الخميس 2023/07/27

آخر تحديث: 12:11 (بيروت)

ناديا خوست الممانعة: مؤامرة صهيونية وراء حريق ساروجة

الخميس 2023/07/27
ناديا خوست الممانعة: مؤامرة صهيونية وراء حريق ساروجة
دمار بعد الحريق
increase حجم الخط decrease
مازالت تداعيات الحريق الكبير الذي اندلع في عدة بيوت من حي العقيبة الدمشقي مستمرة، حيث حاولت بعض الأوساط الرسمية التخفيف من غضب النخب الثقافية والآثارية عبر تكرار القول بأن الوثائق الأصلية المحفوظة في مركز الوثائق التاريخية بدمشق نجت من الحريق، لأنها لم تكن في المكان أصلاً، بل إنها نقلت ومنذ العام 2012 إلى مكان آخر (لم يصرح عنه)! بالإضافة إلى التقليل نظرياً وشفوياً من المساحة التي طالتها النيران!

 

وفي هذا المسار نشرت وزارة الثقافة في صفحتها الرسمية على فيس بوك قبل يومين خبراً يقول إن "المديرية العامة للآثار والمتاحف ومن خلال عملها في تقييم وجرد الأضرار الناجمة عن الحريق الذي اندلع الأحد صباحاً بتاريخ 16/7/2023، في منطقة العقيبة. تؤكد على أن كافة الوثائق التاريخية في مركز الوثائق الذي طال الحريق الجزء الشمالي منه، بحالة جيدة لأن سياسة المديرية منذ عام 2012 هي حماية الوثائق والقطع الأثرية حيث نُقلت الوثائق التاريخية من المركز عام 2012 بتوجيه من وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح في حينها وتمت عملية النقل المذكورة على مراحل وبالتالي لم يؤثر الحريق على أية وثيقة تاريخية".

وفي نهاية الخبر ذكرت صفحة الوزارة بأن الفرق الفنية تعمل حالياً على إعداد الدراسات اللازمة لإدارة الركام في الجزء الشمالي من مركز الوثائق والتحضير لمشروع الترميم وإعادة البناء وفق المنهجيات المعمول بها عالمياً.

الباحث المعارض عمار السمر الذي عمل لسنوات خبيراً في هذا المجال كتب في موقع تلفزيون سوريا مقالاً حمل عنوان "حريق ساروجة بين الوقائع والمبالغات"، يتفق في تفاصيله مع ملخص الرواية الرسمية لجهة نجاة الوثائق من الاحتراق، لكنه يوضح أشياء لم ترد أصلاً في كل ما نشرته وسائل إعلام النظام، حيث تحدث عن احتراق مكتبة المركز التي تضم طبعات نادرة لعدد من الكتب منشورة في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، كما ذكر بأن"السيرفر" المركزي الذي يحتوي صور الوثائق والسجلات التي كانت توضع بيد الباحثين للاطلاع بدل الوثائق الأصلية قد احترق أيضاً.

لكن ما يلفت الانتباه أنه وبالتوازي مع ما نشرت وزارة الثقافة فإن وكالة سانا الرسمية نشرت تقريراً بعنوان “ساروجة” حكاية تاريخية لا تنتهي تحدث فيه المدير العام لمديرية الآثار والمتاحف نظير عوض عن نجاة الوثائق وأجهزة تخزين المعلومات أيضاً!

غير أن ما يصدم القارئ المتابع للقصة الكارثية أن ترد في حديث عوض معلومات عن تقديرات الأرقام المالية لكلفة عملية الترميم التي ستتركز على بيت عبد الرحمن اليوسف الذي تضرر بشكل كامل وقصر خالد العظيم ذي الأضرار الجزئية، حيث ذكر "أن التكلفة التقديرية لإعادة بناء بيت اليوسف الأثري قد تصل لخمسة مليارات ليرة سورية (الدولار يساوي 13000 ليرة)، فيما قد تبلغ تكلفة بناء وترميم آثار الحريق في بيت خالد العظم ملياراً واحداً وهي تكاليف مبدئية وغير نهائية".

ربما يشعر القارئ بالريبة من سرعة إيراد من مثل هذه الأرقام على لسان شخص مسؤول في قضية حساسة كهذه، وقد يحال الأمر إلى أن التخصص بهذه القضايا قد يتيح للمؤسسة المختصة أن تقدّر مثل هذه التكاليف بسرعة كبيرة! وبما ينفي وجود مخطط مسبق لحرق مثل هذه الأمكنة ثم التكسب من إعادة ترميمها، لكن كل ما سبق لا ينفي أن يكون الإهمال متعمداً، وأن تكون هناك جهات متورطة بذلك، سيما وأن مثل هذه المقاولات تبقى مربحة في ظل الفساد العام الذي تعاني منه أجهزة الدولة السورية، التي لم تعد تعاني على ما يبدو من الحساسية تجاه الاتهامات التي تطالها حتى من عتاولة الدفاع عن نظام الأسد!

وفي هذا المنحى تذهب الكاتبة السورية ناديا خوست إلى توسيع الفرجار أبعد من بيت اليوسف وقصر العظم بما يخص قضية حي ساروجة والكوارث التي أصابت المنطقة الأثرية، ففي حوار أجرته معها جريدة قاسيون الناطقة باسم حزب الإرادة الشعبية (ماركسي لينيني) تحت عنوان "هل إيكوشار هو من أحرق ساروجة؟ هذا الحريق ليس بريئاً" ونشرته في ملف خاص، تحدثت خوست عن الأهداف القديمة لمخطط أيكوشار الفرنسي الذي تبنته محافظة دمشق منذ العام 1968، حيث "إن والجزء الخاص فيه بسوق ساروجة الذي قدم منذ عام 1936، وضع لاختراق حي عربي فيه مشاكل بالنسبة للفرنسيين وهي المقاومة الوطنية، وفي عام 1968 عندما قُدّم مخطط إيكوشار للتنفيذ وضع هذا التفصيل ضمن المخطط".

وفي مضمار الدور الواجب للمؤسسات المحلية لحماية الأبنية الأثرية وعن واقع الإهمال الراسخ تتحدث خوست عما تعرفه وتقول: "يوجد دائماً بجميع الأبنية التاريخية والمدن القديمة المهمة الثمينة نظام ضد الحرائق، ويوجد نظام للتعامل مع المواد التي من الطبيعي أن تكون قابلة للاشتعال كالخشب والطين، هذا لم يكن موجوداً لدينا، نحن معتمدون على العناية الإلهية «إنه كله ماشي الحال» ولا بأس الخ، مثلاً: ألا يكون هناك نظام للحماية بدار الوثائق التاريخية شيء غير مفهوم. فدار الوثائق التاريخية- بيت العضم- ملاصق تماماً لبيت اليوسف، حتى أنه كان يقال سابقاً: إن أتى ضيوف كثر إلى بيت العضم ولم يكن هناك مكان لاستقبالهم يذهبون لبيت اليوسف لأرض دياره مباشرة، والعكس كذلك، إذاً يمكن انتقال الحرائق، من المفترض أن توجد أساليب للإنذار الفوري من رائحة الحريق ورش المياه المضغوطة للإطفاء أو أجهزة الإنذار. يبدو أن الإحراق حدث من عدة أماكن، لذلك وكما قال لي مختار سوق ساروجة: «كنت مع المحافظ بعد نصف ساعة تماماً من الحريق وكنت أقفز من سطح لسطح مع رجال الإطفاء، يبدو أن الحريق أو الإحراق تم إشعاله من عدة أمكنة».

الكاتبة الممانعة التي لطالما اشتهرت بتنظيم الحملات للدفاع عن دمشق القديمة تشرح أبعاد المؤامرة التي ترى بأن فصولها مازالت مستمرة منذ عشرات السنين، فتتحدث عن دور إسرائيلي خفي فيما يجري وتردف: "لا يمكنني أن أرى لا مخططاً اقتصادياً ولا معمارياً خارج الصراع الرئيسي في المنطقة، الذي جميعنا اليوم نعيشه، والذي وُلِدنا وهو موجود، وما زال أولادنا يعيشونه، «إسرائيل» تبحث عن أي أثر تاريخي أو تخترعه أو تنقب عن الآثار، فأثناء غزو العراق ذهبوا مع الأميركان من أجل التنقيب هناك، اخترعوا أثناء الاحتلال الأمريكي المباشر والفظ آثاراً لهم، أصبحوا يترجمون بعض الأماكن التاريخية ترجمة توراتية، ومن قبلها هناك وثائق قاموا بترجمتها ترجمة توراتية في محاولة تطبيق وإقحام التوراة على التاريخ، وهذا أمر معروف. ماذا تقول الوثائق الصهيونية؟ أنا أستشهد دائماً بها، الوثيقة عنوانها «تل أبيب- موسكو- 1985» وقت البيريسترويكا، ماذا تقول؟ اهدموا الآثار التاريخية علناً واتركوها تهمل، وتظاهروا بانشغالكم بالمسائل الاقتصادية وستفككها الغوغاء حجراً حجراً، هذه الوثيقة موجودة لديّ حرفياً"!

تتهم خوست وبما يمكن اعتباره عزف على ذات اللحن محافظة دمشق بأنها "قائمة على الفساد وقائمة على مجموعات الفنيين فيها لهم علاقات مع تجار البناء والمهم لديهم الهدم". لكنها تغمغم في تحديد من يتحمل المسؤولية عما جرى سابقاً ويجري حالياً محيلة الأمر إلى حفنة من الآثمين لا علاقة لهم بالنظام الحاكم منذ عقود، ولا تربطهم علاقة أو أي شيء بالتمدد الإيراني الذي يستهدف الاستحواذ على مساحات واسعة في دمشق القديمة!

"عندما كنت بمجلس محافظة دمشق لم تسقط دمشق 1967 وأتى مخطط إيكوشار ليقسمها عام 1968، ولا زلت عند هذا الرأي، وما زلت أشعر بأنه مخطط صهيوني، وبالطبع سيستفيد منه جميع التجار العقاريين وإذا كنتي تريدين أن تحلليه تحليلاً سياسياً فستقولين: إنه مشروع صهيوني وينفذ بأيدي رؤوس الأموال الكبيرة"!!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها