الثلاثاء 2020/12/22

آخر تحديث: 12:34 (بيروت)

النفط العراقي يجنب لبنان العتمة: ماذا عن البنزين والمازوت؟

الثلاثاء 2020/12/22
النفط العراقي يجنب لبنان العتمة: ماذا عن البنزين والمازوت؟
تبقى المشكلة في طريقة استيراد الفيول أويل من العراق وصولاً إلى لبنان (Getty)
increase حجم الخط decrease
هلّل كثر لتوصّل لبنان لاتفاق مع الحكومة العراقية، للتزود بكميات من النفط خلال العام 2021، في إطار مساعي وزارة الطاقة في الفترة الأخيرة، لبحث عدة خيارات قبل وقوع الأزمة، وانتهاء العقد مع شركة سوناتراك نهاية العام الجاري. ومن بين تلك الخيارات المطروحة للبحث، استيراد النفط الكويتي أو النفط العراقي. ووقع الخيار على العراق الذي سيزود لبنان مع بداية العام المقبل بالنفط.
فماذا شمل الاتفاق بين لبنان والعراق؟ وهل سيتجنّب لبنان فعلياً أزمة طاقة؟

بعد مباحثات جرت بين لبنان، ممثلاً بوزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، ريمون غجر، والعراق، ممثلاً بوزير النفط، حسان عبد الجبار اسماعيل، جرى الاتفاق يوم أمس الاثنين على أن يزود العراق لبنان بالنفط الأسود، ابتداء من العام المقبل. أي بعد انتهاء عقد لبنان مع شركة سوناتراك الجزائرية نهاية العام 2020. لم يحدّد الطرفان حجم كميات النفط المفترض استيراده من العراق. لكن الاتفاق شدّد وبوضوح على بيع العراق النفط الأسود، الفائض عن حاجة المصافي العراقية إلى لبنان، لتغطية جزء من حاجة لبنان للوقود في توليد الطاقة الكهربائية. وهنا بيت القصيد، فالنفط المرتقب استيراده من العراق مخصّص لتوليد الطاقة الكهربائية، ولا يشمل المحروقات كما روّج البعض.

الفيول فقط
فالعراق يتمتع بفائض من النفط الأسود، أو ما يُعرف بالفيول أويل. وهو يُستخدم في إنتاج الطاقة، أو يخضع للتكرير لإنتاج مشتقات نفطية أخرى. أما المشتقات النفطية كالمحروفات أو ما يُعرف بالجازولين أو البنزين، أي وقود السيارات، والديزل أي المازوت، فهي مواد غير متوفرة لدى العراق. ويعمد الأخير لاستيراد حاجته منها لسد النقص في أسواقه. ما يعني أن لبنان لن يستورد البنزين والمازوت، بل الفيول أويل المخصص لإنتاج الكهرباء. وهو أمر إيجابي قد يجنّب البلد الوقوع في العتمة بعد فترة وجيزة.

مادة أخرى يتمتع العراق بفائض منها، إضافة إلى النفط الأسود (أو الفيول أويل)، هي النفثا. وهذه المادة تحتاج إلى المعالجة قبل الاستخدام. ولا قدرة للبنان على معالجة مادة النفثا. إذ أنه يفتقد إلى المنشآت المخصّصة للمعالجة. كذلك الفيول أويل الذي سيتم استيراده، فلا يمكن استخدامه في كافة احتياجات لبنان، ما لم يتم تكريره. وهذا الأمر يستلزم التعاقد مع دول أخرى لتكرير المستوردات العراقية. وهو ما لا قدرة للبنان عليه لارتفاع تكلفته المالية.

اتفاق مبدئي
وتجنباً لاستباق الأمور، فالثابت الوحيد حتى اليوم، حسب الناطق باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد في حديث إلى "المدن"، هو أن العراق سيصدّر إلى لبنان كميات كافية من النفط وفق تسعيرة النشرة العالمية، لتغطية حاجة محطات توليد الطاقة الكهربائية. وأما آليات تنفيذ الاتفاق، فسيتم عقد لقاءات بين الطرفين في وقت لاحق لتحديدها، والاتفاق بشأنها. خصوصاً تلك المرتبطة بالكميات وآلية سداد ثمن النفط، وما إذا كان سيتم نقداً في الوقت الحالي، أو بعد سنوات. أو أن يتم السداد عبر التبادل مع منتجات أخرى لبنانية.

ووفق مصدر متابع للملف في حديث إلى "المدن"، فإن أحد احتمالات التفاوض بين لبنان والعراق على سداد ثمن كميات النفط الأسود (الفيول أويل) المُرتقب، سيتم بعد عام على استيرادها: "لكن تبقى المشكلة في طريقة الاستيراد التي ستواجه صعوبة، خصوصاً أن مصفاة طرابلس لم تعد مؤهلة. كما أن خط الأنابيب الذي يصل العراق بلبنان يحتاج إلى الصيانة والتأهيل، ما يستلزم الوقت والمال"، يقول المصدر.

البنزين والمازوت إلى ارتفاع
في حال نجحت وزارة الطاقة بوضع آلية تنفيذية مع العراق لاستيراد الفيول أويل، فإنها ستكون بذلك حلّت معضلة إنتاج الكهرباء في المرحلة الراهنة، وإن ظرفياً. لكن ماذا عن المشتقات النفطية الأخرى، البنزين والمازوت؟ هل من تصوّر لما سيكون عليه سوق المحروقات بعد خفض الدعم عنه؟

بالنسبة إلى مشتقات المحروقات، فإن وزارة الطاقة استقالت من دورها، حتى الحصة السوقية التي كانت تستوردها من البنزين والمازوت تركتها مؤخراً للشركات الخاصة المستوردة للنفط. بمعنى أن المناقصة التي جرى توقيعها في عهد وزيرة الطاقة السابقة، ندى البستاني، والتي دخلت بها الدولة طرفاً في استيراد نسبة 10 في المئة من البنزين، إلى جانب الشركات الخاصة، تراجعت عنها اليوم، وتوقفت عن استيراد البنزين. كذلك المازوت الذي تستورد الدولة نسبة 40 في المئة من حصته السوقية، فإنها خفضت الكميات المستوردة شهراً بعد آخر، بدلاً من توليها عمليات استيراد المحروقات بكاملها، توفيراً للدولار، وحماية للمستهلك اللبناني من احتكار وجشع الشركات الخاصة.

أما أسعار المحروقات بعد خفض الدعم عنها بنسة 60 في المئة، فلا يمكن تحديدها حالياً. إذ أن عوامل عديدة تدخل في تسعير البنزين والمازوت وهي سعر برميل النفط عالمياً، والذي يتجه الى الإرتفاع، وسعر الدولار في السوق السوداء محلياً. وهو أيضاً يتجه الى الإرتفاع،. ويوضح المتحدث باسم نقابة محطات المحروقات، جورج البراكس، في حديث إلى "المدن"، أنه بالاستناد إلى سعر برميل النفط 45 دولاراً وسعر صرف الدولار 8000 ليرة، سيصبح سعر صفيحة البنزين 32 ألف ليرة، بعد خفض الدعم بنسبة 60 في المئة. لكن لا يمكن تجاهل العوامل الأساسية المرتبطة بسعرها، أي سعر النفط العالمي وسعر الدولار محلياً. ما يعني أن الأسعار مرشحة لارتفاعات كبيرة تماشياً مع سعري النفط والدولار.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها