الإثنين 2021/08/16

آخر تحديث: 16:20 (بيروت)

هل يضحي الجولاني بطموحه الشخصي لتحقيق الاندماج مع الفصائل؟

الإثنين 2021/08/16
هل يضحي الجولاني بطموحه الشخصي لتحقيق الاندماج مع الفصائل؟
increase حجم الخط decrease
أثارت دعوة زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إلى دمج الإدارات المدنية والعسكرية في عموم مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا تحت سلطة واحدة، الكثير من التساؤلات حول جدية الدعوة واحتمالات تحققها في ظل الانقسام والتشتت الذي تعاني منه المعارضة في مختلف قطاعات العمل المدني والعسكري والسياسي.


تحدث الجولاني خلال لقائه بعدد من المهجرين من حلب وريفها، عن نجاح تحرير الشام في خلق منظومة إدارية نموذجية كان لها الدور البارز في ضبط الوضع الأمني وتنظيم عمل المؤسسات المدنية والعسكرية في مناطق سيطرتها. وأجرى مقارنة مع مناطق سيطرة الفصائل التي قال إنها "غارقة في الفوضى والمخاطر الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والسياسية".

ودعا الجولاني المؤسسات والفصائل المدعومة من تركيا العاملة في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون إلى التخلص من حالة الفوضى وتعدد السلطات ليكون في الإمكان تحقيق اندماج كامل في مناطق المعارضة شمالي غربي سوريا، وأبدى استعداده للمساعدة للوصول إلى الهدف قائلا: "لو أرادت الفصائل التوحد فهذا ممكن ولن يقف أحد في وجههم".

وقال الجولاني أنه التقى عدداً من قادة الفصائل والوجهاء من مناطق ريف حلب، وتلقى مطالبات من الأهالي والوجهاء الذين التقاهم بدخول تحرير الشام إلى منطقة ريف حلب. وأضاف "قلنا لهم لن ندخل بدون تنسيق ورضا الفصائل والأهالي".

وتكررت رسائل تحرير الشام وتلميحاتها بالتقارب مع الفصائل، وسبق لقادة بارزين فيها أن أعلنوا عن دخولهم المتكرر إلى منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون ولقائهم بقادة الفصائل من أجل التنسيق والعمل المشترك في القطاعات الاقتصادية والأمنية والعسكرية.

وتأتي تصريحات الجولاني الأخيرة لتؤكد مساعي تحرير الشام وتضع الفصائل على المحك وتدفعها لاتخاذ موقف أمام الأوساط الشعبية المعارضة التي تداولت الأخبار في هذا الخصوص بكثافة مؤخراً.

ويرى الباحث في الجماعات الإسلامية جمعة محمد لهيب أن "الجولاني بدا براغماتياً وصاحب خطاب مختلف بشكل كلي في ظهوره الأخير، وهذا يعني أنه قد تعلم الدرس جيدا بأن الممارسة السياسية الواقعية غير النظرية".

وأضاف أن "السلفية الجهادية بعمومها كانت تعيش بالمثاليات ونزولها إلى الواقع أفرز داعش والنصرة ثم تحرير الشام. الجولاني أسس حكومة الانقاذ وبات يتفاخر بنجاحها المفترض، وهذا انقلاب صريح على أدبيات السلفية التي لا تعترف أصلاً بنموذج الحكومات المعاصرة".

وأضاف لهيب ل"المدن"، أن "المشكلة مع الجولاني تتلخص في نقطتين، الأولى تصنيفه على قوائم الإرهاب، ويجب عليه حلّها، والثانية تخليه عن فكرة الإقصاء والتغلب، والظاهر أنه يعمل عليها، ويجب مساعدته بذلك، ثم يجب عليه مراجعة تكفيره وهجومه على الفصائل وإخراج المعتقلين السابقين لديه كبادرة حسن نية".

وتابع أنه "في حال تم تجاوز هاتين النقطتين سيكون من الجيد لو انتقلت مناطق المعارضة إلى مرحلة الاندماج كخطوة أولى نحو حلحلة داخلية، ثم الانطلاق نحو تحسين العلاقة مع قسد، ثم بعد ذلك يكون نصف سوريا تقريباً مع سلتها النفطية والزراعية خارج سيطرة النظام".

وأضاف أن "بادرة الجولاني يجب أن يُبنى عليها وأن ننتقل الى المرحلة الواقعية من التعامل مع الواقع دون المتوقع". واعتبر ان "الجولاني لن يضحي بطموحه الشخصي، ويأمل في أن تنجح محاولاته في التقرب من الغرب لإزالة اسمه من لوائح الإرهاب، فهو الآن يعتبر الشخصية المحورية بالنسبة لتنظيمه، ويحاول أن يمد يده للأتراك والفصائل في منطقتي الدرع والغصن، وبالتالي يرى نفسه غير معرقل لأي جهود تهدف إلى خلق سلطة واحدة للمعارضة شمال غربي سوريا".

وحول تحاشي الفصائل إبداء أي موقف إزاء تصريحات الجولاني الأخيرة وما سبقها من مساعٍ وتقارب علني، قال لهيب إن "التقارب المفترض بين الفصائل وتحرير الشام وتطويره والبناء عليه يحتاج إلى موافقة تركية صريحة، الفصائل متخوفة من الإقدام بشكل علني على مثل هذه الخطوات التي قد تكون كارثية، فتجارب الاندماج من هذا النوع كثيرة وفي معظمها كان فاشلاً".

بدا الجولاني في تصريحاته الأخيرة متملقاً، وحاول بشكل مخادع الضغط على الفصائل لكي تعترف بالتقارب المفترض والاتصالات واللقاءات معه ومع قادة من تنظيمه، لكن الفصائل لا تزال صامتة ولم يصدر عنها أي تصريح رسمي حول التقارب المفترض الذي تحدث عنه الجولاني، وهي تواصل جدياً مساعيها لخلق سلطة نموذجية في مناطق سيطرتها مستفيدة من حالة الاستجداء التي بدت عليها تحرير الشام خلال الفترة القريبة الماضية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها