السبت 2021/10/02

آخر تحديث: 16:32 (بيروت)

"جمهورية" المولّدات لن تلتزم بتسعيرة الوزارة: الفاتورة على مزاجنا

السبت 2021/10/02
"جمهورية" المولّدات لن تلتزم بتسعيرة الوزارة: الفاتورة على مزاجنا
من لا تعجبه التسعيرة فليقطع اشتراكه (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
أصحاب المولّدات الذين كانوا يتحدُّون الدولة ويتحرَّرون من قرارات مؤسساتها ووزاراتها، بفعل قوّتهم على أرض الواقع، باتوا أكثر تحرّراً بفعل الواقع نفسه، مضافاً إليه الانهيار الاقتصادي والنقدي وارتفاع أسعار المحروقات، فضلاً عن الغطاء الحزبي والمناطقي الموجود سابقاً. وفي المحصّلة، مَن لم يعجبه السعر وجدول التقنين، فليوقف اشتراكه وينتظر كهرباء الدولة. ومَن يخضع، عليه دفع الفاتورة التي تتزايد تباعاً.

التسعيرة الجديدة
رفض أصحاب المولدات التسعيرة التي وضعتها وزارة الطاقة، والبالغة 3426 ليرة للكيلواط. فوصفها رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة في لبنان، عبدو سعادة، بأنها "مجحفة وغير عادلة وتكسر أصحاب المولدات". ليخلص إلى القول "لن نلتزم بالتسعيرة". وبرأيه، فإن "تسعيرة جدول الأسعار يجب أن تكون 4250 ليرة للكيلواط، بالإضافة إلى 10 بالمئة جباية".

سيعتمد أصحاب المولدات تسعيرتهم الخاصة، ويضعون بذلك أنفسهم في صراع مع وزارة الاقتصاد، التي يناط بها مراقبة الالتزام بتسعيرة وزارة الطاقة. ويمتد الصراع إلى بعض البلديات التي كلّفت نفسها مساندة الوزارات المعنية وضمان أكبر قدر من مصلحة للمشتركين. لكن يبقى الهامش واسعاً وينفذ منه أصحاب المولدات لفرض ما يريدونه، بسبب الواقع الفضفاض لهذا القطاع غير المقونن، والمُنشأ بفعل عجز وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان عن تلبية حاجة المواطنين.

صراع الأقطاب
عدم قانونية القطاع يجعل من المستحيل تنظيمه، وفرض الوزارات قراراتها على أربابه، وإن أذعنوا أحياناً، فلتفادي الملاحقات القانونية ورفع سقف المواجهة مع الدولة. علماً أن حلَّ المسألة بالنسبة لأصحاب المولدات، يقف عند قطع الكهرباء والتهديد بالخروج من السوق ووقف الخدمة برمّتها، وبالتالي ترك المواطنين بلا كهرباء. فضلاً عن أن عديد مراقبي وزارة الاقتصاد ضئيل جداً، وغير قادر على تغطية مساحة البلاد وضمان التزام كافة أصحاب المولدات بالقرارات. فيسجّل بذلك أصحاب المولّدات، نقطة لصالحهم، ضد وزارتيّ الطاقة والكهرباء.

النقطة الثانية هي ضد البلديات، يكسبها أصحاب المولدات لسببين رئيسيين، أولاً بسبب قرب العديد منهم من مراكز القرار في البلديات أو الأحزاب السياسية المسيطرة عليها، ما يتيح تمييع فرض العقوبات أو التملّص منها، وصولاً إلى حد تجاهلها بعد أيام من اتخاذها، وإجراء الحملة الإعلامية المواكبة لها. وثانياً، بسبب قوى الأمر الواقع في بعض المناطق، والتي تتشابك فيها العائلية مع أصحاب النفوذ في الشارع، وهؤلاء يفرضون خوّات وقرارات على أصحاب المولّدات الذين بدورهم يحيلون نتائج تلك الممارسات على المشتركين، إما بجدول تقنين أو أسعار معينة تأخذ بالاعتبار الخوات المدفوعة. ولضمان مصدر رزقها، تُعلي قوى الأمر الواقع، كلمتها فوق كلمة البلديات.

ومع ذلك، تواصل بعض البلديات محاولات تنظيم العلاقة بين أصحاب المولدات والمشتركين، على غرار بلديات الضاحية الجنوبية، التي أكّد اتحاد بلدياتها على "ضرورة التزام أصحاب المولدات بالتسعيرة الصادرة عن وزارة الطاقة والتسعيرة المقطوعة الصادرة عن الاتحاد، والمخصصة للمولدات التي لا تعتمد العدّاد بل الديجنتور، مع التأكيد على أصحاب المولدات العمل على إلغاء الديجنتورات واستبدالها بالعدادات".
وحذّر الاتحاد في بيان له، من أنه في حال ارتكاب أي مخالفة، "سيلغى إسم الاشتراك من جدول تزويده بالمازوت المدعوم (الإيراني)، وستتخذ بحقه الإجراءات القانونية لجهة تحرير محضر مخالفة والإدعاء عليه لدى الجهات القضائية المختصة". وحدّد الاتحاد تسعيرة "المقطوعة" بحسب ساعات التشغيل. وتبلغ بأدناها 552 ألف ليرة لقاء 8 ساعات تشغيل يومياً، وبأقصاها مليون و104 آلاف لقاء 16 ساعة تشغيل.

أمر واقع
ما يتضمّنه قطاع المولّدات الخاصة من علاقات متداخلة ونتائج مختلفة لهذا التداخل، مع عدم نسيان كونه قطاعاً غير قانوني، يعني بأن الكفّة ترجَّح دائماً لصالحه، وتحديداً في ما يتعلّق بالأسعار. ومحاولات لجم أقطابه ووضع أسس تنظيمية، باءت بالفشل، بدءاً من محاولات الوزير جبران باسيل حين كان وزيراً للطاقة. إذ "فشل وهو يحاول البحث عن طريقة لإخضاع أصحاب المولّدات لرسوم أو ضريبة"، وفق ما تؤكّده مصادر في وزارة الطاقة، خلال حديث لـ"المدن".

ويصعب في الوقت الراهن الإمساك بالقطاع لأن "الظروف اختلفت كثيراً بين العام 2012 واليوم. علماً أن الظروف سابقاً كانت مؤاتية أكثر لضبط القطاع. وكان ردّ أصحاب المولّدات على محاولات التنظيم، عبارة عن جملة واحدة، تتلخّص بأن التنظيم يُعتَبَر إقراراً ضمنياً بتشريع نشاط أصحاب المولّدات".
تأسف المصادر لبسط أصحاب المولّدات سيطرتهم وتحوّلهم إلى أمر واقع يستحيل إنكاره ويستحيل تنظيمه، "حتى أن قرار تركيب العدادات لم ينجح لأن أصحاب المولدات لا يريدونها، وباتوا يتقاضون من المشتركين أكلافاً خارج الفاتورة، ووزارة الاقتصاد لا تستطيع مراقبتها. ومن يشتكي من المواطنين، تُقطَع عنه الكهرباء".

مواصلة الارتفاع
الحلقة الأضعف في هذه المعضلة، هي المشتركين. وسيواصل هؤلاء دفع الثمن لأن أرقام الفاتورة ستواصل الارتفاع، مدعومة باستمرار الانهيار وارتفاع أسعار الدولار وأسعار المحروقات، التي تُتَّخَذ أحياناً شماعة لفرض فواتير مرتفعة وجدول تقنينٍ قاسٍ. كما أن السوق السوداء للمحروقات، تشكّل أرضية صلبة للاتكاء عليها. أما التواطؤ مع بعض موظفي مؤسسة كهرباء لبنان للتلاعب في ساعات التغذية والتقنين وبتوزيعها جغرافياً، فيعطي بعض أصحاب المولدات فرصة لمراكمة أرباحهم.

وتتساءل المصادر "عمَّن أعطى هؤلاء هامش مناورة سواء في ما يتعلّق بكهرباء لبنان أو بالسوق السوداء. ومن يحميهم من قوة القانون والقوى الأمنية؟". وتخلص إلى أن "ما تقوم به الدولة عبر الوزارات أو الحكومة، هو عرض عضلات وادّعاءات ووعود، تُترجمها أو تكذّبها التجربة على أرض الواقع. وطالما لا يوجد آليات ووسائل لتنفيذ القرارات والوعود، وطالما أن أسعار الدولار والسوق السوداء متفلّتة، ولا قدرة للدولة على تنفيذ قراراتها وغياب الخطط الصحيحة، فلا حلول، والفاتورة سترتفع دائماً".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها