الجمعة 2018/06/29

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

خطة ماكينزي حبر على ورق؟

الجمعة 2018/06/29
خطة ماكينزي حبر على ورق؟
خطة ماكينزي تستند إلى خطط سابقة
increase حجم الخط decrease
خلال أقل من شهرين ستخرج خطة ماكينزي إلى العلن، لتبدأ معها ورشة اصلاح الاقتصاد اللبناني وتغيير هيكليته وتحويله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج، هذا ما يردده وزير الاقتصاد رائد خوري في خطاباته وبياناته، ومثله العديد من السياسيين. ما يوحي بأن خطة ماكينزي المُرتقبة ستشكّل خشبة نجاة فعلية للاقتصاد اللبناني، وكأن الأزمات الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات، والمرتبطة بشكل أساسي بالخلافات والتجاذبات السياسية وفساد السلطة وهدرها للمال العام، تنتظر جميعها خطة نظرية من شركة أجنبية تضاف إلى عشرات الخطط المحلية والأجنبية المكدسة في أدراج الحكومات السابقة.

فما هي أسس الخطة المرتقبة؟ وإلى أي مدى ستشكّل حالة إنقاذية للاقتصاد اللبناني؟ وهل الحكومة تنتظر فعلاً خطة "إرشادية" لمعرفة مكامن الخلل في البنية الإقتصادية؟

لا، الحكومة لا تحتاج إلى من يرشدها إلى البنية الهشة التي يُبنى عليها الاقتصاد اللبناني والأزمات المحيطة بقطاعاته، إنما تحتاج إلى من يعزز ثقة المجتمع الدولي بمحاولاتها الاصلاحية وإن اقتصرت على الشكليات. وهذا ما تنتظره الحكومة اللبنانية فعلاً من ماكينزي، يقول مصدر اقتصادي على اطلاع بملف ماكينزي لـ"المدن". فالخطة الاقتصادية التي تعمل الشركة على وضعها لن تأتي بأي جديد، لا سيما أنها تبني تصورها على خطط اقتصادية سابقة لم يتم تنفيذها في حينها، من بينها خطة أعدتها شركة بوز أند كومباني عام 2010.

يعمد وزير الاقتصاد إلى التذكير بطريقة شبه يومية بضرورة المباشرة باصلاح الاقتصاد اللبناني عبر إعادة النظر في هيكلية القطاع العام وخفض نسبته من الموازنة العامة من نحو 40% إلى 15% وخفض التوظيف، ومعالجة عجز الكهرباء، وإشراك القطاع الخاص بالقطاعات كلها وتشجيعه على ضخ استثمارات في قطاعي الصناعة والخدمات، وضبط التهريب والتهرب الجمركي... الخ. إلا أن الوزير نفسه ينتظر فروغ ماكينزي من وضع اللمسات الأخيرة على خطتها لتطلعه على القطاعات المنتجة التي تحظى بقيمة تفضيلية تمكّنها من المنافسة قبل الشروع بوضع خطط تفصيلية لكل قطاع على حدة.

إذن، طالما أن مكامن الخلل في بنية الاقتصاد اللبناني وتصورات الحلول واضحة، لماذا لم تلجأ الحكومة إلى أهل الاختصاص لوضع خطة للنهوض بالقطاع الصناعي (كالمجلس الاقتصادي الاجتماعي على سبيل المثال)، أو أن تأخذ بخطة الصناعيين التي ينادون بتنفيذها منذ سنوات، وهي تفند أزمات القطاع الصناعي وتطرح حلولاً تتجاوز الصناعة إلى العديد من القطاعات الانتاجية المرتبطة بها؟

ولأن الخطة الاقتصادية، من حيث المبدأ، عبارة عن خطوات وإجراءات تتخذها الحكومة لتحقيق رؤية اقتصادية معينة، فإن ما ستطرحه ماكينزي لن يقدّم أي جديد على مستوى الواقع الاقتصادي، يقول المصدر. فالمعنيون كافة على يقين بأن مفتاح النمو في لبنان يبدأ من النهوض بقطاعي الصناعة والتكنولوجيا، ولكن مهما تعددت الخطط والدراسات الاقتصادية، فإنها لن تتجاوز حدود الورق ما لم تحز توافقاً سياسياً، وغير ذلك لا قيمة لأي حديث بالاصلاح.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها