"إذا إردت السلام": اغتيال حسين مروة ممُسرَحاً بالذاكرة..وأداة القتل

فكرة الزيارة والتي كانت تدونها لارا مروة في إطار بحثها الجامعي لنيل شهادة الدكتوراه في باريس، ستتطور مع حدث أعاد ليلة الإغتيال الى لحظتها وقساوتها، وليعيدوا معها جمع عناصر الذاكرة والشهادات والمسكوت عنه قهراً أو كبتاً طوال سنوات.

المغدور يتكئ على كتف قاتله

تتذكر لارا طفولة ابنة الخمس سنوات، دوائر واجهة البناء التي من خلالها كانت ترى الجد والجدة على الشرفة، ولتكتشف بعد فترة اختفاء الجد من هذه الصورة. مستويات عديدة في العرض وسردياته، زيارة الجمهور الى مكتبته وأشيائه وصوره، وصولاً الى أسئلة الحفيدة التي كانت اصغرهم. ماذا حدث؟ تسأل الوالد الذي يكتفي بصمت طويل وابتسامة خفيفة حائرة، بقيت معه منذ 17 شباط 1987. يتذكر الحفيد، وليد، الغداء الأخير مع الجد والجدة، قبل دخولهما الى غرفة النوم للقيلولة وصعوده مع والدته الى منزلهم في الطابق الأعلى. يتذكر كريم أنّه جلس بعد الغداء في مكتب الجد ليدرس لشهادة البكالوريا، وأراد أن يقوم الى الحمام، فتردد حتى لا يوقظ الجد، وقرر الصعود الى منزله.

لحظات قليلة كأنها دهر من التفاصيل، لحظات خروج ودخول القاتل المستئذن، ودخوله إلى غرفة الجد وأمام الجدة طلب منه الوقوف، فاتكأ الشيخ الثمانيني على كتف قاتله قبل أن يطلق عليه الأخير رصاصة القتل. لحظات تُروى كأنها دهر مع وصول جميع السكان ورؤية المفكر حسين مروة بين يدي زوجته وهو مضرج بالدماء وهي تمسد على رأسه وعيناها في غيابات المقتلة القاهرة. تتذكر الابنة هناء، أو تعيد ما يمر في ذاكرتها كلّ مساء، التفاصيل وإعادة تمثيل الحدث وتخيّل الجد وردّ فعله، وحركة القاتل وبرودته.

عرض "إن أردت السلام..." كلام حميم وذاتي من عائلة المفكر الراحل، فيه الكثير من إعادة الحدث الى مكانه وزمانه، وفيه الكثير من الأسئلة التي لا تبحث بالضرورة عن حقيقة باتت معروفة للجميع، بقدر ما تبحث عن سلام النفوس التي حُفرت في ذاكرتها صورة موت وداعة الأب-الجد، كما حفرت الرصاصة وظلت عالقة في جدار الغرفة، ثلاثين عاماً وأكثر. هذا الجدار الذي ستُحمل أجزاؤه إلى العرض وتطوف حوله لارا وترقص كما رقصت طفلة داخل منزل الجد الغائب. توثق لما حدث جسداً راقصاً وصوراً وأغنيات كانت الأحبّ إلى قلبه.

عرض هو بمثابة تحية الى شهيد الرأي، وغضب إزاء كل ما جرى من طمس وإخفاء لمَعالم وحقيقة هذا الإغتيال. كل ذلك، يُسرد بكثير من الدفء والبوح عما جرى بعد هذا الغياب، يروى مثل حكايا المساء، مثل حكاية الجد التي تنزل برداً وسلاماً على الأحفاد، علّها تستكين الأجساد وترتاح.

بطاقة العرض

فكرة وإخراج: لارا مروة

مشاركة واستشارة فنية: كريم دكروب، رانيا مروة، وليد دكروب

إدارة تقنية: ألكسندر فنسان

تركيب ديكور: ألكسندر فنسان ومحمد العماري

فيديو: علي بيضون، لارا مروة، شادي نصر الله