الإثنين 2024/01/29

آخر تحديث: 05:54 (بيروت)

عزمي بشارة:محكمة العدل تعزل اسرائيل دوليا..وتكثف العدالة الفلسطينية

عزمي بشارة:محكمة العدل تعزل اسرائيل دوليا..وتكثف العدالة الفلسطينية
increase حجم الخط decrease
أكد المدير العام لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، الدكتور عزمي بشارة أن اسرائيل وجدت نفسها في عزلة دولية بعد قرارات محكمة العدل الدولية كونها تُحاكم للمرة الاولى بتهمة من هذا النوع، مشدداً على أن "الأدوات لمواجهة الإبادة الجماعية هي قرار المحكمة".

وقال بشارة في مقابلة مع "التلفزيون العربي" تناول فيها ملف الحرب على غزة وتداعيات قرار محكمة العدل الدولية واستهداف وكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن محكمة العدل الدولية شهدت اجماعاً، ولم تلقَ اعتراضاً إلا من القاضي الإسرائيلي، معتبراً أن القرار إذا أخذ الى مجلس الأمن يُفترض ألا يواجه بالفيتو، خلافاً لقرارات مجلس الأمن المتصلة بوقف إطلاق النار. وشدد على أن أهمية القرار أنه "أداة للتخفيف من معاناة الناس في غزة، وهو الأهم في هذه المرحلة".

وأشار بشارة الى أن قرار المحكمة يؤكد على عدم تجويع السكان ويطالب بإدخال المساعدات اليهم ويمنع اسرائيل من قتلهم وارتكاب أعمال إبادة جماعية، وبالتالي إذا زودت مصر ودول عربية أخرى غزة بالطعام والدواء والوقود فإنها تطبق بذلك قرارات محكمة العدل الدولية التي منحت غطاء بإجماع دولي لإنقاذ الشعب الفلسطيني من الإبادة. وشدد على أن "أدوات مواجهة الإبادة الجماعية هي قرار المحكمة".

ورأى بشارة أن المحكمة الجنائية الدولية "غير موثوقة، فهي لا تحاكم إلا المهزومين"، وقال: "توقعاتنا من القانون الدولي هي توقعات الضعفاء. الأقوياء لا يراهنون على القانون الدولي بل على قوتهم"، لافتاً الى أن "القدرة على الصمود تحتاج الى مقومات القوة الذاتية والتحالفات العالمية، فيما القوة الذاتية الآن محصورة بالمقاومة فقط".

وفي إطار تحليله لسبب عدم صدور أمر بوقف إطلاق النار عن المحكمة، أورد بشارة مجموعة من الاحتمالات، منها تدخل عامل سياسي كضغط أميركي للتوصل إلى تسوية من النوع الذي خرج به قرار المحكمة، أو أن يكون القضاة اعتبروا أنه لو أُخذ القرار إلى مجلس الأمن اليوم من قبل دولة جنوب أفريقيا سيصعب أن يواجَه بفيتو، على عكس ما سيحصل على الأرجح لو كان القرار يأمر بوقف إطلاق النار.

وفي شأن التحول بالنظرة العالمية تجاه العدوان على غزة، قال إن هناك مبادرات جيدة في أميركا الآن، وهذه المبادرات في الدول الديموقراطية تشكل قيمة"، مشيراً الى تحول يظهر مع البدء في تغير لغة المسؤولين الدوليين، مستشهداً بمبادرة بريطانية، وبتغير لهجة وزيرة الخارجية الألمانية عما كانت تقوله في بداية الحرب. وقال إن المحكمة الدولية "باتت ساحة لتكثيف العدالة الفلسطينية مقابل الظلم الاسرائيلي".

قطع التمويل عن الأونروا

وقال بشارة إن السلوك الأميركي والدول التي اتبعت أميركا في قطع التمويل عن "أونروا"، تساهم عملياً في جريمة حرب وفي الإبادة الجماعية الحاصلة في غزة، فضلاً عن أنه يندرج في خانة التعامل المغرور مع الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين، وشعوب العالم الثالث عموماً، انطلاقاً من العقاب الجماعي. وشرح في هذا الخصوص أن "أونروا" فيها 30 ألف موظف، 13 ألفاً منهم في غزة، "فلنفترض أن 12 منهم ارتكبوا مخالفات، فهل نعاقب 13 ألف موظف بينما يستفيد مليونا شخص من تقديمات الوكالة؟". وذكّر بأن الحرب على الأونروا قديمة، وأن إسرائيل لطالما جاهرت بنيتها إلغاء هذه الوكالة الدولية لأنها الشاهد الحي على النكبة والتهجير.

تبادل الأسرى

ورداً على سؤال يتعلق بجديد المبادرات والزيارات والتحركات الهادفة إلى إنجاز اتفاق سياسي لتبادل أسرى أو وقف إطلاق نار أو إرساء هدنة، اختصر بشارة الوضع بالمثل العربي "أسمع جعجعة ولا أرى طحناً"، للإشارة إلى عدم وجود جديد فعلي في هذا الملف، ذلك أن حكام إسرائيل بحاجة لإيهام الشارع بأن هناك اهتماماً بقضية الأسرى، أما أميركا فهي معنية بالهدن الإنسانية وبقضية الأسرى وباليوم التالي على الحرب. ونفى أن تكون جميع الاقتراحات المطروحة حالياً ترقى إلى وقف إطلاق النار، وهذا ما يجعلها غير مقبولة من قبل المقاومة.

أما التفاوض من خلال الوساطة القطرية، فإنه يدور، بحسب معلومات الدكتور بشارة، حول إطلاق سراح الأسرى على مراحل ثلاث، وأوضح أن المشكلة تكمن في عدد أيام هذه المراحل، بين 45 يوماً أو أكثر، ثم تمدد من دون أن تكون وقفاً كاملاً لإطلاق النار الذي يبقى بلا ضمانات. وتابع أن أميركا لا تريد وقفاً لإطلاق النار، وهناك خشية أميركية ــ إسرائيلية من صعوبة استئناف الحرب بعد 3 أشهر من الهدنة في حال أُرسيت بالفعل.

ولاحظ مدير "المركز العربي" أن أساس الحراك الدبلوماسي الأميركي في الفترة الأخيرة في المنطقة صار يتمحور حول أولوية أساسية لواشنطن، وهي عودة مسار التطبيع بين إسرائيل والعرب عموماً، والسعودية خصوصاً، واستنتاج المسؤولين الأميركيين بأنه يجب معاقبة من أعاق هذا التطبيع، أي "حماس"، بهدف استئناف المسار.

مهاجمة قطر
وفي ما يتعلق بما سُرب من تحريض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ضد دولة قطر في وسائل الإعلام العبرية قبل أيام، شرح بشارة أن هناك حالة إفلاس عند نتنياهو تُترجم بأنه يحاول تطبيق نظريته في ما يتعلق بالرهائن الإسرائيليين في غزة على دولة قطر، بمعنى أن نتنياهو يقول لشعبه إن الحل الوحيد لتحرير الأسرى يكون بالقوة العسكرية، مع أن العكس هو الحاصل، وجرياً على هذا المنطق يحاول أن يقول "بغرور وغطرسة ورخص"، على حد تعبير بشارة، إن ضغط قطر على حماس هو ما يجدي.

وبرأي المفكر العربي، ينم هذا التفكير عن عدم فهم لطبيعة علاقة قطر بحماس، وأن قطر دولة مستقلة فعلاً. ورجح أن يكون هذا السلوك نتيجة لـ"تدليل إسرائيل" من قبل بعض العرب والغربيين، بشكل جعلها تعتاد على التعامل مع الآخرين وكأنهم يتصرفون بموجب حاجات إسرائيل. وختم هذا الجزء من الحوار بترجيح أن يفشل تحريض نتنياهو على قطر وابتزازه لها.

عرب 48

وعرّج بشارة، رداً على سؤال، على تسليط الإعلام الضوء أخيراً على جنود عرب يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي، فعاد بالموضوع إلى محطات نضال فلسطينيي 48 لنيل حقوقهم، بدءاً من المواطنة في موازاة كيفية المحافظة على الهوية الوطنية. واسترسل بشارة في هذا الإطار للإشارة إلى أن البعض استسلم للخدمة العسكرية في الجيش في مقابل الحقوق، لكن مع الوقت تبين أن الصراع من أجل الحقوق لا ينفصل عن الهوية الوطنية، انطلاقاً من أن الحفاظ على تلك الهوية الوطنية يعطيك صفة صاحب الأرض.

وتحدث المفكر العربي عن وجود فكرتين بين عرب الداخل، بين من يرى أنه يجب أن يكتفوا بما تعطيهم إياه الدولة ومؤسساتها، في مقابل قناعة أخرى بأن المواطنة حق لا منّة، وأن تحصيل الحقوق يجب أن يوازيه نضال من أجل التمسك بالهوية الوطنية. وأقرّ بأنه في ظروف كالتي نعيشها اليوم، يسود الخوف وترتفع الأصوات الاستسلامية في المجتمع العربي، وهو ما يجب أن يواجَه، برأي بشارة.

الجنود الأميركيين
وعرّج اللقاء التلفزيوني مع بشارة على الهجوم الذي طاول قاعدة أميركية عند الحدود العراقية - الأردنية - السورية ليل الأحد، وأدى إلى مقتل 3 جنود أميركيين، واضعاً إياه في خانة التطور "غير المهم نوعياً"، ذلك أنه حصلت هجمات كثيرة سابقاً في إطار الشد والرخي بين أميركا وإيران، عبر أطراف ثالثة، وسيتبعه رد أميركي قد يكون أكثر شدة، "لكنها سلسلة ردود من النوع الذي لا يؤدي إلى حرب بين أميركا وإيران، لأن الطرفين لا يريدان حرباً".

وبينما وافق على فرضية أن أجواء العدوان على غزة تداخلت مع الصراع الأميركي الإيراني في المنطقة، إلا أنه صوّب على حقيقة أن الصراع قائم منذ ما قبل حرب غزة، حتى أنه أعاد إلى الذاكرة واقع أن ذروة المواجهة كانت مع اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في بغداد، والصراع (الأميركي ــ الإيراني) مستمر، وتحصل فيه من حين إلى آخر قفزات واختراقات نوعية، شأنها شأن ما يحصل في اليمن بين الحوثيين، حلفاء إيران، وأميركا من جهة ثانية. فبحسب تعبير بشارة، "الوضع هناك عبارة عن عملية مستمرة لن تتحول إلى حرب إقليمية تحتاج على الأقل طرفاً واحداً يريدها بقوة، فكيف بالأحرى حين يكون الطرفان الأميركي والإيراني يرفضانها بقوة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها