السبت 2023/01/28

آخر تحديث: 20:28 (بيروت)

عزمي بشارة في"منتدى فلسطين":كيف يمكن تقويض هيمنة الخطاب الاسرائيلي

عزمي بشارة في"منتدى فلسطين":كيف يمكن تقويض هيمنة الخطاب الاسرائيلي
increase حجم الخط decrease
ألقى المفكر العربي عزمي بشارة محاضرة افتتح فيها أشغال "المنتدى السنوي لفلسطين" في الدوحة، قال فيها إن انعقاد المنتدى يجسد ثلاثة اعتبارات أساسية

الاعتبار الأول بحسب بشارة هو إمكانية عقد المنتدى ووجود غزارة في الأبحاث المتعلقة بفلسطين، حيث أشار إلى أنها لم تعد تقتصر على المؤسسات البحثية والجامعية الفلسطينية، بل تعداها إلى الجامعات الغربية ودور النشر الأكاديمية والدوريات المختصة حيث لم يعد إنتاجها هناك استثناءً.

ويرى بشارة أن مقاربة متشائمة لهذه الظاهرة ترى أنها تؤشر إلى أن قضية فلسطين "أضحَت جزءاً من التاريخ"، والبحث فيها في الجامعات الغربية يأتي من منطلق الانحياز للسكان الأصليين ولا يزعج المؤسسات الأكاديمية الغربية بل يغنيها، لا سيما فيي إطار ثقافات فرعية أكاديمية داخل الجامعات من دون إسقاطات سياسية مهمة على مستوى مواقف الدول في سياساتها الخارجية.

إلا أن مقاربة أخرى بحسب بشارة، قد تعدّ هذه الظاهرة دليلاً على تغير نوعي ناجم عن استمرار "لبرلة" الأكاديمية الغربية المهدَّدة من اليمين الشعبي، وعلى تراكُم كمّي متمثل بازدياد ملحوظ في أعداد الأكاديميين الفلسطينيين المتخصصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية، والذين انتشروا في المؤسسات الأكاديمية وفي العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم، وحتى في أقسام دراسات الشرق الأوسط التي كان الخطاب الإسرائيلي الرسمي يسيطر عليها حين يتعلق الأمر بفلسطين وبتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

وأياً كان، يلفت بشارة إلى أهمية الظاهرة، وإلى أن تغير الخطاب الأكاديمي بشأن فلسطين في الغرب والشرق أمر في غاية الأهمية. وحتى لو لم تكن له آثار سياسية مباشرة، فإنه يؤثر في الثقافة السياسية والرأي العام، من خلال حلقات وسيطة متعددة تنفذ إلى وعي المتخصصين بما يسمى قضايا الشرق الأوسط، الذين تُرفَد بهم المؤسسات الإعلامية والتعليمية وحتى المستويات الصانعة للقرار، وينتج الخبرات المتحرّرة من الرواسب الصهيونية المبتذلة عن فلسطين والعرب، ويسهم في تقويض هيمنة الخطاب الإسرائيلي على قطاع ما يسمى المحللين والخبراء في الغرب.

أما الاعتبار الثاني لتأسيس المنتدى، يضيف بشارة، يتمثل في وجود فراغ مؤسسي على مستوى الشعب الفلسطيني عامةً، أي على مستوى العالم كله، وهو ما يطرح، وفق تعبيره، مسألة الحاجة إلى أطر تجمع الفلسطينيين من أماكن وجودهم كافةً.

ثالث الاعتبارات، وربما أهمهما وفق بشارة، فهو ضرورة تضافر جهود الباحثين الفلسطينيين والعرب لمواجهة المحاولات المتواترة لتسلل أفكار الصهيونية إلى مقاربة عامة الناس لتاريخ فلسطين عموماً، وتاريخ الصراع على أرضها، وتشويه قيم التحرر ومقاومة الاستعمار في الثقافة العربية. يلفت المتحدث إلى أن دس قوالب التفكير هذه ترافقها سياسات تطبيع العلاقات مع إسرائيل من دون حل عادل للقضية الفلسطينية، مضيفاً أن ذلك يندرج ضمن إعداد المتطلبات اللازمة لاستقبال هذه السياسات على مستوى الأخلاق العمومية والثقافة، من خلال إسقاطها على التاريخ وتشويهه، مشيراً إلى أن هذا يحدث بعد أن حذفت قضية فلسطين من مناهج التدريس الأساسي والثانوي في غالبية الأقطار العربية، وبعد أن أصبح تشويه الوعي في الإعلام ووسائل التواصل أكثر سهولةً مما مضى، خصوصاً أن النشاط الإسرائيلي على المستويين الأخيرين (الإعلام ووسائل التواصل) لا يتوقّف.

ويوضح عزمي بشارة، هنا، أن المقصود بالتصدي لتحريف الخطاب هو تثبيت السردية الفلسطينية بالوقائع وإثبات واقع الاحتلال الاستيطاني بالتحليل العقلاني كأساس لتدعيم الموقف الأخلاقي الرافض له ولواقع الأبارتهايد المتولد عنه: "ليس من واجب الباحثين الرد على التشويه بالمزايدات واستدرار العواطف، بل بخطاب عقلاني وأخلاقي يمكن توجيهه إلى العرب واليهود، إلى الشرق والغرب، ولا تُخشى ترجمته إلى أية لغة".

ويربط عزمي بشارة زيادة عدد الحكومات العربية المتخلية عن قضية فلسطين بسعي تلك الحكومات لإنشاء محور مشترك مع "إسرائيل" في الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، للتأثير في سياساتها على مستوى "الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة"، معتبراً أن التحالف مع الاحتلال يقرب هذه الأنظمة من اعتبار نضال الفلسطينيين أحد التهديدات لأمن المنطقة واستقرارها، و"هذا هو المعنى الحقيقي للتعامل مع قضية فلسطين كعبء".

وانطلقت السبت أعمال "المنتدى السنوي لفلسطين" في دورته الأولى التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومؤسسة الدراسات الفلسطينية خلال الفترة 28–30 كانون الثاني/ يناير 2023. وتنتظم هذه الدورة في محور بحثي عام، يُقدم فيه باحثون فلسطينيون وغير فلسطينيين، من أنحاء العالم كله يعملون على أبحاث تتعلق بالموضوع الفلسطيني. وتتوزع هذه الأوراق البحثية على مواضيع متعلقة بفلسطين وتاريخها، والقضية الفلسطينية، ونظام الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني، وفلسطين في العلاقات العربية، وفلسطين في العلاقات الدولية، وغيرها من القضايا ذات الصلة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها