الثلاثاء 2020/04/14

آخر تحديث: 11:25 (بيروت)

اعتصامات ال"إم4":تحرير الشام ليست وحيدة..لكن موقفها صعب

الثلاثاء 2020/04/14
اعتصامات ال"إم4":تحرير الشام ليست وحيدة..لكن موقفها صعب
© Getty
increase حجم الخط decrease
كشفت التطورات الميدانية الأخيرة على الطريق السريع "إم4" عن حجم الخلافات بين المعارضة السورية بمختلف مكوناتها المسلحة والمدنية. وبدا الانقسام في ما بينها حول جدوى الاعتصامات والدوريات الروسية-التركية المشتركة أكثر وضوحاً بعد أن تحول الفريقان، الرافض والمؤيد، من مرحلة الجدل النظري إلى مرحلة اتخاذ الإجراءات العملية للدفاع عن مواقفهما.

انحازت هيئة "تحرير الشام" بشكل علني إلى جانب المعتصمين على الطريق "إم4"، بعد أن كانت تدعم الاعتصامات التي انطلقت منذ منتصف آذار/مارس بشكل غير مباشر ولا تتبناها رسمياً، وشنت حملة اعتقالات واسعة طالت قياديين ومقاتلين في "الجبهة الوطنية للتحرير" متهمة إياهم بمساعدة الجيش التركي في فض الاعتصام وهدم خيام المعتصمين على جانبي الطريق.

واستنفرت "تحرير الشام" كامل كوادرها العسكرية والإعلامية لمهاجمة الفصائل المعارضة، والتشهير بها، ونقل الأحداث المفترضة لعمليات فض الاعتصام من وجهة نظرها هي، أي خلق مبررات يمكن الاستناد إليها خلال التصعيد العسكري ضد الفصائل.

من الواضح أن "تحرير الشام" حددت بشكل مسبق سقفاً للتصعيد على الطريق "إم4"، وركزت في هجومها على "فيلق الشام" أكبر فصائل "الجبهة الوطنية" واستثنت باقي الفصائل من حملة الاعتقالات ودعايتها الهجومية. وتحاشى أنصارها ذكر الجيش التركي أو تحمليه مسؤولية وقوع أحداث فض الاعتصام.

وأفرجت "تحرير الشام"، ليل الاثنين-الثلاثاء، عن المحتجزين الذي اعتقلتهم خلال حملة التصعيد رداً على أحداث الطريق "إم4". وقال الدالاتي إن الهيئة أطلقت المعتقلين "لوأد نار الفتنة ولجمع الكلمة". وأضاف أن الهيئة أطلقت سراح القائد في الجبهة الوطنية، النقيب رمضان ديوب، برغم تحديه للمعتصمين وقوله "رح دخّل الروس غصب عنكم".

وفي المقابل أطلقت "الجبهة الوطنية" سراح عدد من العناصر التابعين ل"تحرير الشام" الذين اعتقلتهم رداً على حملة الاعتقالات التي طالت عناصرها.

ورداً على اتهامات "تحرير الشام" قال المكتب الإعلامي في "فيلق الشام" إن "الأخبار التي تقوم بنشرها حسابات مغرضة عن تدخل فيلق الشام في فض الاعتصام على الطريق الدولي منفية".

فصائل المعارضة في "الجيش الوطني" و"الجبهة الوطنية" تدعم فض الاعتصامات، وهي موافقة ضمناً على تسيير الدوريات المشتركة، أي دعم المساعي التركية التي تهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، وتحويله من مؤقت إلى شبه دائم، وترى الفصائل في عرقلة الدوريات وقطع الطريق من قبل المعتصمين دفعاً مقصوداً في اتجاه عودة التصعيد والعمليات العسكرية في ادلب.

فيما ترى "تحرير الشام" في الفيلق منافساً قوياً يمكن أن يحرمها المشاركة في حماية الطريق "إم4"، في حال تم اعتماده إلى عدد من فصائل المعارضة للانتشار في المنطقة على جانبي الطريق تمهيداً لتسيير الدوريات المشتركة.

كما أن محاولة فض الاعتصام بالقوة أجبر "تحرير الشام" على اتخاذ موقف صريح واتخاذ إجراءات جدية لدعم المعتصمين على الطريق واستمرار قطعه، على الأقل إلى حين حصولها على مطالبها المفترضة. 

الإدريسي، وهو قيادي في الهيئة، قال: "رغم الانتشار الكثير للجيش التركي ومدرعاته واستخدامهم للعصي والغاز المسيل للدموع والماء الملوث لفض الاعتصام إلا أن المعتصمين العزل عادوا إلى نقاط الاعتصام المتقدمة ونصبوا فيها خيمهم من جديد، شعب لا يعرف الركوع ولا الخضوع".

وقال الناشط الإعلامي عبد الفتاح الحسين، ل"المدن"، إن "الدعاية التي تروج لها تحرير الشام مكررة وغير مقنعة. اتهام الفصائل بالعمالة لتركيا وتضييعهم لدماء الشهداء، والتمهيد للمصالحة مع النظام، ونحو ذلك من اتهامات وتخوين".

وأضاف الحسين أن "الهيئة هي من طبقت الاتفاقات الروسية-التركية في ادلب، وأدخلت الجيش التركي وحمت نقاطه ومعسكراته وصولاً إلى المرحلة الراهنة، والخسارات المتتالية لصالح قوات النظام في وقت قياسي تتحمل مسؤوليتها الهيئة، وفي حال عادت المعارك بسبب حماقاتها فإنها ستكون سبباً أيضاَ في خسارة ما تبقى من ادلب".

أهداف "تحرير الشام" من دعم الاعتصامات بشكل علني وتأخير تطبيق خطوات الاتفاق الروسي-التركي تبدو أكثر تعقيداً من كونها مكاسب نفوذ وسيطرة. الهيئة تحاول الاستفادة من أزمة فيروس كورونا العالمية، والدعوات الدولية لوقف المعارك والعمليات العسكرية، وتتوقع تغييراً كبيراً في ميزان القوى في سوريا بعد انكفاء قوى دولية حليفة لنظام الأسد في حال استمرت الأزمة لأشهر طويلة. وبالتالي فإن من مصلحتها تأخير تطبيق بنود الاتفاق أطول مدة ممكنة، وبذلك تحافظ على نفوذها الحالي بدلاً من خسارته لصالح الجيش التركي والفصائل المعارضة التي يدعمها.

وقال المنشق عن "تحرير الشام"، أبو صالح الحموي، في تغريدة، إن " أكثر من 95 في المئة من الأشخاص المعتصمين على الطريق إم4، هم إداريون في الهيئة، ملزمون بالمشاركة في الاعتصام على الطريق، وذلك مقابل سلة غذائية ومصروف يومي، والموظف الذي يرفض يفصل من عمله". وأضاف أنه "لو فقه هؤلاء الجهلة أن هدف إيران هو إفشال الاتفاق للزموا بيوتهم، لم نركم تظاهرتم ضد بغي الهيئة وسفكها الدماء، إن تسيير الدوريات أمر شكلي والبديل هو اجتياح المنطقة".

في السياق، انقسمت الأوساط الشعبية المعارضة بين مؤيد للاعتصامات وقطع الطريق على الدوريات، وبين رافض لها. وليس كل المعتصمين على الطريق إم4 مدفوعين من الهيئة أو يمثلونها كما تروج فصائل المعارضة.

عدد كبير من المدنيين من أبناء مناطق جبل الزاوية وسهل الغاب جنوبي الطريق، حتى من غير المشاركين في الاعتصام يرفضون تطبيق بنود الاتفاق ويرون بأن تسيير الدوريات المشتركة الخطوة الأولى التي تمهد لخسارتهم مناطقهم لصالح النظام، في حين يرى أبناء مناطق شمالي الطريق في مدينة ادلب وريفها الشمالي والغربي أن تسهيل مرور الدوريات سيجنب ما تبقى من مناطق المعارضة حرباً قد تكون القاضية بالنسبة للمعارضة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها