ومع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والنقدية سوءاً، جاءت نجدة الشركة من ناحية اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا IATA)، إذ "وافق الاتحاد على تقاضي الشركات العاملة في لبنان، ثمن تذاكر السفر بالدولار النقدي، بدءاً من مطلع شهر حزيران المقبل. والقرار ليس محصوراً بطيران الشرق الأوسط"، وفق ما يؤكده رئيس نقابة وكلاء السياحة والسفر، جان عبود، خلال حديث لـ"المدن".
الاتحاد الدولي أمَّنَ السَنَد التشريعي لطيران الشرق الأوسط، انطلاقاً من تراكم مستحقات الشركات الدولية التي ستشكّل الأزمة المقبلة أمام لبنان، وإن كانت لا تزال أزمة صامتة حالياً. فحسب عبود "الشركات العاملة في السوق اللبنانية كانت تقبل الشيكات من مكاتب السفر بانتظار أن يتولى مصرف لبنان تحويل دولاراتها إلى الخارج، لكن المركزي تأخّر عن التحويل حتى باتت قيمة المستحقات العالقة نحو 150 مليون دولار".
التأخر عن التحويل، سيضع مستحقات شركات الطيران بمصاف سندات اليوروبوند التي تخلّف لبنان عن سدادها، بفعل قرار حكومة حسان دياب في آذار من العام الماضي، وخسر لبنان إثرها ثقة المجتمع الدولي بقدرته على الايفاء بالتزاماته المالية، فتراجع معدل الاستثمار والتدفق المالي. وهو ما يُتَوَقَّع حصوله في قطاع الطيران، في حال قررت الشركات الدولية تحصيل حقوقها. أما إذا امتنع لبنان عن الدفع، فقد توقِف الشركات رحلاتها من لبنان وإليه، فتعزله عن العالم، وقد يتطوّر الأمر إلى حد رفع دعاوى قضائية دولية ضده.
لكن حتى اللحظة، تنحصر انعكاسات الأزمة بتقاضي ثمن التذاكر بالدولار النقدي، إلى أن تقرر الشركات مصير مستحقاتها العالقة.
انكماش إضافي
يوضح عبود أن قرار اعتماد الدولار يترافق مع تعديل للأسعار بما يتناسب مع الأزمة اللبنانية. وعليه، فإن "أسعار التذاكر التي كانت بنحو 1000 دولار، ستصبح بنحو 300 دولار. علماً أن الشركات العاملة في لبنان، تدفع الضرائب بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة. وقيمة الضرائب والرسوم تشكّل نحو 20 بالمئة من كلفة التذكرة". وهذا التعديل يُخفِّض كلفة التذكرة بالدولار، لكنه يرفعها بالنسبة لغالبية اللبنانيين. ما يعني أن قطاع الطيران سيشهد انكماشاً إضافياً يزيد من أزمته التي تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا، الذي أجبَرَ مطار بيروت على العمل بنسبة 30 بالمئة من قدرته التشغيلية، وساهم مع الأزمة الاقتصادية والنقدية بـ"تراجع نسبة عمل مكاتب السفر بنحو 75 بالمئة".
ويتوقع عبود أن تنحصر إمكانية السفر "بنحو 3 بالمئة من اللبنانيين. فحتى مَن يملك الدولار قد لا يستغني عنها لأجل السفر، ما لم يكن مضطراً بسبب العمل. إذ هناك أولويات بالنسبة إلى اللبنانيين".
وتجدر الإشارة إلى أن انكماش قطاع الطيران ليس محصوراً بالسوق اللبناني، مع أنه الأكثر عرضة للخسارة بسبب الأزمة الداخلية. فالاتحاد الدولي أظهرَ في تقاريره حول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأن فيروس كورونا سيؤدي إلى خسائر بما لا يقل عن 24 مليار دولار، وستتأثر نحو 1.2 مليون وظيفة من أصل 2.4 مليون وظيفية مرتبطة بالطيران والصناعات ذات الصلة.
الدولة عاجزة
حققت شركة طيران الأوسط مبتغاها، لكن لا تُلام بشكل فردي. فالدولة هي مَن أوقعت نفسها بهذا المأزق، فزادت الضغط على مواطنيها، وعرَّضَت البلاد لأزمة دولية مرتقبة، وخسرت إيرادات بالليرة فقدت قيمتها مقابل كلفة التذاكر التي ارتفعت مقارنة مع أسعار العملة المحلية.
وإزاء هذا الواقع، "لا تملك مكاتب السفر أي تصورات للحل. فالأزمة مرتبطة بالدولار ولا حل قريباً". وإن كانت بعض الحكومات في دول العالم تدعم شركات الطيران والقطاع برمّته نتيجة التعثر الذي فرضه كورونا، فإن لبنان غير قادر على انتشال قطاع الطيران، على غرار باقي القطاعات، وما على المسافر إلاّ دفع الثمن.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها