الثلاثاء 2018/07/03

آخر تحديث: 12:07 (بيروت)

"لقاءات الفوتوغرافيا" 2018: العالم أصبح هَرِماً

الثلاثاء 2018/07/03
increase حجم الخط decrease
افتتحت مدينة آرل الفرنسية، في الثاني من تموز الحالي، "لقاءات الفوتوغرافيا"- 2018 في دورتها الـ49 (حتى 23 أيلول المقبل). وهي الأعرق والأشهر من بين المهرجانات العالمية المتخصصة بالصورة. 

برمجة "اللقاءات" هذا العام أشبه بآلة تبحر عبر الزمن، بين مستقبل قريب وماض غير بعيد، تضيء على رهانات مجتمعاتنا المعاصرة. "أصبح العالم الهَرِم خلفنا"، كتب سام ستوردزه مدير اللقاءات متناولاً 1968، السنة التي لا يمكن فصلها عن ثورة أيار الطلابية في فرنسا، تلك اللحظات النادرة التي تهز العالم. لحظات إغتيالات (مارتن لوثر، روبرت كينيدي)، لحظات تسبق الثورات والآمال الممكنة.

خمسون عاماً مرّت على تلك اللحظات، تستعيدها آرل اليوم على جدران أماكنها التراثية، صوراً فوتوغرافية (أكثر من 30 معرضاً).

في "أميركا العظيمة"، ولأن صورة أميركا صنعتها نظرات مهاجرين غرباء، معارض لخمسة مصورين، هم: روبرت فرانك (1924 سويسري)، من أهم المصورين الذين أعادوا صياغة الصورة واستكشفوا قدراتها السردية.  "الأميركيون"- 1958 كتابه الأكثر تأثيراً وانتشاراً في تاريخ الصورة.

ريمون دوباردون (1942 فرنسا) يعرض أول عمل صوره في الولايات المتحدة سنة 1981.  

بول غراهام (1956 بريطانيا)، تناول الفروق الطبقية في أميركا اليوم، والتي جال فيها باحثاً عن الحقائق لا عن اللحظات الحاسمة. أراد أن يشاهد ويتعرّف على التافه من يوميات الناس والأمكنة. 

تيسير بطنيجي (1966 غزة): عمله "من غزة إلى أميركا: وطن بعيداً من الوطن"، حققه في 2017، في أوساط الفلسطينيين المهاجرين إلى أميركا ليقبض على الإنقطاع الزمني والمكاني، ونقاط التباعد بين الهوية الأولى التي نتخلى عنها ونبقى متعلقين بها.

لورا هينو (1976 فرنسا). جالت في عالم إنساني محبط وسط صحراء كاليفورنيا، يختصر أميركا المتحولة إلى مخيم مهاجرين، حياة تشبه حياة المستوطنين الأوائل، تحولت أحلامهم إلى كوابيس. نظرة تكرّم مصورين أميركيين أسسوا للمتخيل المرئي في جنوب أميركي بائس.

"هيا يا رفيق، العالم أصبح وراءك" يضم معارض عديدة منها: "1968 أي حكايات!": ثورة الطلاب في ايار 1968 في باريس من خلال صور محفوظات الشرطة والصحافة.

"القطار، رحلة روبرت كينيدي الأخيرة" للأميركي بول فوسكو (1930). من نيويورك إلى واشنطن، صور إلتقطها من نوافذ قطار يقلّ جثمان كينيدي، رصدت عيونا حزينة محبطة في لحظة من الذاكرة الأميركية.  في المعرض أيضاً الحدث نفسه من وجهات مختلفة، للهولندي رين تربسترا (1960)، وللفرنسي  فيليب بارينو(1960).

لا تقتصر عناوين آرل على الأسماء الكبيرة فقط بل تتعدّد: في "إنسانية متضخمة" مواضيع عن دور العلوم والتكنولوجيا في تطوير الحياة المادية والنفسانية للإنسان (ماتيو غافسو). "البحث عن الولع" معرض شامل عن الفوتوغرافيا والتسلية، عندما تتحدى الفوتوغرافيا التراتبية الفنية. 

"العالم كما هو" غوص في باطن عالم جغرافي سياسي في ذروة تعقيداته هيجانه، من تركيا إلى الصين. "منصات المرئي" تقارب الفوتوغرافيا الوثائقية بنظرات متجددة لأجل ممارسة متحولة: جورج سايلر والمخفي خلف الأقنعة، مستعيداً ما عُرف بـ"قرية بوتمكين"، أو القرى الكرتونية المبنية لتمويه الفقر قبل زيارة لكاترين الثانية في روسيا ما قبل الثورة. مايكل براون وجنازة فيديل كاسترو...

في "صور بيانية" المصورون في إنشغالاتهم: رينيه بوري (1933- 2014). ويليام ويغمان (1943). آن راي.

"حوارات"، عندما تتقاطع أصداء الصور. "انبثاق"، أو عندما تبحث لقاءات آرل عن مواهب المستقبل، ضمّ عملاً ملفتاً لأميركي من أصل إيراني هو علي مبصّر(1976) عنوانه "أجزاء من قلب جدي المحطّم"، عن عثور المصور على علبة أفلام إلتقطها جده الجنرال في جيش شاه إيران. ذكريات دفعت بهاوي تصوير إلى التقاط لحظات حميمة سعيدة سبقت تحولات جذرية.

وتخصص "اللقاءات" كعادتها سنوياً زاوية للكتاب الفوتوغرافي "في كل حالاته".

في زمن المعلومات وتتويج الإنسان الرقمي، القلق والمدهش، تقوم "اللقاءات" بـ"عودة دائمة نحو المستقبل، حسب ستوردزه، وتخوض تجربة زمانية ومكانية، تسافر في الأزمنة... لأن الفوتوغرافيا هي الوسيط الفني الوحيد المؤهل لإلتقاط كل الصدمات المبشّرة بتحولات العالم".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها