الثلاثاء 2014/03/25

آخر تحديث: 01:44 (بيروت)

الثورة السورية 'شرنقة' في باريس

الثلاثاء 2014/03/25
الثورة السورية 'شرنقة' في باريس
من أعمال الفنان وليد المصري
increase حجم الخط decrease
 من يشاهد أعمال الفنان التشكيلي السوري اللبناني وليد المصري، المعروضة في غاليري "أوروبيا" في باريس هذه الأيام، سيدرك أي انقلاب أحدثته الثورة السورية لدى الفنان. لقد زحزحت الثورة مشروعه كما يقول، هو الذي اشتغل لسنوات على مفردة واحدة هي الكرسي، بتجريدات كانت خطوطها تصعب على المتمرّس، وجده السوريون أحياناً في ساحات التظاهر في باريس حاملاً لوحات أقرب إلى الملصق السياسي الذي ينهل من اللحظة، كما حدث حين رسم مجموعة من الأعمال تتناول قصف النظام السوري لأبناء غوطة دمشق بالسلاح الكيماوي.

أعماله في "أوروبيا" اليوم حملت عنوان "شرنقة"، تضمّنت مجموعة بعنوان "شجرة المزار". الشرنقة، كما شجرة المزار، أو شجرة النذر، لا تغيبان عن أعماله الجديدة. الشرنقة كان الفنان استلّهمها من قصيدة لصديقه الشاعر إياد شاهين (1967- 2013) الذي قال يوماً "كفّنوها يا ليتها شرنقة"، قبل أن يرحل مكفناً اقتراحاً بمشروع مشترك بين اللوحة والقصيدة.

يشير المصري، في حديث إلى "المدن"، إلى التشابه بين شكل الشرنقة والكفن، الذي ينطوي في الوقت ذاته على معنيي الحياة والسكون "فرغم سكونها تضمر الشرنقة في داخلها ذلك التحول من يرقة إلى فراشة. كنت من قبل بدأتُ العمل على هذا الرمز، لكنه لم يدخل ويتجاوب مع لوحتي وعناصرها إلا أخيراً. في البداية كان تجاوباً مباشراً مع الحدث السوري، كنت أعمل كفناً وأسمّيه شرنقة. كان ذلك ردّ فعل على الموت، مع الوقت صارت الشرنقة جزءاً من مشروع اللوحة".

ورغم اعترافه بأن لوحته قد تغيرت يصرّ الفنان على أن عناصر كثيرة مازالت مشتركة وقائمة في مشروعه قبل الثورة وبعدها، حيث "القوة التعبيرية للمادة بقيت في صلب العمل". وبخصوص الإحساس بالحركة في اللوحة يقول الفنان "سابقاً كان هذا القطع الذي يوحي بالحركة، الآن الشرنقة هي نفسها ما يوحي بالحركة، باعتبارها كائناً غير ثابت. القطع ما زال موجوداً أيضاً وهو ما يوحي بالامتداد إلى الخارج. جذع الشجرة بقوته وثباته يعاكس الحركة، من هنا كانت ضرورة الشرنقة". كذلك يرى الفنان أن "التكرار ما زال مستمراً في تجربته، في السابق كان الكرسي، هنا تجد التكرار لعناصر أخرى مثل الشرنقة والشجرة".

لم يتوقف التغيير في تجربة الفنان عند هذا الحد، فهو نفسه بات مهتماً بردود الفعل والانطباعات عن لوحته، الأمر الذي لم يكن يلتفت إليه سابقاً: "كنت مهتماً برؤية التفاعل مع اللوحة، فالتجربة أساساً كانت انعكاساً لوضع كارثي، وأردت أن أرى ردود فعل الناس. ولقد رأيت السوريين من مشاهدي هذه الأعمال يتلقّفون معنى الأمل في رمزية الشرنقة، هي التي تعتبر مفهوماً مأساوياً في الأساس، حيث تمرّ بمراحل عصيبة بإجبارها على أن تصير حريراً قبل أن يدركها وضع كفراشة".

DA7C0043.JPG

وفي ما إذا كان الفنان يعرض لجمهور معيّن يقول: "لا أتوجه إلى جمهور بعينه، يهمني هنا أن أعرف الآراء كي أختبر صدقي. أما ما يتعلق بالثورة السورية، مثل أعمالي عن "المفقود"، و"الكيماوي"، فقد عرضته في أماكن تخصّ الثورة بشكل مباشر، مثل ساحات تظاهر السوريين".

وبخصوص المواد المستخدمة في أعماله فلا شك أنها تعكس تجربة سابقة للفنان مع الألوان وعمله في حرفة الموزاييك، تجربة لا يمكن عزلها عن كونه ابن الغوطة الشرقية، التي يعتبرها الحاضنة الأساسية لحرفة وفن الموزاييك. يقول: "منذ بداية تجربتي أقوم بنفسي باختراع ألواني كلها. فيها مواد من محترفات قديمة مثل الصمغ العربي، والعصفر، والرمان. تلك المواد ساهمت بإعطاء الجو العام للشجرة. هذا بالإضافة إلى المواد الجاهزة مثل الإكريليك. حوالي ثمانين بالمئة من المواد أصنعها بنفسي، من تجارب تعود إلى الأعوام ما بين 2001-2005. قبل ذلك معرفتي بخصائص الخشب وطرق صبغه جاءت من تجربتي في الموزاييك. كل ذلك استمر في عملي. جزء من بحثي هو التأثير الحسي بالمادة، الفروق بين السطوح، النفور، وهذا كله يعطي غنى للوحة".

ليست المواد المستخدمة في الموازييك هي فقط ما أثر بعمل وليد المصري، وإنما طريقة عمل اللوحة "الموزاييك يعلم الصبر، التكرار في الموزاييك شيء أساسي، حيث أن هناك وحدة زخرفية بسيطة يجري تكرارها لأداء الشكل العام، في الموزاييك قيمة كبيرة للفراغ فغالباً ما كنت أعتمد مساحة كبيرة يتخلّلها بعض الزخارف البسيطة، والنتيجة تكون أشكال غاية في التناغم.

80x80-CM--mixed-media-on-canvas-2013-002.JPG
 
increase حجم الخط decrease