الإثنين 2018/03/19

آخر تحديث: 09:36 (بيروت)

جنبلاط يحذِّر: بواخر لتحلية المياه

الإثنين 2018/03/19
جنبلاط يحذِّر: بواخر لتحلية المياه
لبنان الغني بالأنهار يبحث عن شراء مياه للشرب (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
يبدو ان جهات سياسية معينة، قد أصيبت بفايروس البواخر، وتحديداً الآتية من تركيا. فلم يعد على جدول أعمالها سوى استئجار البواخر لحل أي أزمة مرتقبة. والفايروس التركي سرعان ما رصده النائب وليد جنبلاط، الذي يسارع عادةً إلى التحذير من صفقة ما، بطريقة ساخرة، عبر تغريدة على موقع تويتر.

جنبلاط نبّه بتغريدته، الأحد 18 آذار، إلى نية جهات لم يسمّها، "استئجار بواخر تحلية مياه مثل البوارج الكهربائية التركية"، مشيراً إلى أن البواخر الجديدة في حال استجرارها، ستكون عبر "الوكيل نفسه، ض ن ب اوDONB corporation، وفي المناسبة العداد ماشي".

المشروع لم يُطرح رسمياً بعد من أي جهة سياسية، لكنّه يعيدنا إلى نية وزارة الطاقة، في العام 2014، استجرار مياه عذبة من تركيا، بواسطة "بالونات بلاستيكية يتم نقلها عبر البحر"، بحسب ما قاله حينها رئيس لجنة الطاقة والمياه النيابية محمد قباني، الذي أكد أن "استئجار بواخر لتحلية المياه مكلف جداً". وبالتوازي، أعلن قباني عن قرار اتخذته اللجنة يقضي بـ"السماح للقطاع الخاص باستيراد المياه وبيعها للصهاريج. واعفاء المستوردين من أي أعباء مثل الجمارك أو TVA، وتسهيل التحرك الفوري في هذه الاتجاه".

حتى اللحظة لم تُنفّذ أيّ من الاحتمالات المطروحة. لكن كلام جنبلاط على أبواب مؤتمر باريس 4 الذي تزداد الخطط المرتبطة به "حجماً يوماً بعد يوم، وقد شارفت (قيمتها) على 23 مليار دولار حتى الآن"، يدعو إلى التساؤل عن إمكانية إخراج الخطة المائية القديمة من الأدراج، خصوصاً أن داء البواخر منتشر في ما يخص قطاع الكهرباء، وتروّج له جهة سياسية تسيطر على وزارة الطاقة.

تعوّل تلك الجهة لتنفيذ مشروعها، على النقص المتنامي في معدل الأمطار في لبنان، والذي ينعكس شحاً في مياه الشرب. ما يستدعي خطة سريعة تقي لبنان من أزمة مياه مرتقبة صيفاً. ويعني أن أمام لبنان "نحو شهرين لوضع خطة تعالج الأزمة في حال حصولها"، وفق ما يقوله الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، الذي يشير في حديث إلى "المدن"، إلى ضرورة "عدم انتظار الحكومة فصل الصيف والحديث عن حلول فجائية. فحينها، سيضطر اللبنانيون إلى القبول بأي حل شرط تأمين المياه. وتلك الحلول ستكون مكلفة ولا تستند إلى دراسات دقيقة". ويدعو عجاقة وزارة الطاقة إلى "استباق الأزمة، والقيام بتقدير كمية المياه التي نحتاج إليها، وإجراء مناقصة قبل الدخول في فصل الجفاف".

لكن استباق الأمور ليس من شيم الحكومة اللبنانية، ولا من اختصاص وزارة الطاقة تحديداً. كيف لا، ونموذج بواخر الطاقة ما زال جاثماً على شواطئ الجية والزوق، ويتم الإعداد لبواخر تركية إضافية، بطريقة تخالف القوانين.

وللمفارقة، الجهة التي يُنظر إليها على أنها جهة الخلاص، هي تركيا. وقد تمرّ هذه المصادفة مرور الكرام، كون جارتنا سوريا في أزمة، وحدودنا مع فلسطين مقفلة، فلا يبقى لدينا جغرافياً سوى تركيا، لكن ربط الملف ببواخر الطاقة، وباستفادة جهات سياسية تقاتل لتحقيق مزيد من الأرباح على حساب الخرينة العامة، يشي بأن الأمر ليس صدفة. وفي حال تم تأكيد كلام جنبلاط، الذي يبقى حتى الآن رهن الرسائل المشفّرة التي يطلقها زعيم المختارة كدقّ لناقوس الخطر، يعني أن أزمة أخلاقية وقانونية تريد بعض الجهات اسقاط الدولة اللبنانية فيها. فمن غير المنطقي حصر المشاريع بجهة واحدة، وحرمان الدولة من إطلاق مناقصات شفافة تقدم لها أفضل خدمة بأسعار مخفضة.

الاعتماد على الشركات التركية واستفادة جهات لبنانية من هذا خلافاً للقانون، ليس وحده الأزمة، ففي حال إضطرار لبنان إلى سبب ما، الاستعانة بالبواخر التركية، فمن سيراقب طريقة عمل تلك البواخر؟ وهل سيكون الإشراف على حجم استهلاكها الوقود شفافاً؟ وماذا عن مراقبة الدولة مستويات الكلور المستعملة في تحلية مياه البحر؟ إذ إن استهلاك الكلور بكميات مرتفعة "أمر مضر بالصحة والبيئة، وتجربة المملكة العربية السعودية وإسرائيل في هذا الملف واضحة، فهما الجهتان الأكثر استهلاكاً للكلور في العالم، بسبب قيامهما بتحلية مياه البحر"، يقول عجاقة.

بات الصيف يُنذر بكارثة بعدما كان يعد بأوقات جميلة. إذ تذرعت جهات سياسية بحرارة الصيف لتمرير صفقة بواخر الطاقة، وتحاول اليوم التذرع بالصيف لاستعادة مشروع قديم يتعلق بمياه الشرب. فإذا كان الصيف يحمل كل هذه الأزمات، فلماذا لم تعمل تلك الجهات على وضع خطط استباقية قبل الصيف؟

في جميع الأحوال، يجب أخذ تغريدة جنبلاط على محمل الجد، واستعداد الجهات الرقابية لصد أي محاولة لتمرير مشاريع مشابهة لمشروع بواخر الطاقة. وفي هذا المجال، الرهان على إدارة المناقصات في التفتيش المركزي، لتطبيق القانون وعدم تمرير أي صفقة مشبوهة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها