانتاج المعمل بطاقته الكاملة.  

أمّا الخطوة الإنقاذية للمعمل، وفق يعقوب، فتكمن بضرورة إنجاح عملية استجرار الغاز المصري، وهو كفيل أن يضمن –شرط الاستمرارية– تشغيل المعمل بكامل طاقته (450 ميغاواط)، وبكلفة أقل.  

جهوزية المعمل
ويلفت يعقوب، في حديث لـ"المدن"، أن معمل دير عمار يغطي نحو 25% من انتاج الطاقة في لبنان، ما يعكس أهمية دوره، "كما أن المعمل جيد تكنولوجيًا، ويمكن الاستفادة من التقنيات المتوفرة فيه، ويتأثر فقط بحرارة الطقس، وكلما كانت درجة الحرارة منخفضة ينتج بطريقة أفضل".  

ويشير يعقوب أن المعمل بجهوزية تامة لاستقبال الغاز المصري، ويحتاج فقط لأعمال تجارب تضمن سلامة أنابيبه وأمانها.  

وجاء الاتفاق الرباعي بين مصر والأردن وسوريا ولبنان، لاستجرار الغاز إلى معمل دير عمار، في لحظة مشحونة بالرسائل السياسية، وتحقق بضوء أخضر أميركي، كإجراء موازٍ لاستيراد حزب الله المازوت الإيراني.  

غير أن يعقوب يضعها بإطار إعادة إحياء الاتفاقية، بعد أن وقّع لبنان عقدًا عام 2009 مع مصر لاستجرار الغاز منها عبر الخط العربي. ثم علّق بأقل من عامين، لأسباب عدة، من بينها الحرب في سوريا.  

الإنتاج بالغاز
ومن العوامل الأخرى التي جمّدت استجرار الغاز المصري حينها، كان توقف مؤسسة كهرباء لبنان عن دفع المستحقات المترتبة عليها لإنجاز العملية، وفق ما يشير غسان بيضون، مدير الاستثمار السابق في وزارة الطاقة.  

ويعتبر بيضون، في حديث لـ "المدن"، أن حصول لبنان على الطاقة من مصادر متعددة، قد يبدو حلًا جيدًا في الظاهر. لكن الأهمية، "تكمن في الاستدامة، وإغلاق مسارب التدخلات السياسية في قطاع أنهكه الإفلاس والفساد وعقد الصفقات، التي راكمت المديونية مقابل حرمان اللبنانيين من الطاقة".  

ويلفت بيضون أيضًا، أن استجرار الغاز وحده، يضمن انتاج معمل دير عمار بكامل طاقته، وبكلفة أقل، ما سينعكس إيجابًا، إذا ضمن لبنان استمرار استجرار الغاز المصري، وإلتزام مؤسسة الكهرباء دفع المستحقات المترتبة عليها.  

ومن التحديات التي قد تواجه استجرار الغاز إلى المعمل، بحسب بيضون، هو تراجع أميركا عن موافقتها الضمنية، أو تعرض خط الغاز لاعتداء أمني، أو انسحاب أحد الأطراف من الاتفاق لاسباب متعددة سواء سياسية أو مالية.  

وذكر بيضون أن تصريح الجانب السوري على تكبد تكاليف كبيرة لتأهيل الخط في المساحة الممتدة داخل الأرضي السورية، قد يعني مطالبة بالحصول على تعويض لهذه الكلفة.  

وأردف إن تقاطع العوامل الايجابية والمستدامة، بالوقت نفسه، يضمن مستقبلًا توفير الطاقة في لبنان، وإلا سيبقى الأمر شبه مستحيل.  

ويتوقع بيضون أن يشهد معمل دير عمار، نهوضًا كبيرًا، إذا نجح مشروع تشغيله بالغاز، لأنه سيتيح التخلص من نحو 40% من التكاليف المادية بين هدر فني وغير فني.  

تأهيل المعامل
ودعا بيضون أن تكون الخطوة التالية لتطبيق الاتفاقية، هي ربط معمل دير عمار ببقية المعامل الحرارية، عبر خط بحري، لتتمكن جميعها من انتاج الطاقة بالغاز الطبيعي، ما يتطلب أيضًا تأهيلها لذلك. إضافة إلى ضرورة العمل على بناء معمل جديدة تعمل على الغاز، ووصلها ببعضها وربطها بخط الغاز العربي.  

أما الخوف الكبير، بحسب بيضون، أن تطرح بعض القوى السياسية، نظرًا لتقاطع المصالح، مشروع تشغيل البواخر على الغاز، وأن تدفع لإرسائها قرب معمل دير عمار تحقيقًا لمنافع كثيرة. وقال إن البيان الوزاري لحكومة نجيب ميقاتي، أضمرت غموضًا يثير الشكوك حول نية السلطة إحياء مشاريع البواخر، لدى ذكره عبارة "ضرورة العمل على زيادة ساعات التغذية الكهربائية بأسرع وقت ممكن".  

وما يحتاجه لبنان، لا يقتصر على على انتاج الكهرباء بأسرع وقت ممكن وحسب، على طريقة السلطة عبر "صفقات البواخر"، بل أن تكون أيضًا بأقل كلفة وأكثر استقرار واستدامة، يضيف بيضون. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها