الثلاثاء 2018/11/20

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

كارلوس غصن.. سفير "فينيقي" مسجون في اليابان

الثلاثاء 2018/11/20
كارلوس غصن.. سفير "فينيقي" مسجون في اليابان
وزير الإتصالات جمال الجرّاح كرّم غصن في العام 2017 (getty)
increase حجم الخط decrease

ذاع صيت رجل الأعمال البرازيلي - الفرنسي من أصل لبناني، كارلوس غصن، خصوصاً حين أحدث نقلة نوعية داخل شركات نيسان، رينو، ميتسوبيشي، بالإضافة إلى شركة أوتوفاز الروسية. إذ تحسّنت مبيعات تلك الشركات، حين بدء غصن بالتنقّل تباعاً في مراكزها الإدارية الرفيعة، وصولاً إلى إستلامه رئاسة مجالس إدارات نيسان، رينو، ثم ميتسوبيشي التي واجهت صعوبات قبل أن تتحسن قيمة أسهمها كنتيجة مباشرة لشراء شركة نيسان أسهمها في العام 2016، مقابل 2.2 مليار دولار.

الإعتقال ونتائجه
البرازيلي - الفرنسي - اللبناني المولود في العام 1954، استثمر نجاحاته الإدارية، على ما تقول الاتهامات، لمراكمة أموال خاصة بطرق غير شرعية، حسب القضاء الياباني، الذي صادَقَ يوم الإثنين 19 تشرين الثاني، على التحقيقات الداخلية التي أجرتها شركة نيسان، والتي بيّنت أن غصن "ارتكب أعمال عديدة من سوء السلوك، مثل إستخدام أملاك الشركة لغايات شخصية". وعليه، أمَرَ المدّعي العام في اليابان بإلقاء القبض على غصن بتهمة "إنتهاك الصكوك المالية اليابانية، وقانون الصرف، وتقليل دخله على البيانات المالية لشركة نيسان"، إذ كان غصن يعلن "على مدى سنوات عديدة عن عائدات تقل عن مدخوله الفعلي"، وفق ما نشرته صحيفة أساهي اليابانية.

خبر اعتقال غصن ترك أثراً سلبياً داخل الشركات التي يديرها، وتحديداً في شركتي نيسان ورينو. إذ تنظر نيسان في إمكانية إقالته من منصبه، فيما كان التأثير الاقتصادي المباشر من حصّة شركة رينو، التي سجّلت إنخفاضاً في أسعار أسهمها بنسبة 12 في المئة، وهو أدنى مستوى تسجّله أسعارها منذ العام 2014. واللافت أن العلاقة السلبية بين غصن ورينو، رغم نجاحه الإداري فيها، لم تكن الأولى من نوعها، إذ كانت الشركة التي تملك الحكومة الفرنسية 19.7 في المئة من أسهمها، قد طرحت في العام 2016، وبأغلبية 54.12 في المئة من أصوات حاملي الأسهم، تخفيض حجم الراتب والمكافآت المقررة لغصن عن العام 2015.

هبطت أسهم شركة "رينو" الفرنسية بنسبة 12 في المئة، بعد تقارير صحافية حول احتمال سجن رئيس مجلس إدارة "نيسان" و"رينو" كارلوس غصن في اليابان، بسبب التهرب الضريبي.

"الفوقيّة" اللبنانية
صورة غصن كـ"معجزة" لبنانية أخرى، كانت واحدة من صنائع لجوء الطبقة السياسية اللبنانية إلى الترويج لبعض أسماء رجال الأعمال من أصل لبناني، المنتشرين في بقاع الأرض، من منظور شوفيني، يتّخذ من الميثولوجيا الفينيقية قاعدة له. فالطبقة السياسية اللبنانية، ومن خلفها رجال الأعمال، يحاولون إسقاط نجاح الفينيقيين في التجارة، على المغتربين اللبنانيين في الخارج، حتى وإن كان هؤلاء لا يعرفون من لبنان سوى اسمه. ويحاول تحالف السياسيين والتجّار، الترويج على أن صورة لبنان هي تلك التي يرسمها المغتربون في دول العالم، غافلين عن أن كل الإحصاءات والتقارير الاقتصادية العالمية، تنطلق من الأرض اللبنانية، لا ممّا يحققه ذوي الأصول اللبنانية في دول أخرى.

ولم يخرج غصن من دائرة البروباغاندا التقليدية اللبنانية - الفينيقية، إذ احتفلت به وزارة الإتصالات و"ليبان بوست" في العام الماضي، عبر إطلاق طابع بريدي يحمل اسمه. واعتبر وزير الإتصالات جمال الجرّاح، الذي مثّل رئيس الحكومة سعد الحريري، أن رجال الأعمال أمثال غصن "كانوا أهم سفراء للبنان في دول العالم، وحملوا رسالة عمرها من عمر الفينيقيين". ولسنا ندري ما هي فاعلة الوزارة الآن بتلك الطوابع بعد هذه الفضيحة المخزية.

الجرّاح لم يلتفت حينها إلى أنّ غصن كان قد زار إسرائيل مراراً، والتقى مع شمعون بيريز وإيهود أولمرت. فإذا كان برازيلياً - فرنسياً ربما لا شيء يمنعه من ذلك، أما أن يكون سفيراً للبنان، فهذا خرق فادح لقانون مقاطعة إسرائيل. فهل يندرج هذا اللقاء ضمن مهام رجال الأعمال اللبنانيين المغتربين؟ 
على أي حال، سيرة غصن من النجاح الباهر إلى الفضيحة المدوية، ليست غريبة عن لبناننا الراهن وأخلاقه. بل وربما كان فساد غصن، تأتى من كثرة معاشرته المستجدة لأهل فينيقيا. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها