الإثنين 2020/07/13

آخر تحديث: 16:02 (بيروت)

الصفقة الصينية-الإيرانية:مأساة الإيرانيين..ومخاوف واشنطن

الإثنين 2020/07/13
الصفقة الصينية-الإيرانية:مأساة الإيرانيين..ومخاوف واشنطن
© Getty
increase حجم الخط decrease
يرى موقع "ناشونال انترست" الأميركي أن إيران تحاول موازنة القوى من خلال اتفاق طويل المدى مع الصين، و"هو ما ستندم عليه بعدما تجد نفسها رهينة لبكين".

وتقول الصحيفة في تحليل لمايكل روبن بعنوان: "تحالف صيني-إيراني ضد ترامب؟"، إن المشكلة الحقيقية في الاتفاق الصيني-الإيراني هي أنه قد يعني للشعب الإيراني نهاية أي حلم له بالحرية، خاصة إذا ما تم جر البلاد إلى مصيدة الديون.

ويرى روبن أن التوجه الإيراني نحو الصين الآن، هو استمرار لنمط تاريخي في العلاقات الخارجية الإيرانية، حيث سعت طهران دائماً، عندما شعرت بالضعف أمام قوى خارجية، إلى اللجوء لدول آخرى تأمل أن تكون أقلّ اهتماماً بتوازن القوى الذي تشعر طهران أنها ضحية له بشكل غير عادل.

حدث ذلك منتصف القرن التاسع عشر عندما كانت بريطانيا وروسيا تتعديان عسكرياً على الحدود الإيرانية وهو ما دفع ناصر الدين شاه إلى التحول للشراكة مع النمسا، وأنشأ لهم أكاديمية عسكرية من أجل تحديث الجيش الإيراني. وتكرر الأمر في بدايات القرن العشرين، وعندها توجهت إيران إلى بلجيكا ثم إلى الولايات المتحدة. وفي وقت لاحق أدارت طهران دفّتها نحو برلين.

الشراكة المفتوحة ما بين البلدين، والتي تحدد أطرها العامة اتفاقية مكونة 18 صفحة، كانت قد نشرت تفاصيلها الجمعة، صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قائلة إن إيران والصين توصلتا إلى مشروع شراكة اقتصادية وأمنية شاملة ستسمح بتدفق مليارات الدولارات من الاستثمارات الصينية في مجال الطاقة وقطاعات أخرى إلى إيران.

وقالت الصحيفة إن اتفاق الشراكة من شأنه توسيع الوجود الصيني في قطاع البنوك والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية وعشرات المشاريع الأخرى، وستحصل الصين بموجبه على إمدادات منتظمة من النفط الإيراني بسعر مخفض على مدى 25 عاماً مقبلة.

ووفقا لتقرير "نيويورك تايمز"، فإن بنود اتفاق الشراكة تتضمن أيضا تعميق التعاون العسكري بين البلدين، مما يمنح الصين موطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط، كما تنص على الشراكة بين البلدين في مجال التدريب والبحث وتطوير الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخبارية.

ويرى روبن في مقاله ب"ناشونال انترست، أن هذه الاتفاقية، رغم أنها اقتصادية، إلا أنها تفتح الآفاق لبكين لتضع موطئ قدم لها في الشرق الأوسط، وذلك بحجة التدريبات المشتركة، ناهيك عما ستحصل عليك من إمدادات نفطية منتظمة ومنخفضة التكلفة.

لكن روبن يلفت إلى أن ما لم يتم الإشارة إليه هو أن هذه الاتفاقية تعود جذورها إلى فترة ولاية الرئيس محمود أحمدي نجاد الثانية، والتي تزامنت مع فترة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

الاتفاق وحتى منذ بدايات تشكله كان يواجه معارضة من العديد من القوى السياسية بما فيها المتشددة في إيران، حيث أعادت بعض الصحف التي تمثلهم في تموز/يوليو 2018 تداول شعارات مثل "لا للشرق ولا للغرب" وهو أحد شعارات قائد الثورة الإيرانية الخميني، وبعدها بأسابيع كانت هناك لقاءات صينية إيرانية بين قادة الأجهزة العسكرية.

وفي الوقت الحالي، يروج مسؤولون إيرانيون أن الاتفاق مع الصين سيساعد طهران على تطوير تكنولوجيا "نانو" الإيرانية، وستحدّث البرنامج الإيراني الصاروخي، وستزود البحرية الإيرانية بمرافق موانئ متطورة، ولكن في الوقت ذاته فإن أي اتفاق ينص صراحة على السماح بعقود إيجار طويلة الأجل على الأراضي الإيرانية سيسبب غضباً شعبياً، وهو ما ستسعى قيادات البلاد إلى تأجيله إلى وقت مناسب لا يمثل ذلك خطراً على شرعيتهم.

وبحسب روبن، قد يحاول المرشد ومساعدوه المباشرون العاملون في القيادة السياسية للجمهورية الإسلامية فرض مثل هذه الصفقة على أي حال، لكنهم يخلقون خطراً كبيراً على شرعيتهم. قد ينظر بعض القادة الإيرانيين إلى صفقة الصين على أنها ضربة ليس فقط للولايات المتحدة والمملكة المتحدة (التي لا يزالون مهووسين بها)، ولكن أيضاً لروسيا، ولكن هناك بالفعل قلقاً ليس فقط بين الجمهور الإيراني ولكن أيضاً بين المسؤولين الإيرانيين حول ما إذا كانت فوائد صفقة الصين تفوق المخاطر على السيادة الإيرانية. 

بعد كل شيء، في كل مرة تدين فيها الحكومة الإيرانية قوتها بقوة جديدة لمواجهة انزعاجها القديم، ينتهي الأمر بشكل سيئ للإيرانيين. قد لا يرى خامنئي ذلك، لكن الإيرانيين العاديين يرون ذلك.

المشكلة الحقيقية للولايات المتحدة ليست أن الصين ستبدأ في دعم إيران في الأمم المتحدة، فغالباً ما تفعل الصين ما تشاء على أي حال. لكن إذا كان خامنئي والرئيس حسن روحاني سيوقعان مع الصين صفقة طويلة الأمد قبل وفاة الأول، فإن الموت قد يطلق العنان لصراع الخلافة، وقد يطلق العنان لاحتجاجات ضخمة مناهضة للنظام وتدفع برغبة أكثر وتوجه إيرانيين نحو الغرب، وحينها قد تحاول بكين، التي ستصبح أكثر عدوانية، الحفاظ على ممتلكاتها عسكرياً أو تقويض انتعاش إيران بعد خامنئي عبر مصائد الديون. 

 لا تتدخل الصين في الشأن الإيراني من القمة، بالطريقة التي فعلت بها الولايات المتحدة قبل نصف قرن. قد يكون ذلك صداعاً لأي إدارة أميركية مستقبلية، لكنه سيكون مأساة أخرى للشعب الإيراني الذي يتوق إلى أن يكون حراً ويُترك وحده.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها