إدلب:سوق الميلاد برعاية تحرير الشام؟

كشف معرض أسواق إدلب 2022 الذي افتتحته حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام مؤخراً في ساحة الساعة وسط المدينة، عن ضخامة استثمارات التجار والأمراء المقربين من تحرير الشام والتابعين لها مباشرة، وأظهرت الفعالية التوسع الكبير في أعداد الشركات العاملة في مختلف القطاعات الإنتاجية والتجارية.

وافتتح معرض أسواق إدلب بعدما انتهت عمليات ترميم ساحة الساعة، أكبر ساحات مدينة إدلب، وذلك على نفقة عدد من الشركات التجارية والصناعية الناشئة، والتي تبنت أيضاً عمليات التحضير للمعرض وإنشاء الأجنحة لاستضافة الشركات المشاركة، كما غطت الجهات ذاتها تكاليف الاحتفالات التي عمت الساحة يوم الافتتاح، والذي حضره الآلاف من الناس.

ومن المفترض أن تستمر فعالية أسواق إدلب 2022 لمدة 5 أيام، وتنتهي في 27 كانون الأول/ديسمبر، وهي مدة محدودة باعتبارها التجربة الأولى، ومن المفترض أن تكون أوسع ولمدة أطول في نسختها الثانية أواخر 2023. والهدف العام المعلن عنه هو تنشيط الحركة التجارية في مناطق إدلب.

لكن ظهور طبقة من أمراء الحرب في إدلب برؤوس أموال ضخمة لم يكن السبب المباشر في الجدل الذي ساد بين الأوساط السلفية وعموم التيارات المناهضة لتحرير الشام في إدلب، بل تركزت الانتقادات والنقاشات بشكل أكبر على مسألة الاختلاط بين الرجال والنساء، وشيوع المنكرات (الأغاني والموسيقى والرقص) وغيرها داخل أروقة الأسواق التي اكتظت بالزوار.

واعتبر السلفيون أن توقيت إطلاق فعالية أسواق إدلب بالتزامن مع أعياد الميلاد ورأس السنة لم يكن صدفة، بل خطط له بشكل مسبق، ويندرج في إطار توجيه الرسائل للداخل والخارج، وهي جزء من دعاية الاعتدال والتسامح التي تروج لها تحرير الشام، والتي بدأ زعيمها أبو محمد الجولاني، أولى خطواتها منتصف العام 2022، عندما زار الدروز في قرى جبل السماق شمال إدلب، وقرى المسيحيين في منطقة جسر الشغور بريف إدلب الجنوبي الغربي.

ويتوقع السلفيون أن تشهد قرى المسيحيين التابعة لمنطقة جسر الشغور في ريف إدلب احتفالات أوسع في أعياد الميلاد لهذا العام، بعدما زار الجولاني مناطقهم، ومنحهم المزيد من المزايا والحريات، ووظف عدداً من وجهائهم المحليين لإدارة شؤون مناطقهم، وأمر بإخلاء القسم الأكبر من منازلهم وأراضيهم التي يشغلها النازحون والمهاجرون، وسمح لهم بافتتاح كنيسة القديسة آنا تمهيداً للاحتفالات المركزية بأعياد الميلاد ورأس السنة. ويرى فريق من السلفيين أن الأعياد عادة، يتخللها معارض وأسواق تقدم المنتجات بأسعار مخفضة، ولولا الخوف من التيار المتشدد في صفوفها لوضعت تحرير الشام شجرة الميلاد وسط فعالية أسواق إدلب 2022.

وقالت مصادر سلفية ل"المدن"، إن "تحرير الشام حولت ساحة الساعة وسط إدلب لباب جديد للارتزاق والانتفاع، وهو خاص بأمراء تحرير الشام ومن يلوذ بهم كي تتضخم ثرواتهم، ويؤسسوا مشاريعهم التي من خلالها يمكنهم تبييض أموالهم".

وأضافت أن "الساحة التي كانت وجهة لصغار الكسبة من أصحاب البراكيات والبسطات الذين طردوا منها قبل أشهر بحجة توسعة الساحة وحل الأزمة المرورية باتت اليوم حكراً على الأثرياء الجدد، وأمراء الحرب ليعرضوا بضاعتهم وليحتفلوا بثرواتهم التي جمعوها من جيوب البسطاء".

وقال المنشق السابق عن تحرير الشام أبو حمزة الكردي على "تلغرام": "هل تعلم أن إيجار الجناح الواحد عند دوار الساعة في إدلب 1500 دولار لمدة 5 أيام فقط، الأموال متوفرة وبكثرة والتبذير فقط للرشاوى وللتجارات المشبوهة، وللمخدرات وللمعابر وللملاعب وللأسواق وللمعارض".

وانتقد فريق من السلفيين المظاهر الاحتفالية والبذخ في افتتاح الأسواق وتجميل الساحات والطرق بينما يعيش الملايين من السوريين مهجرين ونازحين في المخيمات وتحت خط الفقر. وقال المنشق عن الهيئة أبو يحيى الشامي على تلغرام: "المعرة وسراقب وكفرنبل وكل سوريا، لن تتحرر بهذه المظاهر الواهنة، بل بالعدل والإعداد الحقيقي والحر، ومن حق الفقير الذي طرد من عمله على الرصيف لكي يفرح الغني بهذه المظاهر أن يفرح ويفرح عياله".