السبت 2021/06/12

آخر تحديث: 12:22 (بيروت)

أدلة تفضح منظمة فرنسية..تدعي حماية المسيحيين وتمول ميليشيات الأسد

السبت 2021/06/12
أدلة تفضح منظمة فرنسية..تدعي حماية المسيحيين وتمول ميليشيات الأسد
increase حجم الخط decrease
كشف موقع مجلة "New lines" في تقرير عن "أدلة جديدة تظهر أن منظمة SOS Chrétiens d'Orient الفرنسية غير الحكومية، كانت تمول سراً ميليشيا موالية للأسد".

وقالت المجلة في التقرير الذي ترجمه موقع "تلفزيون سوريا"، إن "المنظمة التي تصف نفسها بأنها حامية للمسيحيين المحاصرين في سوريا ولها صلات مع وزارة الدفاع الفرنسية، تبيّن أنها كانت تمول سراً ميليشيا موالية للأسد مدانة بقتل وتعذيب سوريين".

وقامت المنظمة الفرنسية بتحويل الأموال مباشرة إلى مليشيا سورية تدعم نظام الرئيس بشار الأسد ومتهمة بارتكاب جرائم حرب. وهو ما ينتهك القانون الدولي والفرنسي.

وشملت الأدلة التي تم جمعها على مدار 18 شهرًا من التحقيق في بلدان متعددة، المستندات المسربة والشهادات السرية من المبلغين عن المخالفات، والمعلومات ذات المصدر المفتوح التي تُظهر -عند تجميعها معاً- علاقة عمل وثيقة ودعماً مستمراً وجهود جمع التبرعات في فرنسا من قبل المنظمة المذكورة، والمعروفة باسم (SOSCO)، لصالح الميليشيات الموالية للأسد منذ عام 2014. وتشمل الأدلة أيضاً أثر تلك الأموال والتبرعات في ارتكاب جرائم يمكن مقاضاة مرتكبيها بموجب القانون الفرنسي، وفقًا لخبراء قانونيين فحصوا الملف.

وقال المحامي لورانس جريج المتخصص بحقوق الإنسان إن لديه ما يكفي لتقديم شكوى قانونية ضد المنظمة في المحاكم الفرنسية. "وأي شهود يريدون الإدلاء بشهادتهم - يمكننا ترتيب شهادة مجهولة لحمايتهم".

يربط تحقيق "Newlines" أيضاً "SOSCO" بقائمة من المنظمات التي تم تحديدها في رسالة كتبت في نيسان من قبل النائبة الأميركية "إليسا سلوتكين"، رئيسة لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، وتطلب من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن تصنيفها كمجموعة من مجموعات "تفوق البيض" العنيفة في الخارج. 

حتى العام الماضي، تم تصنيف "SOSCO" شريكاً لوزارة الدفاع الفرنسية، وهو امتياز مخصص عادةً لشركات مثل مقاولي الدفاع عالي التقنية، قبل أن تنهي الوزارة هذا الشراكة في 2020.

ومع ذلك، حافظت المنظمة منذ فترة طويلة على علاقات وثيقة مع اليمين السياسي المتطرف في فرنسا. تم طرد مدير العمليات في المنظمة فرانسوا كزافييه جيكويل من حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا في عام 2011 بعد أن تم تصويره وهو يقدم التحية النازية. أما تشارلز دي ماير، الشريك المؤسس ل"SOSCO"، فهو مساعد برلماني للسياسي اليميني المتطرف تييري مارياني، من حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان.

كما دفعت مزاعم سوء سلوك منظمة سوسكو العديد من المسيحيين السوريين - المجتمع نفسه الذي تدعي المنظمة أنها تساعده- الى اتهامها باختلاس الأموال بعيداً عن المساعدات الإنسانية الموعودة، والإعلان الكاذب خلال حملة جمع التبرعات، وإثارة التوترات الدينية والطائفية بين السوريين، خلال الحرب الوحشية في البلاد.

وقالت الدكتورة سميرة مبيض، نائبة رئيس المنظمة السورية "مسيحيون من أجل السلام" التي تتخذ من باريس مقراً لها، وهي منظمة غير حكومية دولية دقت ناقوس الخطر مع السلطات الفرنسية ضد منظمة "SOSCO"، إن "الرواية السياسية كانت أن الأسد قام بحماية الأقليات، وكانت هذه رواية قوية".

وقالت مبيض: "استغلت منظمة سوسكو هذه الرواية الدينية الكاذبة والمثيرة للانقسام ، وكان لهذه الديناميكية تأثير سلبي على خلق الانقسام على أسس دينية أو طائفية" ، مضيفة أن منظمتها لاحظت حملات جمع التبرعات العدوانية التي قامت بها سوسكو في فرنسا و"اتبعت الأموال"، للتأكد من مقدار ما كان يذهب إلى الأعمال الخيرية التي زعمت أنها تدعمها في سوريا.

تم توثيق العلاقة البائسة بين سوسكو ونظام الأسد، وكذلك الميليشيات الوحشية المؤيدة للأسد المتمركزة في محافظة حماة السورية، في وسائل الإعلام الفرنسية منذ أن بدأت منظمة سوسكو عملها في سوريا في عام 2013. 

ويظهر تحقيق "Newlines" أن سوسكو تقوم بتحويل مئات الآلاف من اليوروات سنوياً من فرنسا وأماكن أخرى إلى سوريا مع ظهور التحايل على العقوبات الدولية المفروضة على سوريا من خلال تحويل الأموال من خلال مؤسسات مالية وسيطة موجودة في العراق ولبنان.

العلاقة مع سيمون الوكيل
في العام 2019، تم دمج العديد من ميليشيات الدفاع الوطني رسمياً، بما في ذلك تلك التي تربطها سوسكو بعلاقة وثيقة، في وحدات عسكرية سورية مدعومة من روسيا. قبل ذلك -وفي وقت مبكر من عام 2012- كانت العديد من الميليشيات تتلقى تدريبات عسكرية ورواتب شهرية نقداً من "الحرس الثوري الإيراني".

جمعت Newlines صوراً مفتوحة المصدر ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي توثق العلاقات الوثيقة بين ميليشيا سيمون الوكيل والحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك صورة التقطها مع قائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني. وتُظهر المعلومات مفتوحة المصدر أيضاً علاقة الوكيل الوثيقة بالقادة الروس المتمركزين في حميميم. في أوائل عام 2020، حصل الوكيل وشريكه نابل العبد الله، قائد قوات الدفاع الوطني في السقيلبية، على "وسام الولاء" الجديد من القوات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية.

وقالت مبيض إن منظمة سوسكو قامت علانية بتطبيع قوات الدفاع الوطني التابعة لنظام الأسد وحجبت المعلومات عن الجرائم الجسيمة وانتهاكات حقوق الميليشيات.

محاكمة الوكيل غيابياً
يوثق تحقيق Newlines كذلك عددًا لا يحصى من جرائم الحرب السابقة والحالية التي يُزعم أن ميليشيا الوكيل ارتكبتها خلال علاقتها مع "SOSCO". ووفقاً للمحامي جريج، فإن هذه الأدلة الإضافية -جنباً إلى جنب مع الأدلة القطعية التي يُزعم أنها تربط سوسكو بميليشيا الوكيل- تسمح أيضًا للقضاء الفرنسي بمحاكمة الوكيل وميليشياته على جرائم مزعومة ضد الإنسانية، حتى لو غيابياً.

يثير التحقيق أيضًا تساؤلات حول المدى الذي يمكن أن يكون فيه أفراد SOSCO الذين يكونون أيضاً جنود احتياط فرنسيين قد قدموا للوكيل أو ميليشياته، عن قصد أو عن غير قصد، مشورة عسكرية أو إستراتيجية ميدانية خلال السنوات السبع، عبر زيارات سوسكو إلى مدينة محردة وجهود جمع التبرعات لها. 

تأسست SOSCO في فرنسا في تشرين الثاني 2013، قبل وقت قصير من مهمتها الأولى، التي أطلق عليها اسم "عيد الميلاد في سوريا". كان هدفها المعلن هو تقديم المساعدة للمسيحيين في الشرق الأوسط حيث أصبحت أجزاء من المنطقة متورطة بشكل متزايد في أعمال العنف التي أعقبت الربيع العربي.

لكن في وقت مبكر من أيامها التكوينية، ابتعدت منظمة SOSCO عن تزويد المجتمعات المسيحية بالمساعدة الإنسانية والدعم المعنوي الذي دعت إليه في الأصل لترويج أجندة سياسية يمينية ونشر معلومات مضللة، وفقًا لمؤسس المنظمة الأصلي أوليفييه ديموك، الذي أصبح الآن منفصلاً عنها. 

في مقابلة مع "NEWLINES"، أعرب ديموك عن أسفه لاستخدام "الدعاية الكاذبة" من قبل كبار العملاء منذ أيام "عيد الميلاد في سوريا". وقال: "عند عودتهم من سوريا، زعموا (زوراً) أن المسيحيين قد قُطعت رؤوسهم، مضيفين أنهم يعرفون أن هذه المعلومات كاذبة". وأضاف "عندما أثرت القضية، أخبروني أنها ستساعد في جمع التبرعات".

كذلك حصلت "NEWLINES" على تقرير غير متداول كتبه باحث عن مقاولي الدفاع الغربيين والتحالف الدولي. ويرسم التقرير، الذي يستند إلى مقابلات مفصلة مع مصادر في العراق وسوريا ولبنان، صورة دامغة عن قيام منظمة "SOSCO" بتحويل الأموال من المانحين الدوليين، وخاصة في فرنسا، إلى ميليشيات نظام الأسد مع الإفلات من العقاب، والتي يزعم التقرير أنها كانت بمثابة "سر مفتوح".

وقال التقرير: "هناك علاقة وثيقة بين سيمون الوكيل (في سوريا) وSOSCO -الكسندر جودارزي على وجه الخصوص. الذي يؤمن وصول الأموال إلى سوريا". وأضاف "ترسل دول عديدة دعماً مالياً إلى مدينة محردة، يتم توجيهها جميعاً إلى سيمون الوكيل، (الذي) أرسل تقارير إلى وزارات الخارجية في البلدان التالية (فرنسا، المملكة المتحدة، السويد، الولايات المتحدة، سويسرا) حول وضع المسيحيين والمنطقة بشكل عام. لكن هذه الدول تعلم أن هذا الدعم يذهب إلى الجماعات المسلحة. والدولة التي تستقطب منها ميليشيات الوكيل أكبر قدر من الأموال هي فرنسا، تليها المملكة المتحدة. والأموال تأتي من جمعيات خيرية مسيحية، تدرك أنها تذهب إلى العمليات العسكرية".

من أجل تحويل الأموال، حيث لم يعد النظام المالي الدولي يعمل بسبب العقوبات، كان على "SOSCO" تحويل أموالها إلى مؤسسات مالية في دول أخرى، وتحديداً العراق ولبنان، حيث لديها مكاتب إقليمية. ومن هناك، عمل "متطوعو" المنظمة ك"بغال نقود" (بحسب وصف التقرير)، حيث قاموا بحشو النقود في (مظاريف) وحملوها على ظهورهم عبر الحدود إلى سوريا، وفقاً لشهادة جمعتها "NEWLINES" من المخبرين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها