الجمعة 2021/09/17

آخر تحديث: 12:31 (بيروت)

رفع الدعم كلياً عن المازوت.. والبنزين على سعر "المنصّة"

الجمعة 2021/09/17
رفع الدعم كلياً عن المازوت.. والبنزين على سعر "المنصّة"
الأهم هو تأمين الدولارات للاستيراد (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
لا يختلف اثنان على مسألة استبعاد نظرية تحسن قدرة الليرة الشرائية، كنتيجة لتطور مالي أو اقتصادي. فما حل بالليرة في اليومين الماضيين لا ينفصل عما يجري في كواليس مصرف لبنان ووزارة الطاقة، ممثلة الحكومة الجديدة، حول قرار رفع الدعم نهائياً عن المحروقات. فلا الليرة تحسنت قيمتها ولا سعر صرف الدولار تدهور أمامها. كل ما في الأمر أن أصحاب القرار ممن لديهم اليد الطولى في سوق الصرف، ساهموا  بشكل أو بآخر بتراجع سعر الصرف بشكل صاروخي، تمهيداً لاتخاذ الحكومة الجدبدة قرار وقف الدعم وإصدار تسعيرة جديدة للمحروقات، بناء على سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

فالقرار الذي تم اتخاذه ليل أمس، والمتعلّق برفع الدعم عن المازوت وبيع الطن منه بـ549 دولاراً، في حين أن سعر صرف الدولار يقارب حالياً 14000 ليرة، سيكون وقعه على المواطنين أخف وطأة مما لو كان سعر الصرف في محيط 19000 ليرة، وهو المستوى الذي انحدر منه سعر الصرف خلال الأيام الماضية.
ما الذي حصل في ملف المحروقات؟ ولماذا طلبت مديرية النفط وقف التوزيع، ثم نقضت قرارها؟ وهل رُفع الدعم كلياً عن المحروقات؟

قرارات متناقضة
حتى يوم أمس، لم يكن قرار رفع الدعم عن المازوت قد اتخذ نهائياً. فالأجواء كانت تتجه إلى استمرار الدعم وفق سعر صرف 8000 ليرة للدولار للبنزين. وعليه قرر مصرف لبنان فتح اعتمادات لبواخر المحروقات المتوقفة في المياه اللبنانية، والتابعة كل منها لإحدى شركات الإستيراد. وعليه، بدأت البواخر بتفريغ حمولتها.. غير أن المديرية العامة للنفط سرعان ما أبلغت الشركات (أمس) بعدم التسليم للمحطات، ريثما يتم إصدار جدول جديد للأسعار. كما عمدت مديرية النفط إلى أخذ كيل (تحديد حجم المخزون) الخزانات التابعة للشركات. الأمر الذي يحتم على الأخيرة وقف التسليم إلى حين موافقة المديرية وتحديد أسعار المحروقات.

تضارب القرارات الذي حصل يوم أمس، "أشاع حال من الإرباك في الأسواق"، حسب تعبير رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط، جورج فيّاض، في حديثه إلى "المدن". ويستغرب كيف يمكن أن تُتخذ قرارات غير منسجمة، تتسبب بتجفيف السوق وعدم التسعير. هذه الحال عبّر عنها كذلك عضو نقابة أصحاب المحطات، جورج البراكس، في حديث إلى "المدن". إذ عمدت المحطات إلى بيع مخزونها على أمل تسليمها المحروقات من قبل الشركات "ليُفاجأ الجميع بأن المديرية العامة للنفط قررت عدم التسليم".

تلك الفوضى لم تكن سوى محطة عبور إلى مرحلة رفع الدعم عن المحروقات. فحسب مجرى الأمور ليلاً، يتضح أن القرارات العشوائية لم تكن إلا لتمهّد الأرضية لرفع الدعم كلياً عن المازوت، وخفض الدعم عن البنزين من احتساب الدولار عند 8000 ليرة إلى 12800 ليرة. أي وفق سعر صرف "منصة صيرفة".

رفع الدعم
قرار رفع الدعم اتخذته الحكومة الجديدة، بالتوازي مع عاملين غير مفاجئين بل منتظرين. الأول، يتمثل بوصول المازوت الإيراني الذي أكد مستورده -أي حزب الله- نيته توزيعه مجاناً على المستشفيات الحكومية وعدد من المؤسسات الحيوية. والعامل الثاني، يتمثل بانخفاض سعر صرف الدولار في السوق السوداء بتدخل مباشر من مصرف لبنان، وعدد من الصرافين المؤثرين بالسوق. وهو ما انعكس فوراً على سعر منصة صيرفة التي حدّدها مصرف لبنان بـ12800 ليرة للدولار.

إذاً، لم يكن التأخر بإصدار جدول جديد لتركيب أسعار المحروقات عفوياً، بل متعمّداً، ويندرج في سياق خطة خبيثة تستهدف تمرير قرار رفع الدعم عن المحروقات، مع ضمان عدم اعتراض أي من الفئات الاجتماعية عليه. خصوصاً، أن قرار رفع الدعم لم يترافق مع وفاء السلطة بوعدها إطلاق البطاقة التمويلية.

الأسعار الجديدة
وحسب جدول تركيب الأسعار الجديد الذي صدر صباح اليوم الجمعة 17 أيلول، فإن سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان بلغت 180 ألف ليرة، و95 أوكتان بلغت 174300 ليرة. أي أن البنزين لا يزال مدعوماً وفق ما تؤكد مصادر حتى نهاية شهر أيلول. لكن باحتساب سعر صرف الدولار 12800 ليرة وليس 8000 ليرة.

أما المازوت فقد غاب عن جدول تركيب الأسعار. والسبب، أن المديرية العامة للنفط أصدرت قراراً سابقاً، يقضي بتحديد سعر مبيع المازوت عند 549 دولاراً للطن بأرضه، أي سعر الشركة. بمعنى أنه بعد إضافة النقل والتوزيع وغير ذلك قد يصل سعر طن المازوت إلى 600 دولار. أي أن سعر صفيحة المازوت غير المدعوم ستقارب 12 دولاراً.

أما رصيد المازوت المدعوم والمتبقي في الأسواق، فسيتم توزيعه -وفق ما يؤكد البراكس- على عدد محدّد من القطاعات، كالمستشفيات والأفران والمطاحن، وباقي القطاعات المهمة، في حين سيحصل المواطنون عليه بسعر غير مدعوم قد يتجاوز 174000 ليرة، فيما لو استمر سعر صرف الدولار في محيط 14500 ليرة. أما في حال ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، فذلك سيعرض سعر المازوت للارتفاع المباشر، وكذلك ارتفاع البنزين بالتوازي مع سعر صرف منصة صيرفة.

ويبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو ضبط الأسواق، لجهة لجم انفلات سعر صرف الدولار وتحديد أسعار المحروقات. والأهم من ذلك تأمين الدولارات للاستيراد.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها