الثلاثاء 2021/08/24

آخر تحديث: 15:31 (بيروت)

ريف حلب:"عزم" تتفكك..الفصائلية تحبط محاولة جديدة للاندماج

الثلاثاء 2021/08/24
ريف حلب:"عزم" تتفكك..الفصائلية تحبط محاولة جديدة للاندماج
increase حجم الخط decrease
توشك غرفة القيادة الموحدة "عزم" التي أسستها الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا منتصف شهر تموز/يوليو، على الانهيار والتفكك بعد أن أعلنت ثلاثة فصائل انشقاقها عن صفوف الغرفة.

والفصائل المنشقة هي فرقة الحمزة قوات خاصة، ولواء صقور الشمال، وفرقة السلطان سليمان شاه. وقالت الفصائل في بيان الاثنين، إن قرار الانضمام إلى عزم كان حرصاً منها على وحدة الصف وجمع الكلمة وتحقيق أهداف الغرفة في ضبط الأمن والتنظيم العسكري.

وأضاف البيان أنه "بعد عدة اجتماعات ومناقشة آلية التمثيل للتشكيلات العسكرية المنضوية في الغرفة، رأينا عدم وجود معيار معين يحقق التمثيل العادل للتشكيلات، وقمنا بتعليق عملنا حتى إيجاد ألية واضحة ومحددة". وتابع: "نظراً لتجاهل قيادة الغرفة لمطالب هذه الفصائل في التمثيل العادل، وعدم الاستجابة لها رغم مضي مدة، فقد قررت الفصائل الخروج من الغرفة وإنهاء عضويتها فيها".

وكانت غرفة القيادة الموحدة تشكلت بمساعي أكبر فصيلين في الجيش الوطني، هما الجبهة الشامية، وفرقة السلطان مراد، وانضم إليهما لاحقاً العديد من الفصائل. وبدأت الغرفة عملياتها بإطلاق حملة أمنية ضد تجار ومروجي المخدرات في ريفي حلب الشمالي والشرقي، وتمكنت من اعتقال 25 شخصاً على الأقل.

وفي 23 آب/أغسطس تمكنت الغرفة من ضبط شحنة حبوب مخدرة تحوي 140 ألف حبة قادمة مناطق سيطرة النظام في ريف حلب، وإلى جانب نشاطها في محاربة المخدرات عملت الغرفة على تنسيق العمليات العسكرية ودعت إلى احترام القانون وكان من المفترض أن تستثمر نفوذها في دعم مؤسسات العمل المدني في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون بريف حلب.

وقال المستشار في إدارة التوجيه المعنوي التابعة للجيش الوطني العميد أحمد حمادة ل"المدن"، إنه "من الطبيعي أن يكون هناك بعض التعثر في عملية الدمج بين الفصائل، فالحالة الفصائلية ما تزال موجودة، والفصائل التي خرجت من الغرفة تقول أنه لم يتم إنصافها من ناحية التمثيل، بينما ينص النظام الداخلي للغرفة على عدم الخروج بشكل مفاجئ، ويجب الاحتكام إلى اللجنة المختصة، وفي الغالب سيحل الاشكال".

ولفصائل المعارضة تجربة طويلة مع محاولات الاندماج الفاشلة وغالباً ما كان الخلاف على الزعامة وتقاسم النفوذ في التشكيلات والغرف الناشئة سبباً رئيسياً في تفككها وفشلها، ويبدو أن  الأسباب ذاتها تقف خلف الانشقاق الأخير للفصائل الثلاثة عن غرفة "عزم"، وهي فصائل مؤثرة ولديها ثقل عسكري وجغرافي كبير، ففرقتا الحمزة والسلطان سليمان شاه تضمان معاً أكثر من 12 ألف مقاتل، وهما من بين أكثر الفصائل قرباً من تركيا وتحظيان بدعم كبير.

وقال الباحث في مركز جسور للدراسات محمد السكري إن "الخريطة العسكرية الفصائلية منذ تشكُل بذورها الأولى وحتى اليوم تشهد حالة من الصراع والتنافس، والانشقاق الأخير هو جزء من المشهد الفصائلي المعقد للغاية، ولم يكن مفاجئاً".

وأضاف السكري ل"المدن"، "باعتقادي أن لهذا الانشقاق أسباباً اساسية وأخرى فرعية، فالسبب الرئيس، هو الخلاف حول آليات صنع واتخاذ القرار في التشكيل الجديد، ومن الواضح أن هناك استياءً من قبل المنشقين من سيطرة الجبهة الشامية والسلطان مراد على غرفة العمليات، وامتناعهما عن مشاركة القرار مع الفصائل الأخرى التي تضمها الغرفة".

وأشار إلى أن "هناك صراعاً حول تقاسم الموارد بين المجموعات المنضوية في هذا التشكيل كما هو حال معظم الانشقاقات التي جرت سابقاً، أما الأسباب الأخرى فهي بنيوية تتعلق بعدم وجود أجسام عسكرية بالمعنى العلمي لها أي لم تستطع إلى اليوم فصائل المعارضة السورية مأسسة عملها العسكري وفق رؤية ومحددات وطنية". 

وتابع أن "حالة الانشقاقات تعكس ضياع البوصلة الثورية وغياب الرؤية الوطنية وعدم توفر البيئة المناسبة للتعاقد الاجتماعي لتحقيق أهداف الثورة وعلى هذا الاساس من المتوقع أن تبقى الحالة الفصائلية كما هي".

عقدت المعارضة آمالاً كبيرة على غرفة "عزم" باعتبارها محاولة جديدة لدمج الفصائل، وخطوة في اتجاه تمكين الإدارة العسكرية ممثلة بقيادة الجيش الوطني الذي ما يزال مظلة شكلية، وكان منتظراً من الغرفة إنهاء حالة الفوضى والفلتان الأمني في مناطق سيطرة الفصائل، والعمل على خلق نموذج إداري متكامل يكون منافساً لنموذج هيئة تحرير الشام في ادلب.

ورأى المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن "أغلب الفصائل تشكلت على أساس مناطقي أو عشائري وربما عائلي، وبالتالي فان ولاء العناصر غالباً ما يكون للمنطقة والعائلة والعشيرة، وهذا النوع من الولاء يتفوق على مستوى الولاء للثورة، ومعه يكون دمج الفصائل في جسم عسكري موحد أمراً صعباً جداً".

وأضاف العقيد بكور ل"المدن"، أن "معظم قادة الفصائل لا يتقبلون فكرة أنهم جنود للثورة، ومسألة التنازل عن الزعامة فكرة مرفوضة لدى غالبيتهم، وارتبطت أغلب الفصائل بأسماء قادتها المؤسسين ولم يتم استبدال أي قائد الا بعد وفاته، وبالتالي كانت أي محاولة اندماج محاولة يائسة ومحكومة بالفشل لأن الولاء للقائد والفصيل فقط". 

وأضاف أن "هناك الكثير من العوامل التي تتسبب عادة في فشل الاندماج بين الفصائل، أهمها طريقة توزيع المناصب القيادية، وغياب التأهيل الصحيح للقادة والعناصر بما يتناسب مع مهامهم، وعدم اتباع الأسس الإدارية الصحيحة في إدارة التشكيلات الناشئة، وتعامل الفصائل الكبرى مع الفصائل الصغيرة بطريقة تشعرهم أن الكبير يريد أن يبتلع الصغير وبالتالي تفشل عملية الاندماج".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها