الجمعة 2016/07/15

آخر تحديث: 21:35 (بيروت)

منير أبو دبس... رحيل مسرحي الظلال والحركة

الجمعة 2016/07/15
منير أبو دبس... رحيل مسرحي الظلال والحركة
increase حجم الخط decrease

 

 

 

توفي في باريس المسرحي اللبناني منير أبو دبس (84 عاما)، وهو ولد في بلدة الفريكة (جبل لبنان)، وتربّى في كنف والدته وسط غياب دائم للوالد المهاجر في الأرجنتين. بداية، سلك طريق الرسم، من دون أن يعرف أنّه سيختار المسرح في الخاتمة. حين لاحظ أستاذه في مدرسة "الحكمة" تميّزه في الرسم، وفّر له منحة للالتحاق بـ"الأكاديمية اللبنانية" التي أسّسها أليكسي بطرس(الـ ALBA حالياً). في عام 1952، سافر إلى باريس حيث التحق بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، وتابع دروس المسرح والأدب الإغريقي في السوربون، ودروس العزف على الكمنجة.

أبو دبس الذي أسس، بعد عودته من باريس عام 1960 "مدرسة المسرح الحديث" في بيروت، وتعرف الى المسرحي أنطوان ملتقى(مع تعاون بينهما) كذلك إلى تشكيليين ومسرحيين وشعراء أمثال عارف الريس، وناظم جبران، وجلال خوري، ورضى خوري، وأنطوان كرباج... إضافةً إلى أنسي الحاج، ويوسف الخال، وأدونيس الذين ترجموا أعمال أبو دبس الأولى. ولطالما اعتبر أبو دبس أن "لا معنى للنص في المسرح.. الممثل هو النص". وقدم، بالاتفاق مع مهرجانات بعلبك، مسرحيات عديدة أهمها: "اوديب" و"ملوك طيبا" و"الملك يموت" و"فاوست". لكن هذا النوع من المسرحيات الذي قدم في “الهواء الطلق"، أو على المسارح الكبيرة، صار بالنسبة اليه، بعد انفصاله عن مهرجانات بعلبك عام 1970، شيئا "غريبا" يختلف، فاتجه نحو السحر والغرابة في تجاربه الجديدة. وهو كان يميل الى المسرح الفقير الذي ينزع عن الممثل جميع الاقنعة المستعارة، ولا يرتدي الا لباس الممثل الحقيقي، وانفعالاته الكبيرة، في تليين الجسد ومرونة الروح والعواطف والاحاسيس. يقول أبو دبس: "هذا الممثل يتحرّك على خشبة عارية أو خشبة معمارية، رمزية، إشارية، فيها تتكفَّل الإضاءة بتشكيل المشهد القائم على لعب الظلال والأضواء (...) التجريد عنده يبلغ حدّاً بعيداً؛ لأنّ الأشياء حاضرة بمعانيها، غائبة بذواتها. والمعنى ينبغي أن يطلّ من خلال فتحة ضوء محددة مدروسة، أو كأنما من وراء قناع، فلا ينسكب أو يندلق مجاناً، بل يتشكَّل".


عام 1971، أسّس أبو دبس "مدرسة بيروت للمسرح الحديث" في كليمنصو. هناك، بلغت تجربته أقصاها في "الطوفان" التي قدمها في العام نفسه. المسرحية التي ستحتفي بها جريدة L’Humanité الباريسيّة، بعد عرضها في برلين الشرقية، ستسهم في ذيوع صيت المخرج في فرنسا. وهو قال بعد "الطوفان": "لا معنى للنص في المسرح.. الممثل هو النص" "أعمال المسرحيين اللبنانيين شبيهة بالموت"(مجلة الأنوار)، ثم أتت الحرب الاهلية لتنسف الأحلام والتفرقة... حين عاد ابو دبس في العام 1981 الى لبنان بعد غربته الفرنسية التي فرضتها عليه الحرب شاء ان يلتقي جمهوره عبر عمل مستوحى من جبران خليل جبران. واختار آنذاك كتاب "يسوع ابن الانسان"، منطلقا لعرضه المسرحي الاختياري. في فرنسا، حتى عام 1998 تولى ادارة محترفات مسرحية بالتعاون مع وزارة الثقافة الفرنسية. إلا أنه في 1997. ثم عاد الى لبنان حيث أسّس عام 1999 "مهرجان الفريكة" السنوي، واستأنف إعطاء الدروس في محترفه الجبلي الذي خرّج في ما مضى ممثلين كباراً مثل ميراي معلوف وأنطوان كرباج.

وقبل مدة، أصدرت الناقدة خالدة سعيد كتابا بعنوان "منير أبو دبس والحركة المسرحية في لبنان 1960 – 1975" (دار نلسن) اشارت إلى الينابيع التي نهل منها أبو دبس. تأثر برمزية إدوارد غوردون كريغ الذي جعل المسرح ساحة للظلال، والفضاء، والحركة. وتأثّر أيضاً بطقوسية أدولف أبيّا الذي وجد في الصالة المسرحية "كاتدرائية المستقبل". ونهل كذلك من المذهب الطبيعي عند ستانسلافسكي. ووصفت سعيد رؤية منير المسرحية بالمتكاملة، بدءاً من مفهوم المسرحة وعلاقة الخشبة والمشهد المسرحي بالعالم، وصولاً إلى علاقة النص بالعرض المسرحي والسّينوغرافيا، ودور الممثل في العملية المسرحية، ومنهج إعداد الممثل.

 

  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها