يتركز الحديث في سوريا عن الفائدة التي سيجنيها النظام من اتفاقية نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا والأردن، التي جرى التوقيع عليها في مبنى وزارة الطاقة اللبنانية، في بيروت الثلاثاء.
وتفيد المعلومات، أن حصة النظام السوري محددة ب8 في المئة من إجمالي الغاز الذي سيتم توريده إلى لبنان، أي بحدود 130 ألف متر مكعب يومياً، والبحث في جدوى هذه الكمية يبيّن أن تأثيرها سيكون أكثر من محدود بخصوص أزمة الكهرباء في مناطق سيطرة النظام.
ولا تُقارن الفائدة الاقتصادية "الضئيلة" التي سيجنيها النظام من هذه الاتفاقية التي لم ترَ النور بعد، بانتظار شروع البنك الدولي بإجراءات التمويل ووصول الضمانات الأميركية المتعلقة بالعقوبات (قيصر) للبدء بتنفيذها، بحجم احتفاء النظام السوري بتوقيعها، والذهاب إلى وصفها بأنها إشارة على عودة التشبيك الاقتصادي العربي معه.
ويبدو أن مكاسب النظام من الاتفاق تتعدى الحسابات الاقتصادية، على حد تأكيد المستشار الاقتصادي في مركز "جسور للدراسات" خالد التركاوي، الذي بيّن ل"المدن"، أن المكسب الأكبر للنظام ليس في المسألة الاقتصادية، بل في نفض العزلة عن نفسه وحواره مع الأطراف الإقليمية وكذلك رفع العقوبات الأميركية.
وحسب التركاوي، سيحصل النظام على 8 في المئة من كمية الكهرباء التي تُنتج في محطة "دير عمار" اللبنانية، من كميات الغاز المصري. وقال: "هذه الكمية المتواضعة من الكهرباء لن تساهم إلا بتخفيض ساعات التقنين في مناطق سيطرة النظام بمعدل أقل من نصف ساعة يومياً"، مستدركاً: "هذا في حال قام النظام بتغذية الشبكة العامة بالكهرباء من دير عمار، والأرجح أن لا يفعل ذلك".
ويتقاطع حديث التركاوي، مع معطيات حصلت عليها "المدن" من مصادر تستبعد قيام النظام بتغذية الشبكة العامة بالكهرباء المُنتجة في لبنان، وترجح أن يقوم النظام بتوجيه هذه الكهرباء لمشاريع كبيرة، ذات الإنتاجية لدعم خزينته بالعملات الأجنبية.
وفي إطار تصدير الاتفاق على أنه نصر جديد على نهج العقوبات، تحدثت مصادر النظام عن ضرورة قيام واشنطن برفع الشركة السورية للغاز (مقرها حمص) من قائمة العقوبات، لأن البنك الدولي لن يبدأ بإجراءات التمويل دون هذا المطلب، لضمان عدم تعرضه للعقوبات الأميركية.
لكن في المقابل، يبدو أن الولايات المتحدة لن تُقدم على هذه الخطوة بسهولة، حيث نقلت قناة "الحرة" الأميركية عن متحدثة باسم وزارة الخارجية قولها إن واشنطن "لم ولن ترفع أو تتنازل عن العقوبات المفروضة على الأسد ونظامه حتى يتم إحراز تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي"، مضيفة أن الولايات المتحدة "تعارض إعادة الإعمار في سوريا في ظل الظروف الحالية".
ومن ناحية أخرى، رحبت المتحدثة ذاتها بتوقيع الاتفاق، قائلة: "نتطلع إلى مراجعة العقود النهائية وشروط التمويل من الأطراف للتأكد من أن هذه الاتفاقية تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة وتعالج أية مخاوف محتملة تتعلق بالعقوبات".
وتدفع تلك المعطيات إلى عدم استبعاد احتمال تعثر تنفيذ المشروع مجدداً، وخاصة أن استصدار استثناءات من عقوبات قيصر تتطلب إجراءات قانونية أميركية معقدة، لا يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في عجلة للبدء باتخاذها، وخاصة في هذا التوقيت الذي يزداد فيه الرفض بين النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لأي توجه نحو منح استثناءات من قانون قيصر، بعد إدلاء الشاهد المسمى ب"حفار القبور" بشهادات مروعة أمام الكونغرس عن المقابر الجماعية والمجازر التي ارتكبها النظام بحق المعتقلين في سجونه.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها