الثلاثاء 2014/11/04

آخر تحديث: 13:01 (بيروت)

"أيام الحمرا السينمائية": لغة الأحلام في مدينة صور

الثلاثاء 2014/11/04
increase حجم الخط decrease
لن تستسلم الفنون في لبنان، رغم كل الصّعوبات التي تواجهها بسبب إهمال الأطراف المعنية والوزارات، وقلّة اهتمام المُجتمع بِناءً على مقولة: "شغلة ما بتطعمي خبز". فشغف الشّباب اللبناني للمسرح والسّينما، عزّز ثقة المواهِب المهمشة وأعطاها فُرصة من أجل استمرار الأمل والحلم. من منّا لم يفخَر بالمواهِب اللُبنانية السّينمائية، كغّسان سلهب، زياد دويري، نادين لبكي وغيرهم... فهؤلاء بدأوا من لا شيء، ونُقطة البِداية كانت من هنا، من بلدهم لبنان. وهكذا حال فئة كبيرة من الشباب اللُبناني بمحاولاتِهم الفنّية المُختلفة، وأكبر مثال على ذلك المُخرج والمُمثل اللّبناني قاسم إسطنبولي الذي جعل قضيته الأساس، استمرار المسرح اللبناني والنهوض بهِ. كان للمسرح أهمية خاصّه في حياته اذ بدأ دراسته الجامعية في كليّه الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، قسْم المسرح وتخصص في التمثيل والإخراج. يحلم إسطنبولي بتكوين مسرح للناس، ينقل معاناتهم واحلامِهم وتطلعاتهم، وهو المتأثّر بالمدرسة البريشتيّة في التمثيل، قرر القيام بمشروع اكثر واقعية وتعبيراً عن نشاطِه وحبّه للمسرح، وبجهد شخصيّ أعاد افتتاح "سينما الحمرا" في صور. وقرر المضيّ قدماً لتحقيق حِلمه الكبير، وليُعلن هذه المرة عن تنظيم

مدينة الصور ستستقبل هذا المهرجان، بمشاركة ٢٥ دولة عربية وأجنبية، وقد فوجئ اسطنبولي بهذا العدد من الدول المشاركة، آملاً ان تستعيد مدينته إرثِها الثقافيّ والتراثيّ. فكرة المهرجان اتت بمبادرة من اسطنبولي وعدد من الشبان من مدينة صور، جمعهم حبُهم لمدينتهِم، وشغفهِم للثقافة والمسرح والفنّ. فبعد افتتاح مسرح سينما الحمرا وإنطلاق اول مهرجان مسرحي في تاريخ مدينة صور، ستستقبل مدينة المسارح الرومانية، "مهرجان صور السينمائي" وهو من تنظيم "مسرح إسطنبولي" و"مُحترف تيرو". أهداف المهرجان كثيرة، اهمها دعم الشباب وطلاب الجامعات بإمكاناتهم المحدودة والباحثين عن من يهتم بأحلامهم الصغيرة. كما يشجّع المهرجان على صناعة السينما في الجنوب خصوصاً ولبنان عموماً، والأهمّ هو التبادُل والتلاقي الثقافيّ لا سيما دعم الأعمال السينمائية التي تتناول مدينة صور كموضوع لأفلامها، والتي تركز على نقل ثقافة المدينة وحضارتها.

وفي ٢٥ تشرين الأول الفائت، بدأ الإعلان عن القائمة النهائية للأفلام المختارة، وتناولت مواضيع عديدة: الحروب، الوطنية، الدراما العائلية، التجارب الشخصية... من ابرز الأفلام المختارة فيلم "ارض الأبطال"، للمجرج الكوردي العراقي سهيم عمر خليفة، يروي تأثير الحرب العراقية-الأيرانية على الأطفال من خلال حكاية عودة خليفة إلى طفولته في كردستان ليبدأ بالبحث عن الاسلحة في ساحات الحروب. شارك الفيلم في مهرجانات عديدة عالميّة وعربية، ابرزها مهرجان دبيً السينمائيّ الدولي في دورته الثامنة وحاز جائزة "مُهر العرب" فيه.

وللأفلام اللبنانية حضورها القويّ بفيلم "عكَر" للمخرج توفيق خريش. وسبق ان شارك في مهرجان الأفلام اللبنانية ومهرجان دبي ومهرجان بوسان في كوريا الجنوبية ومهرجان برلين. ويروي قصّة "اسكندر"، الذي يعود الى بيروت بعد غياب 27 عاماً، على أمل رؤية والده والتصالح معه، وبمجرد وصوله إلى لبنان يتذكر الماضي وتجتاحه ذكريات الطفولة، فيجد نفسه محاصرًا بينه وبين الحاضر، ويعيش انفصاله عن والده وعودته إليه في وقت واحد.

فيلم لبناني آخر يشارك في هذا المهرجان بعنوان "جاكو" للمخرج جان حاتم، الذي يروي قصة "روني" الذي فقد صديق المقرب ولم يبق له من يؤنس وحدته. لتكون هذه الحادثة الدرس الأكثر صعوبة في حياته.

كما للسينما المصرية حصَتها في المشاركة أيضا بفيلم "نجم كبير" تأليف واخراج روجينا بسالي وهو عن قصَة يوم في حياة نجم كبير ومشهور، إنحسرت عنه الأضواء. وهناك فيلم "مدينة دنياري" كتابة وإخراج محمد محمود عبد اللطيف، عن مدينة من نسيج خيال المؤلف، ويكشف المخرج مأساة المدينة من خلال اختفاء ملامح البشر، وعدم وجود حرية ولا ديمقراطية ويسلط الفيلم الضوء على القمع الذي يقع على الشعب الذي يعيش فيها طول حياته تحت اجواء الحزن بلا ابتسامة وهذه تعد أبسط حقوق أي مواطن.

ومن سوريا فيلم "حلم الوحوش القوية"، تقودنا المخرجة لينا العبد في رحلة قصيرة داخل منامات الأطفال السوريين اللاجئين برفقة أهاليهم الى مخيم شاتيلا في بيروت. تصور لينا العبد بعمق وحساسية أطفالاً صاروا كباراً على حين غرة، متأثرين بما شاهدوه وعاشوه من قتل وتهجير ورعب، فصارت أحلامهم أقرب الى الكوابيس.  

ويشارك المخرج التونسي وسيم القربي، الآتي من عالم النقد السينمائي، بفيلم "أزهار التيويليت" من انتاج تونسي، موريتاني، سعودي، يقول القربي: "أزهار تيويليت هي أزهار خيالية لا وجود لها في الواقع، نسبتها إلى منطقة تيويليت الواقعة في موريتانيا، فعندما زرت تلك القرية رأيت أزهارا وفي الحقيقة هي ليست كذلك، بل شبهتها في مخيلتي بأشواك الحياة التي تموت لتولد من جديد، و يمكنني أن أسقطها على العراقيل اللامتناهية التي يجد المرء في حياته، والتي يجب علينا أن نتعلم منها كيف نجعل من الأشواك أزهارا، فرغم قسوة الحياة ، فان الإنسان خلق ووجد ليعيش، للإشارة كلمة "تيويليت" في الأصل هي كلمة أمازيغية".

وفي المهرجان العديد من الأفلام، منها "Fade Away" للسوري علي ياغي "ظهور" للعماني انور الرزيقي، و"حلم طير" للمصرية موني محمود، "The Travelers" للعراقيّ حسين الشّباني، و"اللّغز" لفداء السّباعي و"za3tor" لغدير اسكندر... ومن المُنتظر الإعلان عن باقي الأفلام المشاركة الأخرى في "مهرجان صور للأفلام القصيرة"، تِباعاً خلِال الأيام المقبلة، وهي متوفرة على صفحة المهرجان الفايسبوكية...

وخضعت الافلام المختارة لشروط واحكام المهرجان، اذ يجب ان لا تتعدى مدتها الـ٣٠ دقيقة، وألا يعود انتاجها الى اكثر من ثلاث سنوات كحدَ اقصى، وان يكون الفيلم مترجماً الى الإنكليزية او الفرنسية. ويحقّ للمهرجان ان يبث لقطات من هذه الأفلام عبر الوسائل الإعلامية والإنترنيت، كما لن يسمح بسحب الفيلم من المسابقة بعد قبولِه.

وتتألف لجنة تحكيم المهرجان من اعضاء ثلاثة، من الجنسية اللبنانية، الإسبانية والمصرية. وهم مِن مِهن سينمائية مُختلفة، كالإخراج، السيناريو، المونتاج، الصوت، الإضاءة... امَا الجوائز فمتنوّعة ولفئات مُختلفة: العمل المتكامل، افضل سيناريو، افضل اخراج، افضل تصوير، افضل دور نسائي وافضل دور رجالي. وفي كل دورة، وابتداءً من هذه السّنة، سيستضيف المهرجان مجموعة من السينمائيين، المعروفين على المستوى اللبناني والعربي والدولي، وشخصيات من عالم الفن والثقافة، إضافة الى ممثلين ومخرجين وتقنيين ونقّاد، لا سيما الى الوجوه التي أعطت الكثير في الميدان السينمائي. كما سيكرّم المهرجان ثلاث شخصيات من عالم الفنّ والسينما.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها