الإثنين 2024/04/29

آخر تحديث: 13:59 (بيروت)

نزار قباني في تمجيد ثورة الخميني..."طوق المديح"

الإثنين 2024/04/29
نزار قباني في تمجيد ثورة الخميني..."طوق المديح"
نزار قباني
increase حجم الخط decrease
محيّر ميراث الدبلوماسي والشاعر السوري الدمشقي، نزار قباني (21 آذار 1923- 30 نيسان 1998) في شعره وقوله السياسي وحماسته في الإنشاد، ومدحه السيوف، وفي علاقته بالأنظمة الطغيانية، الاستبدادية، خصوصاً روح الله الخميني وصدام حسين وحافظ الأسد. والحيرة تكبر أو تتعاظم، حين يلجأ بعض الغلاة إلى توظيف شعره المدائحي في غير محله، فيجدون في كلامه ما يلبي أهواءهم وكليشيهاتهم. 
 
ومن دون شك، أن الشعر الذي قاله نزار قباني في مديح بعض الشخصيات أو الأنظمة وهجائها، سرعان ما صار "طوقاَ على الشعر" على نسق "طوق العمامة"، يدحض الزمن معناه ويبتذله فيلفظه من التداول، ويصير منفياً ومبعداً من مملكة الشاعر وحتى القارئ العادي المحايد. لكن الغلاة والعوام، ومَن ليس لهم علاقة بالقول الشعري، الذين يحبون الزعيم والملالي، يجدون المديح مقدساً، في منزلة النص الديني من هذا الشاعر، ومنه ما قاله نزار قباني في مديح الخميني في لحظة اندفاع مثل كثير من اليساريين أو المثقفين.

والقول النزاري فيه شيء من الزجل المنبري، إفراط كلامي في تزيين أو تطريز رجل السياسة بـ"الاستعارات". والملاحظ أن النقّاد والكتّاب قلّما يذكرون قصة مدح نزار قباني، روح الله الخميني، كأن ما حصل أمر عابر واعتادوا عليه. على العكس يركزون على قصيدة أدونيس التي مدح فيها الثورة الخمينية ونشرها في جريدة "السفير"، وقد تحولت وصمة سلبية في تاريخ الشاعر، في الشاردة والواردة يذكرونها كأنها خطيئة العصر. 


وقصيدة نزار قباني التي قالها في مطلع الثمانينات من القرن المنصرم، في أمسية شعرية خصصت له في أبوظبي، عشية انطلاق الثورة الإسلامية في إيران، يقال إنها غير موجودة في دواوينه المطبوعة ويبقى شريط الكاسيت هو الشاهد الوحيد عليها. ومما وجدنا من القصيدة ما يلي:
"زهر اللوز في حدائق شيراز"
وأنهى المعذبون الصيام
ها هم الفرس قد أطاحوا بكسرى
بعد قهر وزلزلوا الأصنام
شيعة.. سنة
جياعٌ.. عطاشٌ
كسروا قيدهم وفكوا اللجام
شاه مصر يبكي شاه إيران
فأسوان ملجأ لليتامى
والخميني يرفع الله سيفاً
ويغني النبي والإسلام
هكذا تصبح الديانة خلقاً مستمراً
وثورة واقتحام!

ولا ينتبه عاشقو القصيدة النزارية، أو لا يريدون الانتباه، أن شاعرهم مدح الأضداد، أي الخميني وخصومه. فكان ربيب مهرجانات صدام، ثم هجا معارك صدام. ولا يشبه سياق المدح النزاري الباحث عن اللحظة الشعبية او الشعبوية والجمهور العريض، سوى قرينه المتنبي المتنقل بين قصور وإمارات بحثاً عن دور أو سلطة أو نبوة.

كتب الباحث العراقي رشيد الخيون ما سماه "الثناء المر" قائلاً: "قد يكون نزار قبانيّ سبق الشّعراء بقصيدته إلى الخمينيّ، وما كنا نظن أنَّ نزاراً كان بهذه السّذاجة، معتبراً الخميني سيدحر "الفرس"، وأنّ ثورته لإخراج الفرس مِن إيران، ولم يكن يعلم أنَّ عروبة (بحسب ما تقول عمامته السَّوداء إنّه مِن آل النَّبي الهاشمي) الخميني وهنديته (أسرة هندية نزحت من كشمير إلى النَّجف ثم إلى خمين بإيران)، سيكون ضدّ الحلم الكسروي، بالإطاحة بتاجه، ولا يعلم نزار أنّ العمامة استُبدلت بالتّاج، لكنَّ نزاراً، غير المتثبت، كغيره مِمن عجلوا بوضع الخميني في موضع النّدى، رجع العام (1988)، وقرأ قصيدة بمناسبة ما أعلنه العراق مِن انتصار في الحرب، بين إيران والعراق، وأنشد هاجياً الفُرس كافة، بعدما مدحهم بالإطاحة بتاج الشّاه: "اليوم عرسٌ خرج الفرسُ"! وهكذا العواطف غلبت نزار شاعر "الأنثى" في وطنياته وثورياته".

سيرة نزار قباني مع المديح، في جوانب منها، تدل على ما فعلته الاندفاعة الحرسية الخمينية في الشرق الاوسط. فزوجته بلقيس الراوي، اغتيلت بتفجير استهدف السفارة العراقية في الرملة البيضاء في بيروت، يوم 15 كانون الأول 1981، والمتهم بالتفجير مجموعة مسلحة مدعومة من الخمينية، وعند سقوط رئيس الحكومة العراقي السابق نوري المالكي، تقدم ذوو بلقيس بدعوى قضائية يتهمون فيها المالكي الذي ينتمي الى حزب "الدعوة" الإسلامي بأنه وراء التفجير الإرهابي.

ومن فصول الخمينية، "ايرَنة" المنزل الدمشقي لنزار قباني الواقع في حي "مئذنة الشحم" وسط البلدة القديمة، وكان قد شهد طفولة الشاعر ونشأته منذ عشرينيات القرن الماضي، وبدلاً من أن يتحول إلى رمز مكاني ثقافي، اجتاحته الميليشيا الإيرانية وعلقت على جدرانه صور الزعماء والميليشيات (من حسن نصرالله الى بشار الأسد)، وعلى حد علمنا أقيمت فيه أمسيات تضمنت قصائد في مديح قاسم سليماني.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها