الجمعة 2020/12/04

آخر تحديث: 17:48 (بيروت)

سلامة يتحدّث عن احتياطي الذهب: نحو خيار الإفلاس

الجمعة 2020/12/04
سلامة يتحدّث عن احتياطي الذهب: نحو خيار الإفلاس
حتى اللحظة، الذهب ليس بيد الحاكم، ولا يمكنه التصرّف به (Getty)
increase حجم الخط decrease
استحضار ما خُزِّنَ لسنوات في أدراج منسيّة، يعني أنَّ الأسوأ يلوح في الأفق. هذا الخيار لا ثاني له، سواء لدى الأفراد أو الشركات أو الدول. فلا أحدَ يقترب من مخزونه الذهبي والنقدي إلاّ في حال العَوَز الشديد المُمَهِّدِ للإفلاس. وهذا الحال ليس بعيداً عن لبنان الذي استَنفَذَ شتّى الوسائل والمعونات المتاحة، داخلياً وخارجياً. حتّى أن ما يُطرَح مِن خطط إصلاحية ودعوات في هذا الإطار، لا يخرج من دائرة الرَمَق الأخير. فمَن يطرح الإصلاحات مِن المجتمع الدولي، يعي تماماً أنَّ هذا المَطلَب يائسٌ لا محال. لكن ما على الناصح إلاّ تقديم النصيحة، وكيف إذا كان للناصح مصلحة في إفلاس البلاد تمهيداً لاستلامها من دون عناء، عبر باب صندوق النقد الدولي؟.

رسالة مزدوجة
ما تَقَدَّم، يتقاطع مع كثرة الحديث عن احتياطي الذهب. فحتى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أَكثَرَ من الكلام عن الاحتياطي، على غير عادة. قاصداً توجيه رسالة مزدوجة، جزء منها موجّه للشعب، ليقول عبرها أنّنا شارفنا على الوصول إلى دوّامة المجهول، علماً أنّه استَبَقَ هذا الإعلان بكلام صريح حول توقُّف الدعم بعد نحو شهرين. وجزء آخر موجَّهةٌ للمنظومة الحاكمة، مفادها أنّ السياسات السابقة التي أعمَت البلاد لثلاثة عقود، ما عادت تنفع. والاستمتاع بالسجالات السياسية وكأنّنا نملك وقتاً، ما عاد ينفع. والأهم من كل ذلك، يريد سلامة تهديد المنظومة بشكل مبطَّن، من خلال القول بأنّ آخر الطلقات هو تسييل الذَهَب، فكفى توجيه السهام باتّجاه المركزي وحاكمه، وكأنّ الحاكم وحده المسؤول عن الأزمة. ها هو احتياطي الذهب جاهز للتسييل في حال استمَرَّ رمي الكرة في ملعب المركزي وحده.. أو اخلقوا معجزةً تحلُّ الأزمة.

ويلعب سلامة على الحافّة. لا يريد إسقاط المنظومة بلا إحراجها، فهو جزءٌ منها، ولذلك طمأنَ الناس الى أنَّ "ثلث ذهب لبنان موجود في نيويورك. ويردنا تأكيد على وجوده كل سنة. وهو حرّ من كل التزام أو رهن، وهناك قانون يمنع الرهن أو البيع. والذهب الموجود في خزنات مصرف لبنان هو بقيمة الثلثين. وفتح هذه الخزنات يتطلب وجود ثلاثة مفاتيح".

لا نملك خياراً
لا ضمانَ للطمأنينة، "فلسنا نحن مَن يملك الخيار" تقول مصادر مصرفية في حديث لـ"المدن". وتضيف أننا "امتلكنا الخيار في بداية الأزمة"، أي حتى منتصف العام 2019 تقريباً، فبعد هذه الفترة "باتت كل الاحتمالات مفتوحة". وزادت المنظومة السياسية الأمور تعقيداً "عندما تسرَّعَت بتعليق دفع سندات اليوروبوند". فالتعليق تحوَّلَ الى تملّص من الدفع "ولم يعد أحد يأتي على ذكر مُهَل الدفع وآلياته ومصدر الأموال التي سندفعها".

"نَعَم علينا أن نخاف"، تقول المصادر. وحاكم مصرف لبنان، رغم كل الملاحظات على اشتراكه في كل ما حصل من أزمات حتى اللحظة، يُدرك حقيقة الأمور. ولهذا يوجّه رسائله بغضّ النظر عن حجم انخراطه في ما يحصل. وهو قد أعطى مهلة زمنية لا تتعدّى الشهرين، للانطلاق نحو كل الاحتمالات والتساؤلات، بدءاً من ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وإخفاء الدولار في الأسواق.. وما إلى ذلك.

زَمَن التصفية؟
لا تستبعد المصادر أن يكون لبنان قد دخل "زمن التصفية". فالحديث عن وقف الدعم وعدم الاكتراث لمؤتمرات الدعم الدولية، يعني أن المنظومة تصفّي كلّ شيء، فأركانها برأي المصادر هُم "وكلاء تفليسة... صفّوا أموال الدولة وأموال الناس، واقتربوا من الذَّهَب".

ليس الاقتراب من الذهب المقدَّرة قيمته بنحو 17 مليار دولار، سهلاً بالصورة التي يُقارَب بها الموضوع إعلامياً. فالتسييل "يحتاج إلى قانون، على غرار القانون الذي يمنع التصرّف بالذهب. لكن لا أحد يعلم ما يمكن للسلطة الإقدام عليه في اللحظة الأخيرة. فمَن كان يتوقَّع أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه؟". والنتائج مرهونة بالضغوط التي تواجه المنظومة السياسية، داخلياً وخارجياً، "والنتيجة على بُعد شهرين".
القرار المتعلّق بالذَّهَب "ليس قراراً مالياً وحسب، بل هو قرار سياسي تؤثّر عليه معدّلات الفقر والبطالة والضغوط الشعبية. ونأمل ألاَّ نُكرَهَ على ما لا نريده".

حتى اللحظة، الذهب ليس بيد الحاكم، ولا يمكنه التصرّف به. لكنه يطرح الاحتمالات الممكنة حول هذا الاحتياطي. وما للناس سوى التأكُّد من أن الذهب موجود ولا داعي لخلق بلبلة حوله، لأن تعويم الحديث عن الذهب ترافق مع اجراءات روتينية تستدعي عَدَّ الاحتياطي الأصفر، وهو إجراء مطلوب من ضمن عملية التدقيق في حسابات مصرف لبنان، ولا يعني بالضرورة تحضير الاحتياطي للتسييل.. لكن، على الجميع النوم بعين مغمضة وأخرى مفتوحة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها