السبت 2018/06/23

آخر تحديث: 00:36 (بيروت)

كيف وطّد النازحون علاقة ألمانيا بلبنان؟

السبت 2018/06/23
كيف وطّد النازحون علاقة ألمانيا بلبنان؟
أثنت ميركل على ما يحققه لبنان في مجال مساعدة النازحين (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
دقّت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل على صدرها. آلمتها معاناة لبنان اقتصادياً واجتماعياً مع النازحين السوريين، فهبّت للمساعدة. أمّا الساسة اللبنانيون، فرحّبوا وفتحوا أيديهم لاستقبال وعودٍ بالدفع وبإقامة "مشاريع إنمائية لدعم الاقتصاد اللبناني"، تكون مقدمة "لحل شامل للنهوض باقتصادنا"، بحسب ما قاله رئيس الوزراء سعد الحريري.

هذه المشاريع المرتبطة بمساعدة لبنان على تحمّل تبعات النزوح السوري نحو أراضيه، لا تعني أن لبنان يريد أموالاً للنازحين، كما أوضح الحريري لميركل، يوم الجمعة 22 حزيران، بل تعني أن لبنان يحتاج إلى مساعدة دولية لمواجهة التحديات، تمهيداً للوصول إلى "الحل الدائم والوحيد لموضوع النازحين، وهو عودتهم إلى سوريا بشكل آمن". وألمانيا، وفق ميركل، "ستساعد في المضي قدماً في الاصلاحات في لبنان، وعودة النازحين السوريين إلى بلدهم لا بد أن تحدث عندما تتوافر الظروف الآمنة لهم".

الالتفاتة الواسعة لألمانيا تجاه لبنان، من باب النازحين، عرجت أيضاً على رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي استعرض مع المستشارة وأعضاء من البرلمان الألماني الوضع الاقتصادي المأزوم نتيجة ثقل النزوح السوري.

الاهتمام المنفرد عن المنظمات الدولية، وعلى هامش مؤتمر سيدر، "يدعو إلى طرح علامات استفهام. فمن غير المعهود اهتمام دولة أوروبية بحجم ألمانيا بالاقتصاد اللبناني والنزوح السوري بهذا المستوى، خصوصاً أن الدول الأوروبية دخلت على خط مساعدة لبنان بشكل جماعي عبر مؤتمر سيدر. فما الداعي لتحرك ألمانيا بشكل منفرد اليوم؟"، تتساءل مصادر اقتصادية في حديث إلى "المدن". وتحاول المصادر تسليط الضوء على الإجابة، فتربط بين "معاناة ألمانيا من أزمة النزوح الكثيف للسوريين نحو أراضيها حين فتحت باب الهجرة، فوجدت لاحقاً أن النزوح السوري سيثقل كاهلها، وأن من الأفضل دفع بعض الأموال للبنان كي يستقبل النازحين. فهذا أقل كلفة من استقبالهم على أراضيها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الدول الأوروبية".

والأموال الألمانية، وفق المصادر، "تأتي غالباً على شكل مشاريع اقتصادية، تستنزف البنية التحتية اللبنانية أكثر مما تساعدها، لأن متطلبات الاصلاحات الاقتصادية في المعايير الأوروبية والدولية، أوسع من أن يستوعبها لبنان، فيغرق بها. وكلنا يعلم بفحوى الاصلاحات الاقتصادية التي يطلبها البنك الدولي وصندوق النقد، قبل مساعدته لبنان في إنجاز أي مشروع. ولا تختلف هذه الاصلاحات عن تلك التي تطلبها الدول الأوروبية".

وألمحت ميركل إلى مثل هذه الاصلاحات حين تحدثت عن "رسم مؤتمر سيدر القاعدة للقيام بالاستثمارات في لبنان". فما جرى نقاشه في هذا المؤتمر، يدور في فلك النهج ااصلاحي للبنك الدولي وصندوق النقد. وقد أكدت ميركل "أنه بامكان ألمانيا أن تشارك في المشاريع، لكن على لبنان أن يقوم بالاصلاحات كي يكون أكثر جذباً لهذه الاستثمارات. وبهذه الطريقة يمكن أن نعد للاستثمار الألماني في بلدكم".

ومن القطاعات التي تهتم ألمانيا بالاستثمار فيها، "النفايات الصلبة، وإدارة المياه والطاقة". ولفتت المستشارة الألمانية إلى أن بلادها تود أن تركّز "على أنابيب النفط. وكل ذلك مهم وأساسي من أجل استدامة البيئة". ويمتد التعاون الألماني مع لبنان، وصولاً إلى طرح فكرة "إقامة فرع للغرف الألمانية في بيروت".

في السياق، أثنت المستشارة على ما يحققه لبنان في مجال مساعدة النازحين. لذلك، "من مصلحتنا المشتركة أن نجد حلاً سياسياً كي يكون الوضع أفضل في سوريا. على الأقل، كي نجهّز الشروط والبيئة التي يمكن من خلالها أن يعود السوريون إلى بلدهم".

أمام هذا السخاء، يظهر أن النازحين خلقوا قناةً للتواصل اللبناني الألماني، ما كان لبنان قادراً على خلقها في الظروف العادية. فهل هذا مؤشر صحيح أم هو مقدمة لإغراق لبنان اقتصادياً باسم الاصلاح الاقتصادي؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها