الأحد 2021/10/31

آخر تحديث: 11:35 (بيروت)

ميناء للأكل والشرب: مَن يُنقِذ مرفأ بيروت بعد نكبته؟

الأحد 2021/10/31
ميناء للأكل والشرب: مَن يُنقِذ مرفأ بيروت بعد نكبته؟
من المتوقع إصلاح جميع الرافعات حتى نهاية العام (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
جملة من الانتكاسات ألمَّت بمرفأ بيروت، يختصرها التفجير الذي حوَّلَ مسار المرفأ 180 درجة، بالإضافة إلى مسار البلاد الذي انزلق إلى الهاوية، من دون رجعة، منذ نحو سنتين.
مبادرات داخلية وخارجية لإنقاذ الوضع ومحاولة إعادة المرفأ إلى دوره الطبيعي. ولم تفلح أيٌ من المبادرات حتى اللحظة. ووسط التراجع المستمر في حركة المرفأ، يُعوَّل على إجراء مناقصة تلزيم تشغيل محطة الحاويات، فلربما أسعَفَت بعضاً ممّا يمكن إسعافه. وإلى حينه، ماذا يبقى للمرفأ لتقديمه؟

تراجع الحركة
ليس سراً أن لبنان يعيش على الاستيراد، وتأتي معظم المستوردات عبر مرفأ بيروت، الذي كان يمتلك واحدة من أهم محطات الحاويات في حوض البحر المتوسط. لكن المتغيّرات التي أصابت المرفأ خصوصاً ولبنان عموماً، ضَرَبَت حركة الاستيراد التي تشكّل المستوعبات نحو 80 بالمئة منها، فيما 20 بالمئة الأخرى هي مستوردات لا تحتاج إلى مستوعبات، مثل السيارات والحديد الصناعي.
التفجير والانهيار الاقتصادي والنقدي، وتحركات 17 تشرين الأول 2019 وغيرها، غيَّرَت ملامح المرفأ وحركته، التي لم تعد كما سابق عهدها منذ 15 عاماً على الأقل. فاليوم "تراجعت حركة الاستيراد عبر المرفأ بنحو 50 بالمئة. فيما خدمات محطة الحاويات تراجعت بنحو 30 بالمئة، أما حركة المسافنة فانعدمت تقريباً. وما بقي من حركة في المرفأ، ينحصر بتغذية الاستهلاك المحلي"، وفق ما يقوله لـ"المدن"، رئيس غرفة الملاحة الدولية، إيلي زخور.
تطوير محطة الحاويات.

ولأن الثقل الأكبر لحركة المرفأ يقع على عاتق محطة الحاويات، فإن تطويرها وإعادة تشغيلها بالزخم الذي كانت عليه قبل التفجير، هو الخطوة الأبرز لتحسين أحوال المرفأ.
المحطة اليوم رهن "مهندسين صينيين وأوروبيين، يعملون على إصلاح الرافعات"، يقول زخور. ومن الأسهل السؤال عن الرافعات السليمة وليس المتضررة. فالسليمة عددها اثنتان فقط من أصل ست عشرة رافعة.
العمل جارٍ على الإصلاح. ويؤكّد زخو بأن "إصلاح 11 رافعة سيتم بحلول شهر تشرين الثاني المقبل، فيما إصلاح بقية الرافعات سينتهي آخر السنة، أي بشهر كانون الأول". وعندها ستتمكّن محطة الحاويات من تسريع حركة المرفأ، ولن يؤخّرها شحّ المحروقات وانقطاع الكهرباء "فهناك مولّدات كهربائية خاصة، ومخزون كبير من المازوت". ويبقى بعد ذلك "حماية المحطة عبر تكبير كاسر الموج الذي بات قاصراً بطوله الحالي عن حماية المحطة بعد تطويرها وتوسعتها من 600 متر إلى 1100 متر".

أزمة هوية
تشغّل شركة Beirut Container Terminal Consortium (BCTC) مرفأ بيروت، منذ العام 2005. وبالتوازي، تدير المرفأ لجنة مؤقتة، يتماشى وضعها القانوني مع تركيبة البلاد التي تحكمها هيئة ناظمة للفساد، فتترك المؤسسات والمرافق خارج الإطار القانوني السليم، ليسهل رسم الصفقات، وذلك يؤثّر على عملية تلزيم شركة جديدة تخلف شركة BCTC في تشغيل المرفأ.
والتلزيم بطبيعة الحال، يحتاج لإجراء مناقصة. وهنا تُستحضر أزمة الهوية الدائمة لمؤسسات الدولة، ومعها يُعاد طرح السؤال حول الجهة الصالحة لإجراء المناقصات. هل هي المؤسسة أو المرفق نفسه، أم إدارة المناقصات في التفتيش المركزي؟
ولأن مرفأ بيروت ليس مؤسسة عامة بشكل خالص، ولا إدارة عامة، ولا شيء من هذا القبيل. ولأن اللجنة المؤقتة التي تديره لديها نظامها المالي، فتقول بأنها قادرة قانونياً على إجراء المناقصة "وبالتالي لا حاجة لها للذهاب إلى إدارة المناقصات"، وفق ما تقوله مصادر قانونية متابعة للملف.
وتضيف المصادر في حديث لـ"المدن"، أن "مصير اللجنة غير معروف. وبالتالي، من غير المعروف ما إذا كان هناك رقابة شفّافة على التلزيم أم لا. لكن في جميع الأحوال، هناك خطوة إيجابية، لكنها ما زالت ناقصة، وتتمثّل في عرض دفتر شروط المناقصة على إدارة المناقصات لإبداء رأيها ووضع ملاحظاتها".
شهد دفتر الشروط بعض الملاحظات. "أُخِذَ بجزءٍ منها وأهمِلَ الآخر. لكن ما أُخذ يطال جوهر المناقصة ويضمن مصلحة الدولة المالية ويضمن عنصر المنافسة". ومن المتوقع أن يُنجَزَ الدفتر بصيغته النهائية "بعد نحو أسبوع". فيبقى بعده إتمام المناقصة التي من المرجّح أن تجريها اللجنة المؤقتة لإدارة المرفأ.

إصلاح الرافعات وإنجاز مناقصة تشغيل المرفأ وعلى رأسه محطة الحاويات، يقدّم صورة أوليّة إيجابية لعمل المرفأ. على أن إتمام أجزاء الصورة يبقى لدى الدولة. فإما تعمل على تطويره وإنقاذه من نتائج الكارثة، وإما تكتفي به كممرٍّ للأكل والشرب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها