السبت 2021/01/16

آخر تحديث: 22:23 (بيروت)

مؤتمر مركز حرمون للباحثين السوريين:أي حل..لأي سوريا؟

السبت 2021/01/16
مؤتمر مركز حرمون للباحثين السوريين:أي حل..لأي سوريا؟
increase حجم الخط decrease
أكد أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون برهان غليون إن الثورة السورية انجزت نصف المهمة في اسقاط النظام السوري الذي وصفه بنظام العبودية، مشيراً إلى وجود تحديات أمام الشعب السوري في إعادة بناء دولته وكيانه بعد سقوط النظام بشكل كامل.

وقال غليون خلال أعمال "المؤتمر الأول للباحثين السوريين في العلوم الاجتماعية" والذي عقد عن طريق الإنترنت، إن التحدي الأول هو إعادة توحيد الشعب السوري بعد تشتته واصفاً وضعه ب"الممزق"، والاعتراف بحقه في تقرير المصير، مؤكداً أن السيادة تقوم على قدرة الشعب على حكم نفسه بنفسه دون انتداب أو وصاية عليه أو تقرير مصيره خلال حروب أهلية.

يعتبر هذا المؤتمر الأول من نوعه الذي تشارك فيه مجموعة كبيرة من الباحثين والمفكرين السوريين ويرفع شعار "الحرية الأكاديمية الكاملة للباحثين الاجتماعيين". نظم المؤتمر مركز حرمون للدراسات المعاصرة والجمعية السورية للعلوم الاجتماعية بالاشتراك مع مجلة قلمون.

وتحدث غليون عن الهوية السورية خلال محاضرته تحت عنوان "أما تزال الديمقراطية راهنة بعد ثورات الربيع العربي؟" معتبراً أن الهوية لا تعني إلغاء التعددية، مشدداً أن التعددية هي جزء من الهوية السورية، ولا تعني تغيير اللغة وتاريخ الشعب السوري  وثقافته الدينية، مؤكداً أن هوية أي شعب هي الذاكرة.

وحذّر غليون ممن يعمل على بناء ما يسمى ب"القومية السورية" وهي تعني أن الشعب السوري سيكون له خصائص مختلفة عن العرب، إنما يجب على الشعب السوري الاهتمام بالوطنية التي تقوم على أساس الاهتمام ببناء الوطن.

وركّز غليون في الجلسة على ضرورة إيجاد عقد اجتماعي جديد يقوم على قواعد محددة وهي الحرية والديمقراطية وتقرير المصير، إذ اعتبر أن العقد الاجتماعي الحالي للنظام يقوم على مبدأ "اذعان مقابل الاحتفاظ بحياتك وحرية مطلقة للحاكم".

من جانبه قال الباحث السوري في العلوم السياسية محمد البقاعي إن أية تسوية قادمة لحل الأزمة السورية معرضة للتخريب من جهات عدة لتعدد الفاعلين الدوليين والمحليين في الملف السوري سواء على المستوى السياسي أوعلى المستوى العسكري.

وأضاف البقاعي  إن شكل الحل القادم سيكون بالغ التعقيد، بشقيه السياسي والعسكري، "هذا التعقيد سينعكس على مستقبل أدوار القوى العسكرية الحالية".

وأشار البقاعي خلال بحثه "طرح الحل السياسي في سوريا ومستقبل القوات العسكرية ما دون الدولة - نموذجًا قوات المعارضة السورية المسلحة"، إلى فرص المعارضة العسكرية في إطار واقعها الحالي محدودة لأن تلعب دوراً رئيسياً في المستقبل، وإلى أن الانتقال من جانب المعارضة المسلحة للعمل المهني والمؤسساتي ليس حالة ترفيه أو تنظير مثالي، بل هو حاجة سياسية.
من جانبه قال مدير مركز حرمون للدراسات المعاصرة سمير سعيفان: "يعيش السوريون ظروفًا مريرة، في كل مكان، سواء في داخل سورية المقسّمة واقعياً اليوم، أو في المهجر، وهذا الواقع يحتاج إلى كثير من البحث والتحليل، إضافة إلى تحليل ما مرّ به مجتمعنا في مئة العام الأخيرة". وأكد أن "ما يمرّ به الوطن الآن من ظروف استثنائية، يحتاج إلى كثير من البحث النظري والميداني الواقعي، وعلينا دراسته على ضوء تجارب شعوب أخرى، من أجل مستقبل أفضل". 

وناقشت الجلسة الأولى أيضاً دراسةً بعنوان "التحولات داخل الفصائل الإسلامية السورية المسلحة 2011- 2021 أحرار الشام، جيش الإسلام، فيلق الشام". وقال الباحث في جامعة "أكستر" البريطانية حمزه مصطفى إن طبيعة وشكل الحركات الإسلامية للمعارضة السورية اليوم ليس كما كان خلال بداية العمل المسلح في الثورة السورية. 

وقال مصطفى: "بعد الثورة السورية، وخاصة عندما تحولت إلى العمل المسلح نهاية عام 2011، خلق مجال عام جديد، استطاعت من خلاله الحركات الإسلامية أن تكون في قالب الصراع المسلح ضد النظام، ونشأت هذه الحركات بمشاريع إسلامية، ثم بدأت في إطار تفاعلها مع الواقع، وفي إطار محاولتها لاستغلال للفرصة المتاحة من الثورة السورية، تنظيم نفسها بشكل كبير، ولكن بعد عشر سنوات لم تعد هذه الحركات التي نشأت هي نفسها، بل أصبحت أكثر نضجًا وأكثر فرحًا بمشروعها السياسي، لكنها ما تزال في قيد التحوّل". 

حملت الجلسة الثانية من اليوم الأول للمؤتمر عنوان "الحركات الدينية والطائفية"، وشارك فيها عدد من الباحثين الذين قدّموا دراسات شملت مواضيع متعددة، حيث تناولت أيضاً دراسة بعنوان "بناء الثقة بين العرب والأكراد". هذه الدراسة سلّط خلالها الباحث في القضايا الأمنية عبد الله النجار الضوء على العلاقة التاريخية بين العرب والأكراد، وأوضح أن هذه العلاقة تعرضت لأربع محطات اختبار تاريخياً، والخامسة كانت في مرحلة الثورة السورية. ورأى "أن الثورة السورية شكّلت فرصة كبيرة لإعادة اللُحمة الوطنية للنسيج الاجتماعي، إذ رأى الأكراد فيها فرصة لإنصافهم، ضمن إطار التحول الديمقراطي العام في البلاد الذي عدّوه الأسلوب الأمثل لتلبية مطالبهم، والتحقوا بالثورة بكثرة، وشكلوا التنسيقيات".
وأشار النجار إلى أن الافتراق بدأ في تشرين الثاني/نوفمبر2012، عندما دخلت فصائل الجيش الحر والفصائل الإسلامية إلى مدينة رأس العين، في حين كان حزب الاتحاد الديمقراطي في ذلك الوقت قد سيطر على الأرض، بعد تحالفه مع النظام السوري، واشتعل القتال بين الطرفين، وبدأ كل فريق يحشد حاضنته خلفه، وهذا الحشد أخذ صورة قومية، وبلغ ذروته مع ظهور تنظيم "داعش" وهجومه على عين العرب الذي قصم ظهر العلاقات العربية الكردية.

يستمرّ المؤتمر الذي يشارك فيه عددٌ كبيرٌ من الباحثين الاجتماعيين السوريين، من اختصاصات مختلفة، ثلاثة أيام، ويتيح المؤتمر للباحثين من السوريين ومن في حكمهم  تقديم أوراق علمية حول الأبحاث التي ينجزونها، أو التي أنجزوها ولم تُنشر بعد، بغض النظر عن موضوع البحث أو التخصص الأكاديمي للباحث.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها