الثلاثاء 2014/11/25

آخر تحديث: 14:17 (بيروت)

أوباما "يعزل" صديقه "الرائع"

الثلاثاء 2014/11/25
أوباما "يعزل" صديقه "الرائع"
وقال مسؤولون إن ما حدث، كان في جوهره، عزلاً لوزير الدفاع. (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، الإثنين، قبوله استقالة وزير دفاعه تشاك هاغل، وأضاف أن هاغل سيظل في المنصب حتى تعيين خلف له، مثمناً موقف الأخير بالبقاء في منصبه. وأشار إلى أن "هاغل أبرز من ساهم في تشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية"، ومشدداً على "أننا نسعى لتطوير جيشنا".

وقال أوباما خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع هاغل، الإثنين، بالبيت الأبيض: "الشهر الماضي، جاء تشاك (هيغل) إليّ لبحث الفترة الأخيرة من رئاستي، واقترحَ أنه قاد الوزارة خلال هذه الفترة، وأنه أصبح من المناسب له إنهاء خدمته". أوباما وصف هاغل بأنه "وزير غير عادي للدفاع"، و"صديقي الرائع"، مثنياً على حياديته في العمل معه، ضمن الإدارة الأميركية، رغم انتمائه للحزب الجمهوري. ومضى الرئيس قائلاً: "إنه من النادر، في وقت تكون فيه هذه المدينة (واشنطن) مسيسة بشدة، أن تحظى بصديق يريد أن يرافق مرشحاً للرئاسة من حزب آخر. وما كان أكثر أهمية، هو أننا كنا موحدين عندما واجهنا التحديات التي تصدينا لها خارج البلاد، وهذا هو نوع الرقي والنزاهة التي لطالما مثّلها تشاك هاغل". وأشار إلى القرارات التي اتخذها هاغل منذ تعيينه قبل أقل من عامين، قائلاً: "عندما طلبت من تشاك الخدمة كوزير للدفاع، كنا ندخل مرحلة مهمة: الانسحاب من أفغانستان، الحاجة لإعداد القوات لمهمات مستقبلية (محتملة)، وخيارات تتعلق بالميزانية لإبقاء جيشنا قوياً وعلى أهبة الاستعداد والثبات خلال فترة تحديثنا استراتيجيتنا وميزانيتنا للتصدي للتهديدات ذات الأمد الطويل، فيما نظل نستجيب للتحديات الفورية كما في حالتي داعش وإيبولا".

وكانت الخلافات بين هاغل وأوباما قد طفت على السطح الشهر الماضي، حيث يعتقد بأن قرار تغيير الوزير جاء في أعقاب تسريب مذكرة خاصة في تشرين أول/أوكتوبر، كتبها الوزير لمستشارة أوباما للأمن القومي سوزان رايس، وشكك فيها باستراتيجية الإدارة في سوريا. وجادل هاغل في المذكرة بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى توضيح نواياها بشأن الرئيس بشار الأسد، ودعا فيها إلى سياسة "أكثر بطشاً ضد نظام الأسد". وقال مسؤول في الكونغرس إن هاغل شكك أيضاً في سياسة أوباما بالاعتماد على الضربات الجوية وحدها في مهاجمة مقاتلي الدولة الإسلامية. وقبل نحو شهر قال وزير الدفاع "إن الحرب التي يقودها أوباما وتحالفه، ربما تقدم هدية على طبق من ذهب للرئيس السوري بشار الأسد".

بدوره، قال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إيرنست "القرار الذي أعلن اليوم هو نتاج لمحادثات أجراها الرئيس والوزير لأكثر من شهر. وفي سياق هذه المحادثات وصل الإثنان سوياً إلى قناعة بأن قيادة جديدة لا بد أن تتولى زمام الأمور في البنتاغون على مدى العامين المتبقيين في ولاية الرئيس". وتابع قوله "أقول لكم أن هاغل يغادر ولديه سجل إنجازات طويل في وزارة الدفاع". وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية إن "الوقت حان لقيادة جديدة في البنتاغون".

في حين، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" جون كيربي، إنه لا علاقة تربط استقالة وزير الدفاع، تشاك هاغل، بطريقة تعامل الولايات المتحدة الأميركية أو سياساتها في العراق، والتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وأكد كيربي أن "قرار وزير الدفاع بالاستقالة، لا علاقة له بالسياسة الأميركية في العراق"، بل أن هذه الخطوة جاءت ثنائية بعد محادثات أجراها مع الرئيس أوباما. وقال كيربي: "لا أحد يتوقع تغييراً جذرياً في الاستراتيجية الأميركية ضد داعش، ومنها عدم ارسال قوات برية لتؤدي مهام قتالية ضد التنظيم، ولا أتصور أننا سنرى مثل هذه الخطوة قريباً".

من جانبه، قال السناتور الجمهوري جون ماكين، في إشارة إلى وزيري الدفاع السابقين في عهد أوباما "قراءتي لما بين السطور أنه (هاغل) كان في غاية التعاسة، مثلما قال غايتس وبانيتا، بشأن إدارة التفاصيل من البيت الأبيض. فمجموعة صغيرة من الناس تأخذ كل هذه القرارات". وقال ماكين الذي سيتولى رئاسة لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ "وأحسب أيضاً أنه لم يكن يعتقد أن لدينا استراتيجية للتصدي" للدولة الإسلامية.

هاغل الذي يعد الوزير الجمهوري الوحيد في الإدارة الأميركية، واجه انتقادات شديدة من أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي وأعضاء في الكونغرس، حتى من رفاق له في الحزب، بسبب سياسات الإدارة المتعلقة بالحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ورغم أن البيت الأبيض صوّر رحيل هاغل، بأنه قرار تم الاتفاق عليه مع أوباما، فقد وصف المسؤولون سلسلة من المشاكل المتفاقمة، ومن ذلك مطالبة هاغل في الفترة الأخيرة باستراتيجية أكثر تحديداً للتصدي للدولة الإسلامية، كما أوضحت مذكرة مسربة. مسؤولون أميركيون مطلعون، على علاقة هاغل بإدارة أوباما، قالوا بأنها أخذت منحى متوتراً على نحو متصاعد، بين وزارة الدفاع والبيت الأبيض، رغم أن هذا لم يكن الحال في علاقة أوباما نفسه بهاغل. وقال مسؤولون إن ما حدث، كان في جوهره، عزلاً لوزير الدفاع.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أكدت أن هذه الاستقالة مرتبطة جزئياً بخلافات حول الاستراتيجية الواجب اعتمادها لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق. وأشارت الصحيفة، إلى أن هاغل استقال بعد "ضغوط من البيت الأبيض". كما أن تسريبات أميركية، أكدت بأن هاغل هو الضحية الأولى في التغييرات والاستقالات المتوقعة في واشنطن بعد انتقال الأغلبية التشريعية في الكونغرس للجمهوريين.

كما أشارت بعض المصادر إلى امتعاض هاغل من مجلس الأمن القومي، لأن أوباما يحيط نفسه بمن يوصفون بالموالين له تماماً، حتى أن هاغل كان "يعجز عن إيجاد صوته في مجلس الأمن القومي" بحسب المصادر. وكان هاغل قد سُئل قبل نحو عشرة أيام في لقاء صحافي عن الاختلافات مع أوباما، وإن كانت ستؤدي إلى استقالته فأجاب حينها: "عندما أستيقظ في الصباح، فإنني لا أشعر بالقلق حول منصبي، بل أشعر بالقلق حول الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وانعكاساتها على الولايات المتحدة".

من جهة أخرى، قال المحلل السياسي الأميركي كريس ديكي، إن خطوة الاستقالة كانت متوقعة، معتبراً أن الوزير السابق لم يمتلك قدرة إدارة ملفات الحروب المتعددة التي تخوضها أميركا. وقال ديكي: "لا أظن أن الوزير تشاك هاغل كان ناجحاً في وزارة الدفاع، فقد وصل إلى منصبه في وقت كان الجميع فيه يعتقد أن الأمور سائرة نحو الانسحاب من مناطق النزاع، وإعادة ترتيب أوراق الجيش الأميركي وتخفيض ميزانيته، ولكننا الآن أمام حروب في العالم كله، وعلينا التعامل معها، سواء على المستوى المحدود أو الكبير". وتابع ديكي بالقول: "لدينا داعش ومواجهة وباء إيبولا وحرب أفغانستان، ولا أظن أن هاغل هو الشخص المناسب لإدارة هذه المرحلة، وأظن أن الرئيس أوباما عندما قال إنه لا يمتلك استراتيجية لمواجهة داعش، إنما كان يقصد هاغل ضمنيا وينتقد افتقاده لاستراتيجية".

هاغل كان قد رفض علناً الضربة العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية على إيران، وكان من ضمن الذين دعموا وجودها في محادثات السلام في أفغانستان، وكان له الدور الابرز في انسحاب القوات الأميركية من كابول. وعلى الرغم من مساهمته في تشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والسعي الى حشد الجهود الدولية لمحاربة التنظيم في سورية والعراق، إلاّ أن مهمته لم تكتمل، ولاقت الكثير من الانتقادات. خاصة لأن التنظيم استكمل توسعه، ولم تمنعه الضربات الجوية من السيطرة على العديد من المناطق، وفرض قوانينه عليها.

ومن بين الأسماء المطروحة لخلافة هاغل، مساعدة وزير الدفاع ميشيل فلورنوي، والسناتور الديموقراطي عن رود آيلند والعضو السابق في وحدة نخبة المظليين جاك ريد، ومساعد وزير الدفاع سابقاً آشتون كارتر.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها