السبت 2024/03/16

آخر تحديث: 12:56 (بيروت)

ما وراء الحكومة الفلسطينية الجديدة؟

السبت 2024/03/16
ما وراء الحكومة الفلسطينية الجديدة؟
increase حجم الخط decrease
لم تكن حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية، الفصائل الأربعة الوحيدة التي أغضبتها خطوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتكليف محمد مصطفى تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة محمد اشتية المستقيلة.

هجمات متبادلة
وشنّت الحركات الأربع  في بيان مشترك هجوماً على إعلان تكليف مصطفى، معتبرة أن "الأولوية الوطنية القصوى الآن هي لمواجهة العدوان الصهيوني الهمجي وحرب الإبادة والتجويع التي يشنّها الاحتلال ضدَّ شعبنا في قطاع غزة، والتصدّي لجرائم مستوطنيه في الضفة الغربية والقدس".
وذكر البيان المشترك أن "اتخاذ القرارات الفردية، والانشغال بخطوات شكلية وفارغة من المضمون، كتشكيل حكومة جديدة من دون توافق وطني؛ هما تعزيز لسياسة التفرّد، وتعميق الانقسام، في لحظة تاريخيّة فارقة".
في المقابل، عبّرت حركة "فتح" عن استغرابها واستهجانها من حديث حماس عن "التفرد والانقسام"، داعية إياها إلى العودة للصف الوطني من أجل وقف الحرب. وقالت إن "من تسبب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة وتسبب بوقوع النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في قطاع غزة، لا يحق له إملاء الأولويات الوطنية".
تباينات فلسطينية.. وعربية
وأكدت مصادر سياسية مطلعة ل"المدن"، أن جهات سياسية فلسطينية أخرى وبعض الدول العربية غضبت منذ اللحظة الأولى من خطوة استقالة اشتية، لعلمها أنها مقدمة لإجراء من عباس أراد به أن يبقى متحكما في تغييرات السلطة الجديدة، بغض النظر عن ارتباطها باليوم التالي لحرب غزة من عدمه.
وهذا يعني أن ثمة انقساماً فلسطينياً وعربياً بخصوص تكليف مصطفى في توقيت يحمل دلالات سياسية متصلة برسم المشهد الفلسطيني القادم، تتعدى مسألة التحضير لما بعد الحرب، إلى كونها خطوة أولية لصياغة مرحلة فلسطينية جديدة، وسط رؤى عربية ودولية متعددة، وفق مصادر "المدن".

خطوة لإبقاء عباس متحكماً
وقال قيادي من حركة "حماس" ل"المدن"، إن تكليف مصطفى جاء بناء على طلب أميركي، وتوافق مع أطراف عربية تمهيداً لتطورات المشهد في اليوم التالي لحرب غزة.
واعتبر القيادي ما قام به عباس بمثابة "خطوة استباقية"؛ لتلافي فرض أسماء محددة من واشنطن مثل اسم سلام فياض، وأيضاً بهدف وضع حماس أمام مشهد للحكومة الجديدة يتحكم هو به، بما يضمن له ولمقربين "التحكم بالمشهد".
وأكد أن الخطوة جاءت فيما ترفض الولايات المتحدة أي نقاش لتحضيرات اليوم التالي للحرب مع حماس خلال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وتصر على أن نقاشه مُؤجل إلى مرحلة لاحقة، وتحديداً بعد الصفقة الكبيرة، لكن حماس ترى أن واشنطن تناقش الموضوع مع الأطراف المعنية بشكل "هادئ.
ووفق المصدر، أخبرت حماس قيادة فتح خلال نقاشات بالفترة الماضية، أنها لا تمانع تشكيل "حكومة كفاءات غير فصائلية"، لكن بشرط أن تكون حماس حاضرة في أجواء تشكيلها، وهو أمر لم يحصل. 

مصطفى.. مقترح منذ 2013

من جهته، أفاد مسؤول بالسلطة الفلسطينية ل"المدن"، أن مصطفى لم يكن "اسماً طارئاً" لدى عباس نتج فقط عن ضغوط أميركية، بل هو اسم في عقل عباس منذ عام 2013؛ لكنه لم يلقَ قبولاً إقليمياً ودولياً حينها.
وأوضح أن تكليف مصطفى تأخر لأسباب متعددة، أبرزها عدم توفر الوقت المناسب لنيل القبول الدولي، إضافة إلى الخشية من "حرق أوراقه"، وإثارة ردود فعل تُفشل الهدف من تولي مصطفى المهمة في ظل وضع فلسطيني معقد.
وبحسب المسؤول الفلسطيني، تريد أطراف دولية من تشكيل حكومة "خبراء" أن تكون انطلاقة لتغييرات كبيرة بالسلطة الفلسطينية ستحتاج إلى وقت، كما برر الإجراء بأنه "قطع الطريق على محاولات جهات عربية تشكيل إطار جديد للسلطة".
وكشف عن دافع آخر وراء تسريع خطوة عباس، يكمن بتقييمات سياسية وأمنية بالسلطة طالبت بضرورة اتخاذها الآن؛ لأنه بعد شهرين أو ثلاثة ستتعقد الأمور أكثر، كون الولايات المتحدة ستنشغل بانتخاباتها، وربما يتحقق السيناريو "المرعب" بعودة الرئيس دونالد ترمب، وعندها تتبعثر الأوراق، ويتعقد المشهد على نحو "أخطر". 

"التفاف" على مبادرات وحلول
بدوره، قال عضو المجلس الوطني الفلسطيني سمير عويس ل"المدن"، إن تكليف مصطفى حُضّر له مسبقا، ونالت الخطوة رضا أطراف عربية وأوروبية أكثر من كونها أميركية.
وبحسب عويس، رأى عباس في تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة مصطفى سبيلاً وحيداً لجعلها "مقبولة" من أطراف كثيرة، وتأهيلها لإدارة الضفة وغزة بعد الحرب، معتبراً أن عباس "يدير المعركة بطريقة خاطئة"، بموازاة نقاشات إقليمية وعالمية بشأن بديل عباس في الوقت المناسب.
مع ذلك، رأى مصدر سياسي عمل سابقاً في السلطة، بأن تشكيل الحكومة الجديدة جاء نتيجة انعدام الحل الإقليمي والدولي، وأن الخطوة تؤكد أن"الكل مأزوم وفي ورطة"، مضيفاً أن ما يجري مجرد "ترقيع" إلى حين تبلور إجماع إقليمي ودولي بشأن المخرج لغزة، والمشهد الفلسطيني برمته.
ورأى المصدر أن جميع الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية "مسؤولة عما يجري، وليس فقط قيادة السلطة في رام الله".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها