أما التفاوض من خلال الوساطة القطرية، فإنه يدور، بحسب معلومات الدكتور بشارة، حول إطلاق سراح الأسرى على مراحل ثلاث، وأوضح أن المشكلة تكمن في عدد أيام هذه المراحل، بين 45 يوماً أو أكثر، ثم تمدد من دون أن تكون وقفاً كاملاً لإطلاق النار الذي يبقى بلا ضمانات. وتابع أن أميركا لا تريد وقفاً لإطلاق النار، وهناك خشية أميركية ــ إسرائيلية من صعوبة استئناف الحرب بعد 3 أشهر من الهدنة في حال أُرسيت بالفعل.
ولاحظ مدير "المركز العربي" أن أساس الحراك الدبلوماسي الأميركي في الفترة الأخيرة في المنطقة صار يتمحور حول أولوية أساسية لواشنطن، وهي عودة مسار التطبيع بين إسرائيل والعرب عموماً، والسعودية خصوصاً، واستنتاج المسؤولين الأميركيين بأنه يجب معاقبة من أعاق هذا التطبيع، أي "حماس"، بهدف استئناف المسار.
مهاجمة قطر
وفي ما يتعلق بما سُرب من تحريض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ضد دولة قطر في وسائل الإعلام العبرية قبل أيام، شرح بشارة أن هناك حالة إفلاس عند نتنياهو تُترجم بأنه يحاول تطبيق نظريته في ما يتعلق بالرهائن الإسرائيليين في غزة على دولة قطر، بمعنى أن نتنياهو يقول لشعبه إن الحل الوحيد لتحرير الأسرى يكون بالقوة العسكرية، مع أن العكس هو الحاصل، وجرياً على هذا المنطق يحاول أن يقول "بغرور وغطرسة ورخص"، على حد تعبير بشارة، إن ضغط قطر على حماس هو ما يجدي.
وبرأي المفكر العربي، ينم هذا التفكير عن عدم فهم لطبيعة علاقة قطر بحماس، وأن قطر دولة مستقلة فعلاً. ورجح أن يكون هذا السلوك نتيجة لـ"تدليل إسرائيل" من قبل بعض العرب والغربيين، بشكل جعلها تعتاد على التعامل مع الآخرين وكأنهم يتصرفون بموجب حاجات إسرائيل. وختم هذا الجزء من الحوار بترجيح أن يفشل تحريض نتنياهو على قطر وابتزازه لها.
عرب 48
وعرّج بشارة، رداً على سؤال، على تسليط الإعلام الضوء أخيراً على جنود عرب يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي، فعاد بالموضوع إلى محطات نضال فلسطينيي 48 لنيل حقوقهم، بدءاً من المواطنة في موازاة كيفية المحافظة على الهوية الوطنية. واسترسل بشارة في هذا الإطار للإشارة إلى أن البعض استسلم للخدمة العسكرية في الجيش في مقابل الحقوق، لكن مع الوقت تبين أن الصراع من أجل الحقوق لا ينفصل عن الهوية الوطنية، انطلاقاً من أن الحفاظ على تلك الهوية الوطنية يعطيك صفة صاحب الأرض.
وتحدث المفكر العربي عن وجود فكرتين بين عرب الداخل، بين من يرى أنه يجب أن يكتفوا بما تعطيهم إياه الدولة ومؤسساتها، في مقابل قناعة أخرى بأن المواطنة حق لا منّة، وأن تحصيل الحقوق يجب أن يوازيه نضال من أجل التمسك بالهوية الوطنية. وأقرّ بأنه في ظروف كالتي نعيشها اليوم، يسود الخوف وترتفع الأصوات الاستسلامية في المجتمع العربي، وهو ما يجب أن يواجَه، برأي بشارة.
الجنود الأميركيين
وعرّج اللقاء التلفزيوني مع بشارة على الهجوم الذي طاول قاعدة أميركية عند الحدود العراقية - الأردنية - السورية ليل الأحد، وأدى إلى مقتل 3 جنود أميركيين، واضعاً إياه في خانة التطور "غير المهم نوعياً"، ذلك أنه حصلت هجمات كثيرة سابقاً في إطار الشد والرخي بين أميركا وإيران، عبر أطراف ثالثة، وسيتبعه رد أميركي قد يكون أكثر شدة، "لكنها سلسلة ردود من النوع الذي لا يؤدي إلى حرب بين أميركا وإيران، لأن الطرفين لا يريدان حرباً".
وبينما وافق على فرضية أن أجواء العدوان على غزة تداخلت مع الصراع الأميركي الإيراني في المنطقة، إلا أنه صوّب على حقيقة أن الصراع قائم منذ ما قبل حرب غزة، حتى أنه أعاد إلى الذاكرة واقع أن ذروة المواجهة كانت مع اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في بغداد، والصراع (الأميركي ــ الإيراني) مستمر، وتحصل فيه من حين إلى آخر قفزات واختراقات نوعية، شأنها شأن ما يحصل في اليمن بين الحوثيين، حلفاء إيران، وأميركا من جهة ثانية. فبحسب تعبير بشارة، "الوضع هناك عبارة عن عملية مستمرة لن تتحول إلى حرب إقليمية تحتاج على الأقل طرفاً واحداً يريدها بقوة، فكيف بالأحرى حين يكون الطرفان الأميركي والإيراني يرفضانها بقوة".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها