الإثنين 2018/10/01

آخر تحديث: 11:21 (بيروت)

سناء موسى في باريس.. أمسية فلسطينية نصفها لسوريا

الإثنين 2018/10/01
سناء موسى في باريس.. أمسية فلسطينية نصفها لسوريا
أدارت المغنية حفلها كما لو أنه سهرة منزلية عائلية.
increase حجم الخط decrease
في بداية أمسيتها في باريس تعلن المغنية الفلسطينية سناء موسى، أن تجربتها جاءت لتكتب ذاكرة الفلسطينيين غناءً، في بلاد عزّت فيها كتابة المذكرات، كما تقول. تأتي الأغنية التراثية لتروي يوميات عيش الفلسطينيين ونضالهم. ويا لها من مهمة عسيرة، في قلب صراع "من يرث الحكاية (فيه) يرث أرض الحكاية".

تعود سناء موسى، في تجربتها عموماً، إلى ذكريات ما قبل النكبة، منذ أيام النضال الفلسطيني ضد الانتداب البريطاني، وصولاً إلى طقوس الفرح والزفاف وليلة الحناء. وغالباً ما تروي بلسان امرأة، تودع ابناً سيق إلى السفربرلك، أو تستقبل شهيداً بالزغاريد، وصولاً إلى امرأة تتغزل بنوم حبيب سيفارقها عمّا قريب.

"عينه ملانة نوم"، تصدح المغنية، بعد أن توضح لجمهورها أن ما يبدو لكثيرين أنه تهليلة لنوم الأطفال، هو في الواقع غزلية من امرأة لحبيبها الذي سيسري مع الصبح إلى النضال. إنها تمدح نومه وتهجو، بعكس ما درجت عليه القصائد، خيط الصبح، لأنه، هذه المرة، سيفرّق بينهما: "عينه ملانة نوم/ يا خيط الصبح يا مفرّق بيني وبينه/ يا خيط الصبح يا مفرق الخلان/ يا ريت الصبح لا شقشق ولا بان".

برنامج عرضها الباريسي سيأتي بأعمالها الأشهر، الأكثر شيوعاً على ألسنة عشاق أغانيها. تلك المستلهمة أو المستعادة من التراث الفلسطيني لكن مع إعادة الاشتغال عليها لحناً وتوزيعاً، بصحبة رفيق دربها وشقيقها محمد موسى، المغني والملحن وعازف العود.
 

تعرف المغنية ما يريده جمهورها تماماً، فإن طَلَبَ "طلّت البارودة" ستجيب أنه قد حان وقتها بالفعل. وستشرح قبل ذلك أن الأغنية كانت تقال في استقبال بارودة الشهيد. كان الثوار يحرصون عند استشهاد رفيق لهم على أرض القتال أن يعيدوا بندقيته إلى البيت، كي يعود بها أحد أفراد أسرته إلى المعركة.

وإن طُلبت منها "الروزنة" فلن تتردد، ستغني سناء ومعها الجمهور بتأثر لا يخفى "يا رايحين ع حلب حبي معاكم راح". فالمغنية الفلسطينية تحمل في قلبها دمعاً غالياً لسورية. "يا رايحين ع حلب" ليست مصادفة، ولا لتزجية الوقت بالأغاني المسلية، فعلى أجندة الأمسية أشياء أخرى للشام تثبت أن موسى إنما تقصد حلب، كما تقصد الشام: 
"يا رايح ع بلاد الشام على مهلك /
 ودّي لبردى مني سلام على مهلك /
يا رايح ع بلاد الشام دربك مقطوعة /
 كيف الردى كحّل العيون، نامت موجوعة".

بعد ذلك لا تنسى المغنية أن ترسل بتحيتها إلى أهل الشام، كما إلى اللاجئين السوريين في كل مكان.

تفاجئ جمهور حفلها بصوت مغنٍ ستقدمه كلاجئ فلسطيني سوري من مخيم اليرموك. تستدعي إلى المنصة أبو غابي، ويغنيان معاً بتأثر أغنية المغني الشعبي  الفلسطيني الراحل أبو عرب الصالح "هدّي با بحر هدّي".

أبو غابي (الفلسطيني) سيترك رسالة سياسية في قلب الحفل عندما يؤدي الأغنية السورية الرائعة، والتي يُحكى عن سجن مغنيها (أبو رياح الشامي) في عهد حافظ الأسد بسببها: "الشام لولا المظالم كانت فوق المدن جنة". لا شك أن اختيار أغنية أبو رياح اعتمد على تلك الرواية التي تتناقل شفاهةً. وبالتالي جاء اختيار أبو غابي متناغماً مع رسائل سناء موسى وتضامنها مع السوريين، مع العلم أن جمهور الحفل (أقيم على مسرح المركز الثقافي الجزائري، الذي يتسع لمئتي شخص) كان فلسطينياً في الغالب، كما أنه لا علاقة للسوريين بتنظيم الحفل (نظمته جمعية "الزيتونة").

أدارت المغنية حفلها كما لو أنه سهرة منزلية عائلية. المسرح الصغير ساهم بخلق هذه الحميمية. وهي راحت تدير وتحلّ المشكلات التقنية مع فني الصوت على الملأ. استدعت إلى منصتها إلى جانب أبو غابي عازف غيتار جزائري. تحدثت مراراً إلى الجمهور، راحت مرة تدفعهم للمشاركة في الغناء، ومرة تعلمهم التصفيق بإيقاع محدد. وهي قد نجحت بالفعل في جعل الجمهور حيوياً ومتفاعلاً لحدّ الغناء وإطلاق الزغاريد.

كذلك استدعت موسى إلى المسرح والدة الشهيدة الفلسطينية رزان نجار وفسحت لها الحديث بالعربية، ثم مع ترجمة إلى الفرنسية، عن ابنتها، متخذة من ذلك فرصة لإعلان التضامن مع أهل غزة المحاصرين، أو المهدورة حياتهم على الأسلاك الشائكة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها