السبت 2024/03/30

آخر تحديث: 13:02 (بيروت)

عدنية شبلي في بيروت: أبحث عن سَرد يواجه المَحو

السبت 2024/03/30
عدنية شبلي في بيروت: أبحث عن سَرد يواجه المَحو
"مَن لا مكان له في التاريخ، يأتي الأدب ليحفظ له مكانه في الوجود"
increase حجم الخط decrease
استضافت دار النمر للثقافة والفنون في بيروت، الكاتبة الروائية الفلسطينية عدنية شبلي، ضمن سلسلة محاضرات وورش عمل وندوات بعنوان "الماضي الحاضر: الكتابة عبر الأجيال" من تنظيم سارة مراد وريما رنتيسي.

عدنية شبلي، صاحبة رواية "تفصيل ثانوي" الحائزة على جائزة "ليبراتور" الألمانية التي تمنح للآداب الآتية من بلدان أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، كان من المفترض أن تتسلم جائزتها خلال معرض فرانكفورت للكتاب، لكنها حُجبتْ عنها أو "تأجّلت" بعد اندلاع الحرب على غزة، واتُّهمت الكاتبة بمعاداة السامية. وجاءت الندوة في "دار النمر"، على شكل حوار بينها وبين الأكاديمية والباحثة والمحررة المتخصصّة في الأدب والثقافة المعاصرة، زينة الحلبي.
 
"الكتابة مع أطياف المحو"، كان عنوان اللقاء الذي أتى بدعم من دار الآداب ومجلة "فم"، وقارب كتابات شبلي الروائية والقصة القصيرة التي تتنقل بين الهامش والمتن والثانوي والرئيسي، لا سيما في روايتها الأخيرة "تفصيل ثانوي" التي تحدثت عن ثانويتها كأنها "لحظة انتباه إلى تفصيل، كأنك تسير قرب عمارة عالية وفجأة تجد نبتة شجرة صغيرة طالعة من الجدار، فتتساءل كيف اخترقت البناء والأسفلت لتجد طريقاً لها في الحياة. وهذا هو التفصيل أو الهامش الثانوي الذي يقودنا إلى منفذ للحياة، وكأنه إنقاذ لنا ولحياتنا رغم أننا لسنا في المركز، لكننا ما زلنا هنا، وهذا الهامش هو الذي يسمح لنا بالتماسك في فلسطين، في ذروة القوة والبطش والبؤس والإحباط، تأتي هذه التفاصيل من أماكن لا نلاحظها، لتذكذرنا بأن هناك احتمالات أخرى". 

وعن التفاصيل الثانوية التي أصبحت حرفة في الكتابة والإدراك والوعي، وباتت لها منهجية تتعلّق بالسرد واللغة والعنف، قالت شبلي: "الحساسية الفنية والأدبية تتشكل مع الانتباه الدائم لهذه التفاصيل الرحيمة، وهي لحظة مهمة للأدب، فتتحرر من محدودية الواقع والتاريخ الذي لا يسمح بحضور الثانوي، فالتاريخ يركّز دائماً على مَن يعتبرهم مركزيين، وكل هؤلاء الناس الذين ليس لديهم مكان في التاريخ، يأتي الأدب ليحفظ لهم المكان المركزي في الوجود".

تبدأ رواية عدنية شبلي من لحظة تاريخية مفصلية، بالنسبة إلى التاريخ العربي، صيف العام 1949، بعد عام واحد من النكبة التي أدت إلى تهجير وطرد أكثر من 700 ألف فلسطيني، وأدت أيضاً إلى ترسيخ كيان دولة تدرك أن استمرار وجودها يقوم على المحو وإزالة هوية الآخر في بطش أعمى وتاريخ من العنف تصاب به شخصيات روايات شبلي المهشمة سردياً.

وتقول الكاتبة: "ليس لدي نوع جاهز للسرد، في أيام طفولتي كنا نزور القرى المحيطة بنا مع العائلة موسمياً لنقطف الشجر ونلعب نحن الأطفال، وحين كبرت علمتُ أن العائلة كانت تذهب لقطف الأشجار حتى تحميها من الحشرات. كنا ندافع عن الشجر في طفولتنا بصمت وبرواية متخفية، على عكس الرواية التي تحاول المحو.. مثلاً، عندما نفتح التلفزيون في فلسطين، ونسمع المتحدثين باسم الحكومة الإسرائيليين، نجد أن الرواية عندهم منسقة ومرتبة وفيها خصائص القصة المتكاملة، فكيف يمكنني أن أثق في هذا المبنى السردي الذي يعمل كل الوقت على مَحوي. من هنا أبحث عن أي نوع من أنواع مواجهة المحو، نوع يخلق علاقة حسية مع العالم من دون الانزلاق إلى العنف السردي الذي تمارسه سلطة الاحتلال، ومن دون تلعثم أو تأتأة، وإذا كان هناك من وجع، فهو مجرد وسيلة أو ديكور خارجي لترتيب السرد. أبحث عن سرد لا يواجه الاضطهاد أو المنع فقط، بل السرد الذي يختار مواقيت الغياب والحضور، مثل علاقة الصمت والصوت. ولا يكون الغياب فقط بقرار منع أو اضطهاد، بل كأنه سرد متخفٍّ موجّه يحمل الكثير من المعنى الآخر".

(*) بمناسبه "يوم الأرض الفلسطيني"، دعت أكاديمية دار الثقافة ودار الآداب، إلى لقاء مع الروائية عدنية شبلي. تدير الندوة تغريد عبد العال في قاعة مكتبة أكاديمية دار الثقافة في مخيم مار الياس، السبت 30 آذار، الساعة الثالثة بعد الظهر.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها