الجمعة 2015/03/27

آخر تحديث: 13:10 (بيروت)

"هندسة الثقافة".. هل تبدّد تحديات المسرح العربي؟

الجمعة 2015/03/27
"هندسة الثقافة".. هل تبدّد تحديات المسرح العربي؟
مسرحية "خيل تايهة" افتتحت "أيام الشارقة المسرحية"
increase حجم الخط decrease

الشارقة - الإمارات العربية المتحدة:

اختتمت فعاليات الدورة الـ25 من "أيام الشارقة المسرحية"، في الإمارات العربية المتحدة، على هواجس فنية، طرحها مخرجون وكتّاب ونقّاد من رواد المسرح العربي، أبرزها "المسرح العربي وتحديات الراهن"، بالنظر الى النقاش عن انحسار دوره في القدرة على التغيير... لكن التنوع الثقافي، وتعدد الآراء والحشد التنظيري للنهوض بهذا الفن، يعيده الى موقعه كمساحة جمالية، تعاني، كما القطاعات الفنية الأخرى، من أزمات البقاء في الصدارة، في ظل توافر البدائل التقنية ووسائل الترفيه الواسعة.

والرهان على فن المسرح، كمنصة سياسية للتغيير، يُنظر اليه على أنه رهان سوريالي. يخوض أقطاب المسرح العربي من الخليج الى العراق والمغرب العربي (وهم الأكثر مشاركة هذا العام في الفعاليات)، نقاشات من شأنها أن تساهم في تطوير هذا القطاع الفني، والنهوض به من أزماته. تتحدث الكاتبة والناقدة الفنية السعودية حليمة مظفر عن أنسنة المسرح. إذ ترى أن أكبر تحدياته "بات يتمثل في أنسنة الخطاب الدرامي"، و"الخروج على الايديولوجيات"، تلك التي اتسعت بعد الربيع العربي.

وخلافاً لكل المشاكل التي يعانيها المسرح، ذلك الفن الذي دخل مناص "الترف" في العالم العربي حصراً.. وخلافاً للأزمات المستعصية بين دفاتر النظريات الأدبية والفكرية والسياسية من الحداثة وما قبلها، تضيء الباحثة المغربية هاجر الجندي على حلول، أوجدتها من نطاق بحثي، جديد في العالم العربي، يتمثل في ما اصطلحت على تسميته "هندسة الثقافة".

بكلمات قليلة، تضع الجندي حداً للأزمات، عبر مجموعة حلول أكاديمية، استناداً الى الهندسة الثقافية التي تشتغل على أربعة نظم تتمثل في "التخطيط للنظم الاستراتيجية"، و"دراسة المشاريع الثقافية"، و"المواكبة" و"التدبير الثقافي". الأخير، يمر عبر التكوين، وتلقين سبل الاشتغال بالمشاريع الثقافية، ووضع نظم وقنوات الدعاية والترويج، وتسويق المنتج في صيغته النهائية، والبحث عن تمويل المشاريع، وتقييم نجاعة العمل، وتدبير الموارد البشرية العاملة بها.

ولعل تلك الرؤية، تجيب عن أسئلة وهواجس قائمة، تبدأ من غياب الجمهور وانفصال الهاجس المسرحي عن المخططات الحكومية ونخبوية المسرح العربي، وصولاً الى تقسيم مجالات التطبيق داخل هذا الحقل إلى تطبيقات تشتغل عليها بشكل دقيق من خلال تحديد الاستراتيجيات الكفيلة بالحفاظ على الهوية، مع إضفاء البعد الكوني المتمثل في استخدام المعايير العالمية في الاشتغال مما يسمح بالتنافسية وبمخاطبة المتلقي أيا كانت ثقافته.

وجاءت تلك الرؤى الآيلة للنهوض بالمسرح، بموازاة 7 عروض مسرحية قدمت في "أيام الشارقة المسرحية 2015"، الذي افتتح برعاية حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وانطلقت من المسرحية الفلسطينية "خيل تايهة" التي أدت فيها المغنية الفلسطينية ريم تلحمي دور البطولة، قبل أن تقدَّم عروض محلية، دخلت في إطار التنافس على جائزة المهرجان.

ويبدو أن الامكانات الكبيرة التي وضعتها حكومة الشارقة بتصرف المخرجين والمؤلفين والممثلين المسرحيين، لم تتم الاستفادة منها بما ينتج مقاربات جديدة للعمل المسرحي ما بعد الحداثة. فالعروض التي قدمت، أظهرت جهداً كبيراً بذله الشباب لتقديم رؤية مختلفة، غير أن الإطار الروائي للعروض، يحتاج الى بلورة أكثر، على صعيد انتاج قصة فنية من الواقع الإجتماعي، بدلاً من استعادة القصة من ريبورتوار الذاكرة الخليجية.

تلك المحاولات، لا تنتقص من العزم على انتاج مسرح جديد، بأدائية جديدة، تمتاز بالديناميكية وقدرة الحركة النشطة على المسرح، على الرغم من أن السيناريوهات، في معظم الأحيان، لم تسعفها لانتاج جديد. وبدا أن الشباب راهنوا على المشهدية، والصورة والأداء الجماعي، بما يتخطى السينوغرافيا، ما يقود الى استتاج بضرورة الإلحاح على تطوير التجربة.

وقدمت في الأيام المسرحية، عروض مثل "حرب السوس" و"ليلة زفاف"، و"لا تقصص رؤياك" التي استأثرت بمعظم الجوائز، إذ حصدت 10 جوائز من مجمل 16 جائزة، توزعت الست الأخرى بين مسرحَيْ رأس الخيمة الوطني، الذي حصد أربع جوائز، وجمعية كلباء للثقافة والفنون بحصولها على جائزتين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها