الخميس 2023/08/10

آخر تحديث: 14:52 (بيروت)

الشمال السوري:طوابير مراكز البريد التركي..والاموال المتقطعة

الخميس 2023/08/10
الشمال السوري:طوابير مراكز البريد التركي..والاموال المتقطعة
طوابير أمام مركز البريد التركي PTT في اعزاز (المدن)
increase حجم الخط decrease
يقضي آلاف السوريين ساعات طوالاً تحت أشعة الشمس الحارقة وفي طوابير يتشاركها رجال ونساء ومسنون من أجل الحصول على رواتبهم وتحويلاتهم المالية من مراكز البريد التركية (ptt) المنتشرة في عدد من المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة المعارضة شمال سوريا. 

وترجع أزمة الطوابير أمام مراكز البريد في منطقة يعيش سكانها أوضاعاً معيشية صعبة، وواقعاً اقتصادياً منهاراً إلى أسباب عديدة، أهمها، قلة أعداد المراكز مقارنة بالأعداد الكبيرة من مستهلكي الخدمة، وضعف التجهيزات وغياب التنظيم، وإجبار السلطات التركية للعاملين في المنظمات في شمال سوريا (مناطق حكومتي الإنقاذ والمؤقتة) على تسلم رواتبهم من مراكز البريد بعد أن كانت المراكز تقدم خدماتها فقط لموظفي القطاعات الخدمية.

يرجع انشاء مراكز البريد التركية إلى العام 2018، حينها افتتحت السلطات التركية مراكز في المدن الرئيسية لمناطق سيطرة الفصائل، في مارع وعفرين وجنديرس والراعي والباب وأعزاز وجرابلس، ونشرت عدداً من آلات الصرافة قرب مراكز الشرطة في البلدات الصغيرة، وهي تتبع للمراكز الرئيسية.

وفي العام 2020 افتتحت مراكز جديدة في منطقة نبع السلام شرقي الفرات (مدينتي تل أبيض ورأس العين)، في حين لم يفتتح أي مركز في المناطق التابعة لحكومة الإنقاذ في إدلب، وتقدم المراكز خدمات متنوعة، كدفع الرواتب للعاملين في المجالس المحلية والمشافي والمعلمين وعناصر الشرطة وأئمة المساجد، والعاملين في المعاهد الشرعية، إضافة لخدمات التحويل والشحن (طرود بريدية)، والحوالات المالية بين مناطق الشمال السوري والولايات التركية. 

وكانت المراكز تقدم خدماتها بشكل مقبول نسبياً حتى نهاية العام 2022، لكنها ومع بداية العام الحالي لم تعد كذلك، وتصاعدت الأزمة مؤخراً بعدما أضيف موظفو المنظمات إلى قائمة المستفيدين من خدمات مراكز البريد التي باتت أيضاً تسلم رواتب (تعويضات شهرية) لعائلات قتلى الفصائل، وكفالات الأيتام والأرامل.

وقال ياسر الديبو (معلم) أنه ومجموعة من المعلمين من أصدقائه يضطرون للمجيء إلى مركز البريد في أعزاز قبل وصول موظفي المركز بساعتين تقريباً كي يحظوا بموقع متقدم في الطابور، ويتمكنوا من استلام رواتبهم، لأنهم في حال التأخر فسيكون عليهم تكرار المحاولة لمدة أيام ووسط الزحام كي ينجحوا بالمهمة.

يضيف الديبو لـ"المدن" أن "هناك مشكلات أخرى تزيد من صعوبة استلام الرواتب، كانقطاع شبكة الإنترنت أو التيار الكهربائي وتوقف نظام العمل (السيستم) في المركز، والمشاجرات التي تحصل عادة بين المصطفين بالطوابير مع قوات الشرطة، وأحياناً كثيرة يتعطل الصراف الآلي، وتنفذ منه النقود في وقت مبكر، وفي كثير من الأحيان نفذ المال من الماكينة أثناء ساعات الدوام".

وخلال الأسابيع الماضية، تصاعدت مطالب الناس لإيجاد حل للأزمة بعدما شهدت مراكز البريد ازدحاماً غير مسبوق، وتتلخص المطالب الموجهة إلى السلطات التركية في زيادة أعداد المراكز لتصل إلى ضعف العدد الحالي، وزيادة أعداد موظفي المراكز وآلات الصرافة وزيادة حجم المبالغ المالية التي يتم وضعها يومياً في الآلات كي تبقى مستمرة بالعمل على مدى 24 ساعة، والمطالبة بكفّ يد بعض عناصر الشرطة الفاسدين (المكلفين بالحماية وتنظيم الطوابير) وهؤلاء متهمون بأخذ الرشوة والتلاعب في تنظيم الطوابير، وهي مطالب لم تتم تلبية أي منها.

ليلى نجار تعمل في واحدة من المنظمات العاملة في إدلب، تضطر شهرياً للسفر بسيارة خاصة مع رفيقاتها بالعمل إلى مناطق ريف حلب لاستلام الراتب، ونادراً ما يحالفهم الحظ ويتسلمون رواتبهم من مركز جنديرس القريب على إدلب، وكثيراً ما اضطروا للذهاب نحو مراكز أبعد، في الباب والراعي وأحيانا جرابلس البعيدة عنهم مسافة 140 كيلومتراً.

تقول نجار لـ"المدن" أن "مشكلتنا ليست في الازدحام على المراكز وحسب، بل أيضاَ بخسارة جزء من الراتب بسبب أسعار الصرف، فرواتب موظفي المنظمات محددة بالدولار الأميركي، ومنذ أن أجبرنا على تسلمها من مراكز البريد بتنا نتسلمها بالليرة التركية، أي يتم تحويل الراتب من الدولار لليرة التركية بحسب أسعار الصرف الرسمية في تركيا في حين يكون سعر الصرف في السوق السوداء مختلف كلياً وبفارق واضح".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها