باسل الأمين...في الشعر ما هو عكس الصمت

اخترت الشعر لأنني أجده ثورة في الكلام، هو حريّة خالصة. أنا بطبيعتي أكره الصمت، لذلك أجد في الشعر كل ما هو عكس الصمت، المناجاة والكتابة والمشاعر والبوح.

أحيانا لا أجد ما أكتبه ويزعجني ذلك. لذا ألجأ إلى قراءة بعض الشعر الذي أحبه، لشعراء تأثرت بهم، أمثال: رياض الصالح الحسين، محمد الماغوط، أنسي الحاج، بوكوفسكي، شارل شهوان، عبّاس بيضون، محمد علي شمس الدين.

يقول أنسي الحاج: "أنا ثائر وعاجز؛ عاجز عن كتابة الوزن، وهذا هو سبب نزوحي إلى قصيدة النثر، وليس لأني شاعر أكتب الوزن وفجأة فكرتُ أن أنوّع! لم أجد تعبيري إلا في قصيدة النثر". أنا مثل أنسي الحاج لم أجد ما يعبّر عن كلاميَ الكثير الّا بقصيدة النثر. أبحث دائما عن اللغة النقيّة، التي لا تطلب تعقيدات أو فلسفة وجود. الكلمة الحلوة التي تنساب مثل الماء. التي تجيء خفيفةً على القلب.

قال أدونيس عن أنسي الحاج في احدى مقابلاته التلفزيونية: "هو الأنقى لغةً بيننا".

جميعنا نتأثر بشعراء قرأناهم، وأدونيس هنا لا ينكر ذلك. كبار الشعراء يحملون معهم ثِقل كلمات وعبارات علقت في أذهانهم. يجب ألا نتمرد على الأشخاص الذين صنعوا لغتنا. الذين أعطوا التعبير كل ما يحتاجه ليصير شِعراً. عبّاس بيضون كتب أجمل التشابيه. لم ولن يضيف أحدٌ ما أضافه عباس للشعر الحديث. لذا كل ما سوف يكتب لاحقا سيكون قد كتب. عليّ أن أكتفي بأن أكتب نفسي، هنا فقط أكون قد أضفت شيئاً حقيقياً. هنا فقط يمكنني أن أضيف قلبي.

الكلامُ الكثير جيّدٌ ومفيد لأي شاعرٍ شاب. هذا ما توصلت اليه بعد أن نشرت مجموعتي "في العشرين نتكلم كثيرا". كانت تجربة جميلة وجيّدة. شعرت أني ومن خلال عملية النشر أستطيع أن أوصل إلى كل فئة الشباب، لغة لطيفة وسهلة. شعرت أيضا وكأني حملت قلبا صغيرا لأواجه فيه العالم... والشمس...

قصيدة

كانت الشمس تطلّ على قلبي

والشبابيك كانت تطلُّ على قلبي

وكان رُضوان سلّةً من التفاح

وكان التفاح يأتي في موسم الحب

يا مواسم الحب الباردة

يا مواسم الحب الخفيفة

كم تشبهين وجهي

كم تشبهين الشمس التي تغطس في البحر

وتصيرُ حبة دواءٍ كبيرة

قمراً يسكّن آلامي.


(*) مساهمة باسل الأمين في ملف "الشعراء الجدد... لماذا أتيتم إلى الشعر؟" وهو أصدر حديثاً مجموعته "في العشرين نتكلم كثيرا"