الجمعة 2018/12/28

آخر تحديث: 09:03 (بيروت)

تخلي الرواية عن ارستقراطيها(*)

الجمعة 2018/12/28
تخلي الرواية عن ارستقراطيها(*)
لم ترق لي روايات فازت بجوائز، كذلك روايات لكتّاب يحتلون قوائم البست سيلر
increase حجم الخط decrease
 
-ما تسميه طفرة، هو أمر كان متوقعًا، وربما أوّل من "بشّر" به، حسب اطلاعي، الروائي الراحل حنّا مينا، فهو منذ أواسط الثمانينات تحدث عن أن الرواية ستكون (ديوان العرب) بدلاً من الشعر الذي، أعتقد انه ضحية إساءة أهله الشعراء له، فوقع بينهم وبين المتلقين فجوات، صعبة الردم، ولكن هذا قد يكون سببًا فقط، من أسباب عديدة، أدت إلى التراجع المخيف الصادم للشعر لصالح الرواية.

وقد تكون الرواية العربية، وهي تستند إلى تراث نثري مهم، في الواقع، من ألف ليلة وليلة، وكتب المسامرات، والمقامات، وكليلة ودمنة، والقرآن الكريم، وحتّى كتب الجاحظ ورسالة الغفران للمعري، قد كسبت الكثير من الفنون الأخرى، ومنها الشعر، لتحتل مكانه ديوانا للعرب، رغم موقفي المضاد لمحاولة الانتصار لفن على حساب آخر، ولكن هذا ما حدث.

وسبب آخر، في ظهور الطفرة، يتعلق في ما يمكن وصفه تخلي الرواية عن ارستقراطيها، فلم تعد كتابتها حكرًا على أسماء ثقيلة كنجيب محفوظ وتوفيق الحكيم مثلاً، فهي تتسع لسرد خادمة في دولة خليجية لظروف عملها الصعبة، أو لمقاوم فلسطيني، ليقص تجربته مع المحتلين، وغيرها من تجارب، إذا صادفت محررًا جيدًا، أو دار نشر صاحبة رؤية، يمكن أن تحتل قوائم البست سيلر، وهذا يدخلنا إلى عالم النشر الحديث واقتصادياته، حيث أصبح الكتاب أكثر من أي وقت مضى، نتاج صناعة ثقيلة ومهمة.
*
 
-الجوائز مهمة، لدينا أو لدى الآخرين، وأهميتها على الأقل تتلخص في أمرين؛ ترويج الرواية التي تستحق ذلك، وتقديم مواهب جديدة، ربما ما كان لها أن تصل إلى جمهور عريض لولا هذه الجوائز.

ولكن أيضًا، اعتقد أنه يجب إعادة النظر في سياسات الجوائز، وإخضاعها لتقييم علمي، لمعرفة إذا ما كانت حققت الأمرين، وغيرهما، التي أشرت لهما.

في لقاء مع ناشرين في معارض نشر أخيرة، شكوا من قلة الإقبال على روايات فازت بجوائز عربية مرموقة، ما هو السبب؟ ولماذا؟ مع أننا نعيش زمن الرواية.
أنا شخصيًا لم ترق لي روايات فازت بجوائز، كذلك روايات لكتّاب يحتلون قوائم البست سيلر العربية، وهم بهذا فازوا بجوائز الجمهور، ولكن هذا لا يمنع من الاحتفاء بوجود كل هذا العدد من القراء، حتى لو كانوا لمصلحة كتاب احتار في سر نجاحهم.
 ***
-علينا الإقرار، بان القراءة، في أحد أشكالها، عبارة عن ذوق، وهذا من المحاسن التي تساعد على ترسيخ النشر كصناعة، وأتساءل أحيانا كثيرة لماذا يقرأ الناس؟ أعتقد أنهم يقرأون لأسبابٍ قد لا تكون في حسبان بعض الروائيين (الجادين) مثل أن بعضهم يقرأ للمساعدة على النوم، أو تنشيط الدماغ كما في حالة الروايات البوليسية، والتسلية، والمساعدة في قطع مسافات السفر الطويلة، وغيرها، وعلى الأرجح إذا كان ما توصلتَ إليه من فرضية صحيحا، فان القراء يجدون أسباب القراءة المختلفة في الروايات المترجمة، حتى وإن كان بعضها سيئا، وبعضها الآخر بأقلام مترجمين جيدين أصبحوا نجوما.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها