الخميس 2018/05/17

آخر تحديث: 07:23 (بيروت)

الحكومة تجدد لبواخر الكهرباء.. ماذا تخفي؟

الخميس 2018/05/17
الحكومة تجدد لبواخر الكهرباء.. ماذا تخفي؟
العبرة في شروط التجديد للبواخر (خالد الغربي)
increase حجم الخط decrease

في أقل من شهر، اتخذ مجلس الوزراء قراراً ونقيضه، في خطوة لا يمكن فهمها إلاّ إذا فهمنا تركيبة السلطة اللبنانية التي تجد في كل مشاريع الدولة، فرصة للتحاصص والإنتفاع. فقد قرر مجلس الوزراء في جلسة يوم الأربعاء 16 أيار، تجديد عقد بواخر الطاقة، لمدة عام واحد، وكان المجلس ذاته، قد أقر في جلسة الخميس 26 نيسان، عدم تمديد العقد مع شركة كارادينيز التركية التي تملك باخرتي فاطمة غول وأورهان بيه.

القرار الأول كان قبل الانتخابات النيابية، فالوقت حينها كان مناسباً لإطلاق المواقف والشعارات والقرارات التي تسهم في تعبئة الجمهور وإيهامه بأن أحزاب السلطة تعمل لمصلحته. انتهت الانتخابات، وعادت أحزاب السلطة الى مواقعها الطبيعية في تحاصص الصفقات، وأخذت تحضر نفسها للمرحلة الثانية من اللعبة، وهي شد الحبال من أجل الحقائب الوزارية خلال تشكيل الحكومة المقبلة. وهو أمر يفرض عليها حسم بعض الملفات التي لا يمكن التغاضي عنها، كونها ترتبط بشركات أجنبية، لا يهمها التناحر السياسي الداخلي، ومنها ملف بواخر الطاقة التي تفترض ان ينتهي عقدها مع نهاية أيلول 2018.

ولأن أحزاب السلطة تتوقع عدم تشكيل حكومة في وقت قريب، رأت أنه من الأفضل كسر جزء من قرارها السابق، والتجديد للبواخر الحالية، منعاً لدخولها في فترة تصريف الأعمال، وعدم تمكّنها من تجديد العقود، ما يرتّب تقليصاً في ساعات التغذية في التيار الكهربائي، وهذا ما لا يمكن للسلطة تحمله، خاصة وأنها وعدت المواطنين برفع الحرمان عنه، ومحاربة الفساد.
لم يكن أمام أي طرف في الحكومة معارضة التجديد، ليس لأن البواخر مشروع ناجح للبنان، بل لأن الأمر الواقع يفرض ذلك، في ظل غياب البدائل. لكن العبرة في تفاصيل التجديد. فقرار التجديد ليس إلاّ إجازة بالتجديد، لكن يبقى على وزير الطاقة سيزار أبي خليل أن يتفاوض مع الشركة التركية بشأن شروط التجديد، والتي ستتضمن تخفيضاً لكلفة الكيلوواط. وهنا تكمن اللعبة.

تشير مصادر متابعة للملف، إلى أن "التفاوض مع الشركة سيكون على الكلفة وليس على التجديد بحد ذاته، فالشركة مستفيدة حكماً من التجديد. لكن هل سيفرض وزير الطاقة سعراً مناسباً؟". تلفت المصادر النظر في حديث إلى "المدن" إلى أن "على المواطنين الإنتباه إلى نسبة التخفيض وليس إلى فعل التخفيض فحسب. فحكماً سيكون السعر الجديد أقل من السعر القديم، لكن الصفقات تصب دائماً في مصلحة الأطراف المستفيدة منها، وليس في مصلحة المواطن وخزينة الدولة".

وتنبّه المصادر إلى أن "أي تفاوض بشأن السعر يجب أن ياخذ بعين الإعبار أن البواخر وموالداتها باتت قديمة. بالتالي، لا يمكن تجديد العقود بأسعار مساوية أو قريبة للأسعار الحالية. مع الإشارة إلى ضرورة عدم تكرار تجربة التمديد السابق لمدة سنتين، والتي حملت معها تخفيضاً للسعر بقيمة زهيدة، وهي نحو 0.1 سنت للكيلوواط، وذلك بعد 3 سنوات من تقاضي البواخر سعر 5.95 سنت للكيلوواط. وهو في الأصل سعر مرتفع. والسعر الجديد يجب أن يراعي وجود البواخر في لبنان، إذ إن الشركة لن تصرف من السعر الجديد كلفة استجرار البواخر".

وتشدد المصادر على "ضرورة أن يتضمن التفاوض بنوداً تتعلق بمراقبة التلوث المنبعث من البواخر، فمن الطبيعي أن ترتفع نسبة الانبعاثات الملوثة من مولدات جرى استهلاكها على مدى 5 سنوات، وشروط التعاقد مع البواخر لا بد أن تختلف بحسب المتغيرات". لكن المصادر تستبعد أن يجري التدقيق على كل هذه النقاط المهمة.

وتستدل المصادر لدعم موقفها غير الواثق بما تخفيه الحكومة، بقرار من الجلسة نفسها، يتعلق بإقرار بند تغذية معامل الكهرباء بالغاز، وذلك دون مرور المناقصة بإدارة المناقصات. وهو ما دفع وزيري التربية مروان حمادة والصحة غسان حاصباني إلى التحفظ على البند، طالبين تحويله إلى إدارة المناقصات. والإقرار خارج إدارة المناقصات، يعني إجراء مناقصة لا يشرف عليها جهاز رقابي رسمي. وهو أمر مخالف للقوانين، ويختلف مع قرارات بعض أحزاب السلطة المتعلقة بمكافحة الفساد، وبضرورة إجراء المناقصات في إدارة المناقصات. وهو ما شدد عليه حزب الله وحركة أمل قبل الانتخابات النيابية، لكنهما وافقا على البند من دون الالتفات إلى دور إدارة المناقصات. أما تيارا المستقبل والوطني الحر، فهما مستفيدان في الأصل من إجراء المناقصات خارج الإدارة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها