الثلاثاء 2020/07/07

آخر تحديث: 14:31 (بيروت)

إشارات المرور: أعطال مفتعلة.. وإصلاحها بسعر الدولار

الثلاثاء 2020/07/07
إشارات المرور: أعطال مفتعلة.. وإصلاحها بسعر الدولار
مع تفاقم الأزمات أصبح التركيز على التقيّد باشارات السير أمراً غير ذي أهمية (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
شكّلت الفوضى وعدم الالتزام بالنظام والقانون، سمة بارزة لحياة أغلب اللبنانيين. فلم تكن إشارات السير محطّ اهتمام لكثيرين من سائقي السيارات، وإن كلّفهم عدم التقيّد بدلالات الألوان الثلاثة لإشارات المرور، تحرير غرامة مالية.
ومع تفاقم الأزمات، أصبح التركيز على التقيّد بإشارات السير أمراً غير ذي أهمية، مقارنة مع ما يواجهه اللبناني من مصاعب وهموم، تنسيه النظر إلى لون الاشارة. فكيف بالتركيز على تفاصيل ملف إدارة السير، وتحديداً الشق المتعلّق بصيانة وتركيب إشارات المرور؟
مع ذلك، انتبه المواطنون كيف أن تلك الإشارات بدأت فجأة في وقت واحد تتعطل، على نحو مثير للريبة. ثمة أمر غير طبيعي ومستغرب.. وقد يكون ذلك بفعل فاعل.

صفقات وأرباح
ترتبط عملية تركيب وصيانة إشارات السير، بمشروع تركيب عدّادات الوقوف (البارك ميتر)! إذ يتغذّى المشروع الأول من عائدات المشروع الثاني. وهنا تكمن المعضلة أو الحيلة. فمشروع عدادات الوقوف لم يُدخِل إلى بلدية بيروت "فلساً واحداً منذ العام 2007"، وفق ما أكده محافظ بيروت السابق زياد شبيب. ولهيئة إدارة السير دور في حرمان البلدية من العائدات، خصوصاً وأنها "لم تباشر بتزويد البلدية بالجداول والتفاصيل المالية، العائدة للمبالغ المحصلة بواسطة العدادات، ومصاريف تشغيل وتطوير هذه العدادات كل ستة أشهر، ما حرم البلدية الاطلاع على حقيقة مداخيل هذه العدادات وكلفة صيانتها، ومعرفة ما يعود لها من عائدات هذه العدادات"، بحسب شبيب. وكلنا يعرف ما كان مصير ملف الفساد في هيئة إدارة السير: تحقيق قضائي بلا نتيجة واضحة.

إهمال الملف، أدّى مع مرور الوقت إلى مزيد من الأضرار في إشارات السير، من دون إصلاحها وصيانتها الدورية. وتراكم الأعمال، جعل من الصعب إنجازها دفعة واحدة. خصوصاً وأن الصفقات والغموض المتعمّد لتفاصيل العقود، وأدوار المتعهّدين، ومسؤولية هيئة ادارة السير ودورها، يزيد الوضع تعقيداً. ما سمح بتوقّف الكثير من إشارات السير داخل بيروت وبعض المناطق، من دون ردود فعل رسمية تُذكَر.

أولى ردود الفعل اتّجهت نحو وزارة المالية، لما لإشارات السير من أهمية للصالح العام، تحديداً لكونها تتّصل بشبكة من كاميرات المراقبة، التي تساهم في تنظيم السير والمراقبة الأمنية لصالح قوى الأمن الداخلي، أي أن للدولة مصلحة في حل ملف الإشارات. لكن الوزارة أكدت عدم صلتها بقضية إصلاح الإشارات، ولا نظام كاميرات المراقبة أو حتى اللوحات الإرشادية. وسلّطت الوزارة الضوء على أن هذا الملف هو "موضوع نزاع بين هيئة إدارة السير وبلدية بيروت".

الإصلاح بالدولار
تحاول بلدية بيروت بالتعاون مع محافظة بيروت وهيئة إدارة السير وقوى الأمن الداخلي، وضع حد للتخبط الحاصل على مستوى تحديد المسؤوليات، وانجاز الصيانة المطلوبة والانتهاء من الملف. وذلك عبر "عقد اجتماعات دورية بين المعنيين بالملف"! على حد قول مصادر في محافظة بيروت، والتي تشير إلى أن "البحث في التفاصيل أفضى إلى وجود شكوك حول افتعال أزمة، عبر تعطيل عدد من الإشارات بصورة متعمّدة، بالإضافة إلى الإهمال المتعمّد للصيانة، ما أدى إلى تفاقم الوضع".

حركة الاجتماعات لا تعني أن الملف سينتهي بشكل إيجابي سريعاً، إذ أن "جهات معيّنة تعمل على تعقيد الملف، لتحقيق استفادة مادية، خصوصاً وأن عملية صيانة الإشارات ستُسعَّر بالدولار الذي تحلّق أسعاره حالياً. وهيئة إدارة السير، وهي الجهة الوصيّة على المشروع، لم تحرك ساكناً". ومع ذلك، ترى المصادر بعضاً من الأمل في إتمام الملف والوصول إلى خواتيم ايجابية، فيما لو تعاون الجميع.

وتخشى المصادر من "تعطيل مقصود للحل، قد يمتد لوقت أطول، لأن ارتفاع أسعار الدولار سيُغري المستفيدين لتحقيق أرباح خيالية، حين تنضج آليات الحل، ويُباشَر بالإصلاح". وترمي المصادر كامل المسؤولية على وزراء الداخلية المتعاقبين، وعلى مجلس الوزراء. فالوزراء جعلوا ملف إدارة السير، وكل ما يتّصل به، بؤرة للهدر والفساد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها