الثلاثاء 2018/10/23

آخر تحديث: 14:40 (بيروت)

مصر بلد فقير؟.. أخبار كاذبة!

الثلاثاء 2018/10/23
مصر بلد فقير؟.. أخبار كاذبة!
الحكاية الرسمية تقول إن النيابة قررت حبس د.عبد الخالق فاروق ومعه صاحب المطبعة إبراهيم الخطيب
increase حجم الخط decrease
1

استيقظنا على صدى قضية رأي جديدة. هذه المرة يجلس الباحث الاقتصادي المصري عبد الخالق فاروق، وراء القضبان. مر يومان على التحقيق معه. الحكاية الرسمية تقول إن النيابة قررت حبسه ومعه إبراهيم الخطيب، صاحب إحدى المطابع، للتحقيق في نشر أخبار كاذبة يتضمنها كتاب "هل مصر بلد فقير حقًا؟". الباحث قال، وفق ذات الحكاية الرسمية، إن الكتاب يعتمد على مستندات رسمية. العبث ليس له دين.

2

بدأت القصة مع انتشار خبر القبض على صاحب إحدى المطابع ومصادرة كتاب "هل مصر بلد فقير حقًا؟" من داخلها.

بين المهتمين تضامن عدد من الناشرين، مثل محمد هاشم مدير دار ميريت، ومصطفى الطناني مدير دار الطناني، مع صديقهم صاحب المطبعة، غير أن الطناني أوضح، عبر فايسبوك، نقطة مهمة. وهي أن حصول الكتب على أرقام إيداع من "دار الكتب" صار أحد حلقات الرقابة على الكتاب، "وقد امتنعت دار الكتب عن إصدار رقم إيداع للكتاب المذكور، لكن الدكتور عبد الخالق استطاع الضغط عليهم بعد قيامه بحملة على وسائل التواصل، وتدخلت وزيرة الثقافة فصدر أمر الإيداع". حتى هذه اللحظة لم يكن ألقي القبض على المؤلف، ما يرجع في رأي الطناني إلى أنه "شخصية وطنية وعامة ذات حضور على الساحة وأن الاقتراب منه سيثير زوابع، الأسهل إذن هو إرهاب أصحاب المطابع، الذين هم "الحلقة الأضعف في منظومة النشر".

تصورات الناشر جانبها الصواب. بدا ذلك واضحًا مع انتشار خبر القبض على المؤلف قبل يومين، انتهاءً بقرار حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق. يقال إن الأمن وجد لديه عددًا من نسخ الكتاب واعتبرها حرزًا مناسبًا. كل هذا أحال بعضنا إلى أسئلة حول أسباب اهتمام الأمن بكتاب لم يكن قد خرج من المطبعة بعد، بالتالي لا نعرف عنه أكثر من العنوان.

3

الرئيس السيسي في مؤتمر كبير منذ شهور متحدثًا عمن يصفهم بأهل الشر:

"بيستخدمونا عشان ناكل بعضنا البعض. ويقول لك: خلي بالك ده مش سائل فيك. خلي بالك ده ما بيأكلكش. خلي بالك ده مابيعلمكش. بس مقالكش خلي بالك إنك انت فقير قوي؟ محدش قال لك إنك إنت فقير قوي. لا، يا ريت حد يقول لكوا إن إحنا فُقرا قوي.. فُقرا قوي".

4

بتصفح سريع للكتاب المُتخصص ستجده يدخل مباشرة إلى إجابات على السؤال الذي يحمله العنوان. ويرى بيقين أن الرجوع إلى الواقع تنفي مؤشراته إمكانية "أن تكون مصر بلدًا فقيرًا"، مشيرًا، ببساطة وعلى سبيل المثال، إلى حجم مشتريات المصريين من الفيلات والقصور بمئات المليارات من الدولارات بين عامي 1980 و2011، فضلًا عن تفنيده لعدد من المؤشرات، مثل: تقارير منظمة النزاهة المالية والدولية، وما تمثله المباني والسيارات الحكومية، وصولًا إلى مشروع العاصمة الإدارية الذي "ظهر على سطح الحياة السياسية والاقتصادية عام 2014. ويذهب أيضًا إلى أن ما نعيشه من مشاكل "لا يتعلق بفقر الدولة، ولكن الفساد وسوء إدارة موارد الدولة"، ضاربًا أمثلة بفقرات عنون بعضها بعناوين مثل: اقتصاد المحاسيب، الإسكان وتحدي الإدارة، القطاع الخاص وازمات انبوبة البوتاجاز، المنتجات البترولية والتلاعب بالدعم، مرتبات وحوافز الوزراء، الثروات المخفية، وما إلى ذلك، فضلًا عن عدد من العناوين التي هي رؤوس موضوعات يتناولها الكتاب لما رآه طريقًا إلى العلاج.

5

أهمية الكتاب من عدمها يستطيع أن يقيّمها المحايدون المتخصصون في مجال الاقتصاد، والذين يبدو أن المؤلف معروف، بشكل ما، بين ساحتهم وبعض ساحات المعارضة السياسية، حيث له عدد من المؤلفات في تخصصه، فضلًا عن حصوله على عدد من الجوائز، بينها جائزة الدولة التشجيعية منذ سنوات، بينما يظل موضوعنا الرئيسي هو الرد على الأفكار داخل قاعات النيابة والمحاكم، بل والسجون أحيانًا، بدلًا من الرد عليها بنظيرتها من أفكار.

أنت، وباطمئنان، تستطيع وصف سنواتنا هذه بالأكثر قسوة وفجاجة، بين كل سنوات التاريخ المصري الحديث، في ما يخص العلاقة بين الدولة وحرية الرأي. بالأحرى حرية الكلام. أي كلام!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها