الأحد 2021/09/19

آخر تحديث: 16:23 (بيروت)

الحكومة تقدم لوزارة الطاقة مشاريع منتهية الصلاحية

الأحد 2021/09/19
الحكومة تقدم لوزارة الطاقة مشاريع منتهية الصلاحية
فياض لا يعرف ما اختبره غجر في أروقة الوزارة (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
تتّجه الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي لتنال ثقة مجلس النواب، حاملة معها الخطوط العريضة لخطة عملها: استئناف مشاريع أثبتت فشلها. ويتحضّر مجلس النواب لشهادة الزور على تلك المشاريع التي وافق عليها سابقًا، ويريد استكمالها لاحقًا. وتشكّل "خطط" وزارة الطاقة العصب الأساسي للمشاريع الفاشلة التي أرهقت الخزينة. والغريب أن التيار المسيطر على الوزارة، يصرّ على مواصلة الطريق نفسها. والأغرب هو إصرار القوى السياسية الأخرى على تذليل العقبات أمام مسيرته. وتحضير الأرضية الخصبة لتلك المهزلة. وينطلق البيان الوزاري من الشق المخصّص للطاقة.

خطة قطاع الكهرباء
منذ العام 2010 وضع وزير الطاقة حينها جبران باسيل "خطة" لقطاع الطاقة، أسماها "ورقة سياسة القطاع". وبعيدًا من التسميات، كان من المفترض أن تنهض تلك الخطة بالقطاع، وتُنوِّع مصادر الطاقة وتزيد جباية مؤسسة كهرباء لبنان وتحسّن التغذية... وما إلى ذلك من اتجاهات إيجابية.

بيَّنَت التجربة أن الخطة ليست سوى ورقة تدَوَّن عليها كتابات ظاهرة تُعمي البصيرة عمّا تكتنزه النوايا، التي سُرعان ما تُرجِمَت بشركات مقدّمي الخدمات وبواخر الطاقة التي جيء بها تحت ستار "الموقَّت" لتصبح دائمة.
وتفرَّعَت عن الخطة الباسيلية مشاريع تتعلق بالاصرار على بناء معمل للكهرباء في سلعاتا، في حين أن لا لزوم له سوى المنفعة الشخصية والانتخابية. فضلًا عن ابتداع فكرة استجرار منصات الغاز العائمة خارج أي سياق قانوني لاجراء المناقصات وتلزيمها. وبالتوازي، وسَّعَ باسيل حدود خطّته لتشمل السدود، مطلًّاً على اللبنانيين من نافذة المياه، واعدًا إياهم بجرّ مياه نظيفة واستغلال السدود في توليد الكهرباء. فيما لم يحصد اللبنانيون سوى تدمير البيئة وفشل السدود، لأن طبيعة الأرض في لبنان لا تحمل المياه فوق سطحها، بل تمتصّها وتخزّنها في جوفها، لتصبح الآبار هي المشروع الأنسب لحل أزمة المياه، وهذا ما لا يريده باسيل.
في العام 2019، ارتأى باسيل تغيير ديكور خطّته التي التمس اللبنانيون فشلها حتى حين استلم سيزار أبي خليل الوزارة. وإن كان عهد أبي خليل قد طُويَ تحت لواء البواخر، فإن ندى البستاني قدّمت خطة أرادت من خلالها "خفض العجز المالي للمؤسسة وتحسين التغذية". ولتحقيق الهدفين، ارتأت البستاني "استقدام/إنشاء معامل مؤقتة إبتداءً من العام 2020 ولفترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات وبقدرة 1450 ميغاوات، يتم تركيبها في أي موقع مناسب، لتصريف الإنتاج الإضافي بشكل سريع.. بالتوازي، يتم إنشاء معامل دائمة في كل من سلعاتا، الزهراني والحريشة". أي عادت إلى خطة باسيل الأساسية، من دون تقييم ما جرى تدميره وهدره خلال نحو 9 سنوات من الخطة الأولى، فيما التغذية والجباية تراجعتا إلى حد الانهيار في عهد الوزير السابق ريمون غجر.

الوزير الجديد
وزير الطاقة الجديد وليد فياض، يختلف عن اللذين سبقوه إلى كرسي الوزارة. فالسابقون كانوا وما زالوا مستشارين لدى باسيل، ويعرفون تفاصيل خطته ومآربه، وتحديدًا البستاني وغجر، فيما هو (فياض) لم ينغمس في التفاصيل، فانزلق فور وصوله إلى الوزارة، في تصريحات غير دقيقة تثبت أنه غير عارفٍ بما أقحم نفسه فيه. وهذا ما يعطي صورة عن شكل الاصلاحات المزعومة التي تتبناها الوزارة والحكومة في بيانها الوزاري.

البيان الوزاري يؤكد على استكمال خطة الكهرباء، ليحقق "زيادة ساعات التغذية في مرحلة أولى وتأمين الكهرباء للمواطنين بأسرع وقت، والعمل على تنويع مصادر الطاقة وصولًا لاعطاء الأولوية للغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، واستكمال تنفيذ خطة قطاع الكهرباء والاصلاحات المتعلقة به مع تحديثها وإنشاء ما تحتاجه البلاد من معامل لتوليد الطاقة الكهربائية بمشاركة القطاع الخاص، واستكمال مشروع استقدام الغاز الطبيعي عبر المنصات العائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي".
لزيادة ساعات التغذية، على الوزارة تأمين الفيول باستمرار. وهذا أمر غير وارد من خارج ما سيقدّمه العراق أو ما يمكن اجتراحه عبر سلفات خزينة لاحقًا. لكن في المجمل، لن تزيد هذه المصادر التغذية سوى بنحو 4 ساعات نظرية، لا يعرف أحد كيف سيجري توزيع ما يتبقّى منها بعد هدر جزء منها في الشبكات المهترئة.
في تنويع مصادر الطاقة، ربما لم يكتشف فياض بعد أن على مكتبه في الوزارة، محطة لتوليد الطاقة الشمسية، لم يجرِ تشغيلها. وبالقرب من الوزارة، على نهر بيروت، جرى تركيب محطة توليد على الطاقة الشمسية تنتج 1 ميغاوات، ومن المفترض أن تُضاء الوزارة منها. لكنها لم تُشَغَّل أيضًا، بل جرى تغطية جزء من النهر ليصبح مركزًا للأوبئة والجراثيم من دون إنتاج الطاقة، لتستفيد منها الوزارة وعدد هائل من المنازل والمؤسسات القريبة من النهر. فيما الوزارة تطرح نفسها قدوة لباقي الإدارات والمؤسسات الرسمية في اعتماد الطاقة البديلة وتنويع مصادر الطاقة.

اختلفت القوى السياسية حول البيان الوزاري، وتحديدًا حول المشاريع التي ستُستَكمَل تحت مظلة البيان. وكان الهدف الأساسي من الاشتباك، هو التأكيد على إنجاز ما يتعلّق بمعمل سلعاتا وضمان استمرار البواخر وإزالة العقبات أمام التوزيع "المناسب" لمحطات الغاز العائمة. وكلها مشاريع منتهية الصلاحية يُراد استكمالها بالقوة. فهل هذه هي بوادر المرحلة القادمة في قطاع الطاقة؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها